ما الذعر المصرفي؟

يحدث الذعر المصرفي bank run عندما يسحب عدد كبير من عملاء البنك -أو أي مؤسسة مالية أخرى- ودائعهم في ذات الوقت، بسبب خوفهم من عدم قدرة البنك على الدفع، وكلما زاد عدد الأشخاص الذين يسحبون أموالهم، زاد احتمال التخلف عن السداد، ما يدفع المزيد من الأشخاص إلى سحب ودائعهم، وفي الحالات القصوى تصبح احتياطيات البنوك غير كافية لتغطية عمليات السحب.

الذعر المصرفي - عدم قدرة البنك على الدفع - في الحالات القصوى تصبح احتياطيات البنوك غير كافية لتغطية عمليات السحب - استمرار الأفراد في سحب أموالهم

مفهوم الذعر المصرفي

يحدث عندما يسحب عدد كبير من الناس أموالهم من البنوك، خوفًا من نفاد الأموال لدى المؤسسات، ويكون الذعر المصرفي عادةً نتيجة الهلع وليس نتيجة إفلاس حقيقي، ويُعَد حصول الإفلاس الحقيقي بسبب الذعر المصرفي مثالًا لنبوءة تتحقق ذاتيًّا self-fulfilling prophecy، إذ يتخلف البنك عن السداد مع استمرار الأفراد في سحب أموالهم، أي أن الهلع من شيء غير حقيقي يتحول في النهاية إلى وضع تخلف عن الدفع حقًّا.

لا تحتفظ أكثر البنوك بسيولة نقدية كبيرة في فروعها، إذ تلتزم أكثر المؤسسات المالية حدًّا معينًا لمقدار ما يمكن تخزينه في خزائنها يوميًّا، بناءً على الحاجة ولأسباب أمنية، ويضع الاحتياطي الفيدرالي حدودًا نقدية للمؤسسات أيضًا، فتُستخدم الأموال الموجودة لديهم في الدفاتر في الإقراض والاستثمار.

ولأن البنوك لا تحتفظ عادةً سوى بنسبة محدودة من الودائع سيولةً نقدية، تلجأ إلى زيادة محتوى صندوقها النقدي لتلبية متطلبات السحب، بعدة طرق منها بيع الأصول، أحيانًا بأسعار أقل بكثير مما لو كان البيع طبيعيًّا.

قد تؤدي الخسائر الناتجة عن بيع الأصول بأسعار منخفضة إلى إفلاس البنك، وهو ما قد يحدث عندما تتعرض عدة بنوك للذعر المصرفي في نفس الوقت.

أُنشِأت مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية (FDIC) سنةً 1933 استجابةً للذعر المصرفي.

مواجهة الذعر المصرفي

استجابةً للاضطرابات التي شهدتها ثلاثينيات القرن العشرين، اتخذت الحكومات عدة خطوات لتقليل مخاطر الذعر المصرفي مستقبلًا، لعل أهمها كان تحديد متطلبات الاحتياطي، التي تنص على أن تحتفظ البنوك بنسبة مُحددة من إجمالي الودائع المتاحة نقدًا.

إضافةً إلى ذلك، أنشأ الكونغرس الأمريكي مؤسسة (FDIC) سنة 1933، استجابةً لإخفاقات البنوك في السنوات السابقة، تؤمن هذه الوكالة الودائع المصرفية ، مُحافِظةً على الاستقرار والثقة العامة في النظام المالي الأمريكي.

لكن أحيانًا تحتاج البنوك إلى اتباع نهج أكثر استباقية في مواجهة الذعر المصرفي، من طريق:

  1.  التباطؤ: تُغلق البنوك أبوابها فترةً في مواجهة الذعر المصرفي، للحد من إقبال الأشخاص على سحب أموالهم، مثل القرار الذي اتخذه الرئيس فرانكلين روزفلت سنة 1933، إذ أعلن إغلاق البنوك مؤقتًا وأمر بإجراء عمليات تفتيش لضمان استيفاء البنوك لمتطلبات الاستمرار في العمل.
  2.  الاقتراض: قد تقترض البنوك من مؤسسات أخرى إذا لم يكن لديها احتياطيات نقدية كافية، ما قد يقيهم الإفلاس.
  3.  تأمين الودائع: يصبح الذعر محدودًا عندما يعلم الناس أن ودائعهم مؤمنة من طريق الحكومة، وهو ما حدث منذ إنشاء (FDIC).

مهم: تمثل البنوك المركزية الملاذ الأخير لإقراض البنوك في الأزمات مثل الذعر المصرفي.

أمثلة على الذعر المصرفي

أدى انهيار سوق الأسهم سنة 1929 إلى حدوث سلسلة من الذعر المصرفي في جميع أنحاء البلاد، ما أدى إلى الكساد العظيم the Great Depression، ومثلت سلسلة الذعر المصرفي التي حدثت لعدة بنوك بين عامي 1929 و1930 تأثير الدومينو domino effect، لأن أخبار فشل أحد البنوك أفزعت عملاء البنوك الأخرى، ما دفعهم إلى سحب أموالهم، مثلًا أدى فشل أحد بنوك ناشفيل Nashville إلى نطاق ضخم من الذعر المصرفي في البنوك الأخرى في كل ولايات الجنوب الشرقي.

مثال آخر حدث في فترة الكساد بسبب الشائعات التي تداولها العملاء، في ديسمبر 1930، نشر أحد المستثمرين من نيويورك -بعد أن نصحه بنك الولايات المتحدة بعدم بيع أسهم معينة- خبر أن البنك غير راغب أو غير قادر على بيع الأسهم، وفسر ذلك بأنه علامة على الإفلاس، ما دفع عملاء البنك للاصطفاف بالآلاف، وفي غضون ساعات قليلة سحبوا أكثر من مليوني دولار.

اقرأ أيضًا:

العجز الاقتصادي: ماذا يعني وكيف يحدث وما مخاطره؟

المؤشر الاقتصادي والتنبؤ باقتصاديات السوق

ترجمة: شولميث أبانوب

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: أكرم محيي الدين

المصدر