يبشّر باحثو جامعة «جونز هوبكنز» بعهد من «الذكاء العضوي» الذي سيمنحنا حواسيب أسرع وأكفأ وأقوى، مقارنةً بالحواسيب التقليدية والذكاء الاصطناعي.

وفقًا لباحثي جامعة جونز هوبكنز، فإن جهاز حاسوب يعمل على خلايا الدماغ البشري سيُطوَّر في غضون عقود، ويتوقع الباحثون أن هذه التقنيات ستوسع قدرات الحوسبة الحديثة أضعافًا، وستخلق مجالات جديدة للدراسة.

نشر العلماء خطتهم بشأن الذكاء العضوي في بحث نُشر في فبراير 2023 في مجلة (Frontiers in Science).

يقول قائد البحث، الأستاذ في كلية وايتينغ للهندسة توماس هارتنج: «لطالما قادت الحوسبة والذكاء الاصطناعي الثورة التقنية، لكنهما يبلغان الآن ذروتهما. الحوسبة الحيوية هي نتاج جهد هائل من دمج الطاقة الحاسوبية وزيادة كفاءتها من أجل دفع قدراتنا التقنية إلى حدها الأقصى».

على مدار عقدين، استخدم العلماء عضيّات بالغة الصغر -أنسجة نُميت في المختبرات تشبه الأعضاء مكتملة النمو- بهدف إجراء التجارب على الكلى والرئتين وأعضاء أخرى، دون اللجوء إلى اختبار الحيوانات أو البشر. عمل هارتنج وفريقه على عضيات دماغية، وهي أجسام مستديرة دقيقة تحوي خلايا عصبية وخصائص تمكنها من الاحتفاظ بالوظائف الأساسية مثل التعلم والذاكرة.

يقول هارتنج: «يفتح ذلك أفقًا للبحث في كيفية عمل الدماغ البشري. إذ يمكن التلاعب في النظام الحاسوبي، وهو أمر محظور أخلاقيًا فعله بالدماغ البشري».

عام 2012، بدأ هارتنج بتنمية خلايا الدماغ وتجميعها في عضيات وظيفيةـ مستخدمًا عينات خلوية من جلد الإنسان أُعيدت برمجتها إلى حالة شبيهة بالخلايا الجذعية الجنينية، تحتوي كل عضيّة نحو 50,000 خلية، وهي بحجم الجهاز العصبي لذبابة الفاكهه، ويُخطط الآن لتصميم حاسوب مستقبلي قائم على مثل هذه العضيات الدماغية.

في غضون العقد القادم، قد تبدأ الحواسيب التي تعمل بهذا «الجهاز البيولوجي» بالتخفيف من متطلبات استهلاك الطاقة اللازمة للحوسبة الفائقة، التي أصبحت غير مُستدامة بتزايد. تُجري الحواسيب العمليات الحسابية التي تتضمن الأرقام والبيانات أسرع من البشر، لكن الدماغ البشري ما زال أذكى فيما يتعلق بالتفكير المنطقي.

يقول هارتنج: «ما زال الدماغ البشري لا مثيل له بين الحواسيب الحديثة. فرونتير، وهو أحدث حاسوب عملاق في كنتاكي، تبلغ قيمته 600 مليون دولار ويشغل مساحة 6800 قدمًا مربعًا، تجاوز لأول مرة القدرة الحسابية لدماغ بشري واحد، لكن باستخدام طاقة أكبر بمليون ضعف».

يقول هارتنج أن الأمر قد يستغرق عقودًا قبل أن يستطيع الذكاء العضوي تشغيل نظام بمستوى ذكاء فأر، لكن بزيادة إنتاج العضيات الدماغية وتدريبها بالذكاء الاصطناعي، فإننا نأمل بمستقبل تدعم فيه الحواسيب الحيوية الحوسبة الفائقة، من حيث السرعة وقوة المعالجة وكفاءة البيانات وقدرات التخزين.

«سيستغرق الأمر عقودًا قبل أن نحقق هدفنا بصنع شيء يمكن مقارنته بأي نوع من الحواسيب، وإن لم نبدأ بإنشاء برامج تموّل ذلك، سيكون الأمر أصعب بكثير».

تقول الباحثة المشاركة لينا سميرنوڤا: «قد يُحدث الذكاء العضوي ثورةً في مجال أبحاث تجريب العقاقير والأدوية المتعلقة باضطرابات النمو العصبي والتنكس العصبي».

«نريد أن نقارن العضيات الدماغية المأخوذة من متبرعين أصحاء بتلك المأخوذة من متبرعين مصابين بالتوحد. الأدوات التي نطورها في الحوسبة الحيوية ستسمح لنا بفهم التغيرات في الشبكات العصبية الخاصة بمرضى التوحد، دون الاضطرار لاستخدام الحيوانات أو المرضى من البشر، وعندها يمكننا فهم الآليات الكامنة وراء مشكلات الإدراك والضعف عند المرضى».

انضم للفريق مجموعة من العلماء ومختصي الأخلاق وأشخاص من العامة، وذلك لتقييم الآثار الأخلاقية للعمل مع الذكاء العضوي.

اقرأ أيضًا:

حاسوب ذكي ينجح بفك شيفرة النشاط الدماغي

قفزة مهمة نحو جيل جديد من واجهة الدماغ والحاسوب

ترجمة: ميس مرقبي

تدقيق: بتول جنيد

المصدر