التقلقل الانفعالي هو نوبات من الضحك أو البكاء في أوقات غير مناسبة أو إلى حد غير مبرر في هذه المواقف. قد تحدث الحالة بعد السكتة الدماغية أو الأمراض العصبية التي تؤثر في الدماغ ووظيفته.

نتيجةً لذلك، قد يعاني المريض أعراض عدم الثبات العاطفي، ولحسن الحظ توجد خطوات تُتخذ للمساعدة على تقليل تأثير الحالة على نمط الحياة.

ما تعريف التقلقل الانفعالي طبيًا؟

التقلقل الانفعالي حالة تؤدي إلى تحولات سريعة ومتكررة وشديدة في الشعور العاطفي للشخص، وقد تظهر مثل نوبات من الضحك الشديد أو البكاء تحدث في أوقات غير مناسبة أو بحدة مبالغ فيها بالنسبة للظروف.

يُعرف أيضًا باسم التأثر القَلِق، أو التأثير البصلي الكاذب، أو الضحك والبكاء المرضي، أو المزاج المتقلب، أما المصطلح الطبي للتقلقل الانفعالي هو: اضطراب التعبير العاطفي اللا إرادي.

قد ينتقل المصابون بسرعة بين المشاعر الإيجابية مثل السعادة والفرح والإثارة والحماس والتسلية في أوقات مفاجئة، لكنهم يميلون أيضًا إلى الشعور بمشاعر سلبية أعمق من غيرهم.

تكون هذه التحولات المفاجئة في المزاج محبطة جدًا للعائلة والأصدقاء الذين يكافحون لفهم سبب هذه التغييرات وكيف يستطيعون الاستجابة لها عندما يكون الشخص المصاب بالتقلقل الانفعالي منزعجًا.

العلامات والأعراض:

يسبب التقلقل الانفعالي نوبات من البكاء أو الضحك لا يمكن السيطرة عليها، وغالبًا ما تكون غير ملائمة، أي قد لا تعكس ما يشعر به المريض حقًا في تلك اللحظات.

فقد ينفجر المريض من الضحك عند سماع نبأ وفاة أحد أفراد الأسرة، أو قد يضحك أو يبكي عفويًا دون سبب معروف.

في أوقات أخرى، قد يستجيب المريض باستجابة عاطفية صحيحة للموقف ولكن على مستوى مبالغ فيه، فقد يضحك مثلًا على تورية بسيطة أو تلاعب لفظي ابتكره أحدهم فترة طويلة جدًا أو بصوت عالٍ جدًا لا يبرره الموقف، أو يصاب بالاكتئاب الشديد إذا خسر فريقه الرياضي.

الأسباب المرضية:

قد يحدث التقلقل الانفعالي العاطفي إما بسبب إصابة في الدماغ أو حالة عصبية تؤثر في كيفية عمله. يتسبب الضرر الذي يصيب الدماغ في فقدان السيطرة على المناطق المسؤولة عن القدرة على تنظيم كيفية إظهار المشاعر وتوقيتها.

فقد تتسبب السكتة الدماغية مثلًا في تلف الدماغ وتغيير المواد الكيميائية فيه، ما قد يسبب تقلقلًا انفعاليًا، وفقًا لجمعية القلب الأمريكية.

بعد إصابة الدماغ، قد يجد المصاب أن ردوده الانفعالية الجديدة مبالغ فيها، حتى لو حدثت في الأوقات المناسبة، أي قد تكون عاطفته بمستوى أعلى من المعتاد، بما في ذلك شعور:

  •  الحزن.
  •  الإحباط.
  •  الاكتئاب.
  •  القلق.

قد تسبب كثير من الأمراض العصبية أيضًا تقلقلًا عاطفيًا، تتضمن بعض الأمثلة ما يلي:

  •  مرض الشلل الرعاش (باركنسون).
  •  مرض الزهايمر.
  •  التصلب المتعدد.
  •  التصلب الجانبي الضموري.
  •  نوبات صرع.
  •  التنكس القشري القاعدي.

قد تؤدي إصابات الدماغ الرضية أيضًا بدورها إلى اضطرابات عاطفية على شكل قلق مزمن أو انفعالات غير ملائمة، تتضمن بعض الأسباب المحتملة ما يلي:

  •  كدمة.
  •  صدمة قوية في الرأس.
  •  الحرمان من الأوكسجين.
  •  وذمة دماغية.
  •  عدوى في الدماغ.
  •  إصابة تخترق الجمجمة وتؤثر في الدماغ.
  •  كسر في الجمجمة.
  •  ورم دموي.

يُلاحظ التقلقل الانفعالي أيضًا عند الأشخاص ذوي الاضطرابات الشخصية مثل اضطراب الشخصية الحدية، وقد يحدث أيضًا في حالات مثل الاضطراب ثنائي القطب واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD).

الآثار الجانبية للأدوية متهمة أيضًا ببعض حالات التقلقل الانفعالي، مثل بعض مضادات الاكتئاب، وتعاطي المواد مثل الكحول والماريجوانا والإكستاسي والفينول الخماسي الكلور، فكلها قد تسبب هذه الحالة الانفعالية القلقة.

تأثير التقلقل الانفعالي على نوعية الحياة:

غالبًا ما يشعر الأشخاص ذوو التقلقل الانفعالي كما لو أن كل من حولهم أفضل أو أكثر نجاحًا مما هم عليه. قد يحسدون الآخرين الذين لديهم أصدقاء أو علاقات أو أشخاص يحترمونهم.

يتجنب هؤلاء الأشخاص الأنشطة الاجتماعية أو الأحداث المهنية لأنهم يعرفون أن مزاجهم قد يعيق طريقهم في بدء العلاقات الاجتماعية. يؤثر ذلك بطبيعة الحال في إحساس الشخص بقيمة الذات وثقته بنفسه.

العلاج والتأقلم:

يعتمد علاج الضعف العاطفي على السبب الأساسي، فقد يصف الطبيب مثلًا مضادات الاكتئاب للمساعدة على التقلبات المزاجية المرتبطة بالاكتئاب أو الاضطراب ثنائي القطب.

توجد عدة طرق للتأقلم مع حالات التقلقل الانفعالي أو مساعدة المصابين على التعامل معها، ومن الطرق التي قد تسهم في تخفيف حدة الحالة:

 معرفة المحفزات وتجنبها:

تُعرف المحفزات بأنها أي نوع من التعرض يسبب أعراض الضحك أو البكاء ويحفز ظهورها. ويساعد تحديد المحفزات على السعي إلى تجنبها أو تطوير استراتيجيات للتكيف عند التعرض لها للوقاية من نوبات التقلقل الانفعالي. تشمل بعض هذه المثيرات ما يلي:

  •  الضغط.
  •  القلق.
  •  المواقف المضحكة أو الحزينة.
  •  التعب المفرط.
  •  المواقف التي تتضمن التوتر، مثل التحدث أمام الجمهور أو التحدث في الهاتف مع الآخرين.
  •  الاستراحات والفواصل:

على المصاب دومًا تجنب المحفزات قدر الإمكان، لكن حين الوقوع بها لأي سبب كان، يفضل وقتها أخذ فواصل واستراحات، ينقطع فيها عن السبب الذي يؤدي إلى الضحك أو البكاء، وذلك بالقيام بسلوكيات مثل تخيل أماكن تساعد على الشعور بالهدوء والاسترخاء أو الابتعاد عن مصدر التحفيز.

  •  التخطيط للمستقبل بتمعن:

يقدم التخطيط مساعدة جيدة على تجنب الأنشطة أو المواقف التي قد تؤدي إلى التقلقل الانفعالي، كالتخطيط لأنشطة أقصر مدةً في بيئة هادئة تمنع المحفزات وتمنح الشعور بالراحة.

  •  طلب الاستشارة في الوقت المناسب:

قد تكون الاستشارة خيارًا جيدًا بالنسبة للمرضى الذين يعانون الكثير من المشاعر الحديثة غير المضبوطة؛ بعد ظهور إصابة مفاجئة أو سكتة دماغية أو عند التعامل مع مرض التصلب العصبي المتعدد.

تساعد الاستشارة على التعامل مع المشاعر والتصرف في المواقف المحفزة، وتقديم استراتيجيات تأقلم إضافية للمساعدة في حالات عدم الثبات الانفعالي.

  •  نشر الثقافة للمحيطين:

في بعض الأحيان قد يكون التحدث بصراحة هو أفضل خيار للمصاب. عندما يخبر الأشخاص حوله عن ردود أفعاله العاطفية، يستطيع حينها الحصول على مساعدة أفضل، وفهم الآخرين لحالته، ولسبب بدء الضحك أو البكاء في أوقات عشوائية.

لا يجب على المريض مشاركة تفاصيل لا يشعر بالراحة تجاهها، ولكن قد يجد أنه من المريح معرفة أن الأشخاص المحيطين به سيعرفون سبب بدء الضحك أو البكاء في أوقات معينة ويتفهمون الحالة التي يمر بها.

  •  تغيير المواضيع أو الأنشطة:

عندما يلاحظ الشخص أن موضوعًا معينًا للمحادثة أو النشاط يثير ضحكه أو بكائه أكثر من مرة، في هذه الحالة قد يجد أن تبديل موضوع المحادثة أو أداء نشاط جديد سيسهم في تحويل انتباهه بعيدًا عن المشكلة المحفزة.

  •  تجربة بعض الأساليب المعرفية:

قد تساعد كثير من الاستراتيجيات المستخدمة التي تُطبَّق في أثناء العلاج المعرفي في القدرة على التعامل مع التقلقل الانفعالي. قد تشمل بعض هذه الأساليب القيام بنشاط بدني مثل المشي، وتمارين التنفس والاسترخاء.

  •  الأدوية:

لا توجد الكثير من الأدوية المعتمدة للاستخدام في حالات التقلقل الانفعالي. والدواء الوحيد المعتمد من إدارة الغذاء والدواء هو مزيج من ديكستروميثورفان هيدروبروميد وكينيدين سلفات المعروف باسم dextromethorphan، إذ أظهرت التجارب السريرية تأثيرًا ذا دلالة إحصائية في تقليل عدد نوبات الضحك والبكاء مقارنةً بمجموعات الدواء الوهمي.

قد يصف الطبيب أيضًا جرعات منخفضة من مضادات الاكتئاب، مثل مثبطات إعادة استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) أو مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات (TCAs).

الخلاصة:

إذا تسببت أعراض التقلقل الانفعالي العاطفي في حدوث مشكلات في الأماكن الاجتماعية أو المهنية، فيُنصح وقتها بالتحدث إلى معالج نفسي والبحث معه عن خيارات العلاج المتوفرة. وإذا كان لدى الشخص قلق بشأن تقلبات مزاج أحد أفراد محيطه وانفجاراته العاطفية، فعليه التحدث معه بصراحة وإرشاده للحصول على المساعدة من المتخصصين الذين يستطيعون تقديم الدعم لمثل هذه الحالات.

اقرأ أيضًا:

هل تستطيع ألعاب الواقع الافتراضي تحسين الصحة العقلية من خلال مكافحة القلق؟

كيف يؤثر تدخين الماريجوانا في الذكاء العاطفي؟

ترجمة: لمك يوسف

تدقيق: محمد حسان عجك

المصادر: 1 2