قد تبدو فكرة أن يتعرق الإنسان دمًا أقرب إلى الخيال منها إلى الواقع، لكنها حالة طبية نادرة جدًا تُعرف باسم التعرق الدموي (Hematidrosis).
عبر التاريخ، أُشير إلى هذه الظاهرة عدة مرات، يُقال إن المسيح تعرق دمًا قبل صلبه، كما كتب ليوناردو دافنشي عن جندي تعرق دمًا بعد المعركة.
الهيماتيدروز أو التعرق الدموي، هو اضطراب نادر يجعل الشخص يفرز أو يتعرق دمًا من جلده دون أن يكون مصابًا أو مجروحًا.
ما تأكد في السجلات الطبية خلال القرن العشرين كان حالات قليلة جدًا من الهيماتيدروز.
الأعراض:
يظهر الدم عادةً على الوجه أو حوله، وقد يظهر أيضًا من الأغشية المخاطية مثل الأنف أو الفم أو المعدة. قد يتورم الجلد المحيط بالمنطقة الدموية أحيانًا مؤقتًا.
ترتبط بهذه الحالة اضطرابات مشابهة مثل:
- الهيمولاكريا (Hemolacria): دموع ممزوجة بالدم.
- نزيف الأذن الدموي (Blood Otorrhea): نزف دموي من الأذنين.
- من الحالات المشابهة للتعرق الدموي: الكروموهيدروز (Chromhidrosis): تعرق بألوان مختلفة غير طبيعية -أصفر أو أزرق أو أخضر أو أسود- وهي حالة مختلفة تمامًا.
غالبًا ما يتوقف النزف تلقائيًا، ولا يكون خطيرًا في معظم الحالات، لكنه قد يسبب الجفاف، إلى جانب الأثر النفسي السلبي الواضح على المصاب.
ما سبب حدوث التعرق الدموي؟
ما زال سبب هذه الحالة غير واضح، ويرجع ذلك إلى ندرتها الشديدة. لكن الباحثين يعتقدون أن لها علاقة مباشرة برد فعل الجسم المعروف باسم «الكر والفر».
الآلية المحتملة هي كالتالي:
تتعرض الأوعية الدموية الدقيقة في الجلد للتمزق، ما يسمح للدم بالتسرب إلى الخارج عبر الغدد العرقية، أو قد توجد جيوب صغيرة غير طبيعية في طبقات الجلد يتجمع بها الدم ثم يتسرب إلى البصيلات -حيث ينمو الشعر- أو إلى سطح الجلد، ليظهر في النهاية على سطح الجلد ممزوجًا بالعرق.
من المعرض لهذه الحالة؟
- قد يكون التعرق الدموي عرضًا لأمراض أخرى مثل: ارتفاع ضغط الدم واضطرابات النزيف.
- لوحظت أيضًا حالات الهيماتيدروز لدى بعض النساء خلال فترة الحيض.
- قد تكون الضغوط النفسية الشديدة، مثل التعرض للتعذيب أو للمعاملة القاسية المستمرة أو مواجهة الموت سببًا رئيسيًا للتعرق الدموي.
التشخيص:
يبدأ التشخيص بجمع معلومات مفصلة من المريض عن طبيعة النزيف ومدته وتكراره. يسأل الطبيب عن التاريخ الطبي الشخصي والعائلي، ويقيّم الحالة النفسية والاجتماعية للمصاب.
تشمل الفحوصات:
- تحاليل دم شاملة.
- اختبارات وظائف الكبد والكلى.
- فحوص تصويرية مثل الأشعة المقطعية (CT) أو الموجات فوق الصوتية حسب موضع النزف.
قد يشارك أطباء اختصاصيون في الجلد أو أمراض الدم أو مجالات أخرى.
العلاج:
يركز الطبيب على معالجة السبب المحتمل إذا أمكن تحديده لمنع تكرار الحالة. ويشمل ذلك:
- حاصرات بيتا: للسيطرة على ضغط الدم المرتفع.
- أدوية مضادة للاكتئاب أو القلق أو العلاج النفسي: لتقليل التوتر النفسي، والحد من النوبات المرتبطة بالضغط العاطفي الشديد الذي قد يسبب الحالة.
- مضادات النزيف: لعلاج اضطرابات تخثر الدم أو وقف النزيف.
غالبًا ما تكون الحالة مؤقتة، لكنها تستدعي المتابعة الطبية لتفادي المضاعفات، خصوصًا النفسية منها.
اقرأ أيضًا:
اضطراب فرط التعرق (التعرق المفرط): الأسباب والعلاج
ترجمة: أريج حسن إسماعيل
تدقيق: إيمان جابر