ما الدين العام؟ ومتى يكون مرتفعًا أكثر مما ينبغي؟

يُعرَّف الدين العام بالمبلغ الذي به تدين أي دولة للمقرضين. ويمكن أن يشمل هذا الأفراد، الأعمال التجارية، وحتى الحكومات الأخرى. فغالبًا ما يستخدم مصطلح “الدين العام” بالتبادل مع مصطلح “الدين السيادي”.

فالدين العام لا يشير عادة إلا إلى الدين الوطني. وتتضمن بعض البلدان أيضا الديون المستحقة على الولايات والمقاطعات والبلديات. لذا، يتعين توخى الحذر عند مقارنة الدّين العام بين الدول للتأكد من تطابق التعريفات.

وبغض النظر عما يسمى الدين العام فهو تراكم العجز السنوي في الميزانية. إنه نتيجة سنوات من إنفاق قادة الحكومة أكثر مما يحصلون عليه عبر عائدات الضرائب. والجدير بالذكر أن عجز الدولة يؤثر على ديونها والعكس صحيح.

الدين العام مقابل إجمالي الدين الخارجي

الدين الخارجي هو المبلغ المستحق للمستثمرين الأجانب من قبل كل من الحكومة والقطاع الخاص.

صحيح أن الدين العام يؤثر على الدين الخارجي، ولكنهما أمران مختلفان. إذا ارتفعت أسعار الفائدة على الدين العام، فإنها بالمقابل سوف ترتفع أيضا في كل الديون الخاصة. وهذا هو أحد الأسباب التي تدفع أغلب الشركات إلى الضغط على الحكومات لحملها على إبقاء الدين العام ضمن نطاق معقول.

متى يكون الدين العام جيدًا؟

في الأمد القريب، يشكل الدين العام وسيلة جيدة للبلدان للحصول على أموال إضافية للاستثمار في نموها الاقتصادي. إذ يشكل الدين العام وسيلة آمنة بالنسبة للناس للاستثمار في نمو دولة أخرى بشراء السندات الحكومية. وهذا أكثر أمانًا من الاستثمار المباشر الأجنبي، أي عندما يشتري الناس من بلدان أخرى 10٪ على الأقل من الفوائد في شركات البلاد، أو أعمالها، أو عقاراتها.

وهي أيضًا أقل خطورة من الاستثمار في الشركات العامة عبر سوق الأوراق المالية. إن الدين العام يكتسب جاذبية لدى المستثمرين الكارهين للمجازفة، وذلك لأنه مدعوم من قبل الحكومة ذاتها.

عندما يستخدم الدين العام بشكل صحيح فإنه قادر على تحسين مستويات المعيشة في أي بلد، ويسمح هذا للحكومة ببناء طرق وجسور جديدة وتحسين التعليم والتدريب على العمل وتوفير معاشات التقاعد، وهذا من شأنه أن يشجع الناس على إنفاق المزيد الآن بدلًا من الادخار للتقاعد. ويعمل هذا الإنفاق على تعزيز النمو الاقتصادي.

متى يكون الدين العام سيئًا؟

تميل الحكومات إلى تحمل قدر أكبر مما ينبغي من الديون لأن الفوائد تجعلها أكثر شعبية بين الناخبين، فزيادة الديون تسمح لقادة الحكومة بزيادة الإنفاق من دون زيادة الضرائب، إذ يقيس المستثمرون عادةً مستوى المخاطر بمقارنة الديون بالناتج الاقتصادي الإجمالي لأي دولة، الذي يقاس بمؤشر الناتج المحلي الإجمالي “GDP “. وتعطي نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إشارة إلى مدى احتمال سداد البلاد لديونها.

عندما يقترب الدين من مستوى حرج، يبدأ المستثمرون عادة في المطالبة بأسعار فائدة أعلى. فهم يريدون المزيد من العائدات في مقابل قدر أعظم من المخاطر. وإذا استمرت الدولة في الإنفاق، فقد تتلقى سنداتها تقييمًا ائتمانيًا أقل. ويشير ذلك إلى مدى احتمال تخلف البلد عن سداد ديونها، فمع ارتفاع أسعار الفائدة يصبح من الأسهل على أي بلد أن تعيد تمويل ديونها القائمة. وبمرور الوقت، لابد أن يتجه الدخل أكثر نحو سداد الديون، وأقل نحو الخدمات الحكومية. وكما حدث في أوروبا، فإن سيناريوهات كهذه من الممكن أن تؤدي إلى أزمة ديون سيادية.

وكما ذكرنا فإن الدين العام الضخم يدفع المستثمرين في الأمد البعيد إلى رفع أسعار الفائدة مقابل زيادة خطر التخلف عن السداد. وهذا من شأنه أن يجعل مكونات التوسع الاقتصادي -مثل الإسكان، ونمو الأعمال، وقروض السيارات- أكثر تكلفة. ولتجنب هذا العبء، يتعين على الحكومات أن تجد بكل عناية هذه الموازنة في الديون العامة، إذ لا بد أن يكون الدين العام ضخمًا بالقدر الكافي لدفع النمو الاقتصادي وصغيرًا بالقدر الكافي لإبقاء أسعار الفائدة منخفضة.

الدين العام الأمريكي

تدير وزارة الخزانة الأمريكية الدين الأمريكي من خلال مكتبها للخدمة المالية. وهو يقيس الديون التي يمتلكها عامة الناس بشكل منفصل عن الديون داخل الحكومة. ومعًا، تشكل الديون التي يحتفظ بها العامة والديون الحكومية الداخلية الدين الوطني.

ويشمل الدين العام سندات الخزانة والأوراق المالية والسندات التي يشتريها المستثمرون، ويمكن أن تصبح مالكًا للدين العام بشراء سندات الادخار والسندات المالية المحمية ضد التضخم.

في عام 2021، بلغت ديون عامة الناس أكثر من 22 تريليون دولار. فقد بلغ إجمالي الدين الوطني العديد من المعالم المهمة على مر السنين. على سبيل المثال، قفز من 23 تريليون دولار في أكتوبر 2019 إلى أكثر من 29 تريليون دولار بحلول ديسمبر 2021. وهذا أكثر من 5 تريليون دولار في سنة ونصف فقط. وفي عام 2021 كان الدين الوطني أيضًا حوالي 125% من الناتج المحلي الإجمالي وهو أعلى كثيرًا من نقطة التحول المقترحة التي تبلغ 77%، وهذا من شأنه أن يجعل أصحاب الديون الأميركية يصرون على رفع أسعار الفائدة.

تعد اليابان أكبر مالك للديون الأمريكية من الخارج، وتحتل الصين المرتبة الثانية، فكلا البلدين يصدّران كثيرًا إلى الولايات المتحدة، ومن ثم يحصلان على كثير من الدولارات كمدفوعات، ويستخدمون هذه الدولارات لشراء سندات الخزانة كاستثمار آمن.

وفي حين أن المستثمرين الأجانب مثل اليابان والصين يحتفظون بكمية كبيرة من الدّين العام الأمريكي، فإن الشريحة الأكبر لمالكي الدين العام محليا تتضمن دافعي الضرائب الأمريكيين من خلال الضمان الاجتماعي.

كيف يؤدي العجز إلى الدين العام؟

ويحدث العجز عندما لا تجلب الحكومة القدر الكافي من العائدات لتغطية كل الإنفاق الذي تخطط لتنفيذه. وإذا لم تبادر الحكومة إلى تخفيض إنفاقها، فإنها تقترض أموالًا من مصدر آخر لسد فجوة العجز، وهذا الاقتراض يخلق دينًا لا بد من سداده في النهاية.

كيف يُحسب الدين العام؟

يمكن تقدير الدين العام بسرعة بإضافة عجز في الموازنة (أو خصم الفوائض) على مدى السنوات التي يُراد قياسها. وهذا لا يفسر تفاصيل مثل تكلفة خدمة الديون، لذا فإن بعض المحللين يفضلون أن يضيفوا كل فئات الموازنة على حدة، وتشمل هذه الفئات سندات الدين والمعاشات التقاعدية وغيرها من الحسابات المستحقة الدفع.

اقرأ أيضًا:

كيف تخفض الحكومات الدين العام؟

أزمة الديون الأوروبية

ترجمة: عمرو سيف

تدقيق: بدور مارديني

المصدر