يتزايد الدور الذي تؤديه الروبوتات في حياتنا يومًا بعد يوم، لكن هذا الأمر قد يتحول إلى مصدر خطر مع مرور الوقت، خاصة مع ظهور الروبوتات القاتلة التي قد تستهدف البشر في المستقبل؛ أي أنه من الممكن أن تصبح الروبوتات في المستقبل القريب قادرةً على اختيار الأهداف ومهاجمتها دون أي تدخل من البشر.

وكيف يمكن لهوليوود أن تظل صامتةً؟ فقد كانت هناك العديد من الأفلام التي ترتكز قصتها على الكائنات التي يمكن أن تحاكي الذكاء البشري. قد تفترض أن هوليوود جيدة في التنبؤ بالمستقبل.

يروي روبرت والاس رئيس مكتب الخدمات التقنية في وكالة المخابرات المركزية الأميركية، كيف سيشاهد الجواسيس الروس أحدث أفلام جيمس بوند لمعرفة التقنيات التي قد تواجههم في المستقبل. يُذكر أن شخصية جيمس بوند هي شخصية خيالية لعميل بريطاني سري يعمل لدى فرع MI6.

من أحدث أفلام هوليوود التي تعرض الروبوتات القاتلة هي دراما لروبوت جنسي في قاعة المحكمة اسمه دولي Dolly، الذي سيعرض على قناة آبل، استنادًا إلى قصة قصيرة كتبتها إليزابيث بير في عام 2011؛ تروي قصة مؤامرة تتعلق بقتل ملياردير على يد روبوت جنسي، ثم طلبه محاميًا للدفاع عن أفعاله القاتلة.

دولي هو الأحدث في سلسلة طويلة من الأفلام التي تعرض الروبوتات القاتلة، بما في ذلك ظهور HAL حاسوب الذكاء الاصطناعي العملاق في فيلم ملحمة الفضاء Space Odyssey عام 2001، والروبوت T-800 المختص بالقتل الذي ظهر في أفلام المدمّر terminator وجسّده الممثل أرنولد شوارزنيجر، فيما ظهر الصراع بين الروبوتات والبشر في أول وأطول فيلم خيال علمي، وهو فيلم ميتروبوليس عام 1927 للمخرج فريتز لانغ.

لكن كل تلك الأفلام تفهم الروبوتات بشكل خاطئ، لأن الروبوتات القاتلة لن تكون روبوتات بشرية حساسة ذات نوايا شريرة. ربما ذلك يُصنع من أجل عرض قصة درامية تنال نجاحًا كبيرًا في شباك التذاكر، لكن لنأخذ في الحسبان أن هذه التقنيات على بعد عدة عقود، إن لم يكن قرونًا.

ربما ترسم الصورة الأكثر دقةً للمستقبل الحقيقي للروبوتات القاتلة تلك الأفلام التي تتميز بظهور طائرات مسلحة دون طيار مثل Angel has Fallen عام 2019، وEye in the sky عام 2015.

أما فيما يخص ظهور هذه التقنيات، فقد بدأت في الظهور في ساحة المعركة اليوم في أماكن مثل: أوكرانيا، وناغورنو كاراباخ. إذ نرى في الأخبار كيف تتحول الحرب التقليدية إلى حرب حديثة بواسطة المزيد من الطائرات دون طيار والدبابات، والسفن، والغواصات الآلية. هذه الروبوتات أكثر تعقيدًا؛ تُسلَّم قرارات تحديد الأهداف وتتبعها وتدميرها إلى خوارزمياتها.

لكن هذا يأخذ العالم إلى مكان خطير مع مجموعة من المشكلات الأخلاقية والقانونية والتقنية. فمثل هذه الأسلحة على سبيل المثال ستزيد من اضطراب وضعنا الجغرافي السياسي المضطرب أصلًا. نرى تركيا تبرز كقوة رئيسية للطائرات من دون طيار، وتتجاوز مثل هذه الأسلحة الخط الأحمر الأخلاقي ليتحول العالم إلى عالم فظيع، ومرعب تقرر فيه الآلات غير الخاضعة للمساءلة من يعيش ومن يموت.

لكن بدأ مصنعو الروبوتات في التراجع عن هذا المستقبل، حيث تعهدت الأسبوع الماضي ست شركات رائدة في مجال الروبوتات بأنها لن تقوم بتسليح منصات الروبوتات مطلقًا، من بينها شركة بوسطن ديناميكس التي تصنع روبوت أطلس البشري الذي يمكنه أداء قفزة خلفية رائعة، والروبوت الكلب سبوت الذي يبدو وكأنه خرج مباشرة من سلسلة Black mirror.

هذه ليست المرة الأولى التي تتحدث فيها شركات الروبوتات عن هذا المستقبل المقلق، فقبل خمس سنوات نُظّمت رسالة مفتوحة موقعة من إيلون ماسك، وأكثر من 100 من مؤسسي شركات الذكاء الاصطناعي والروبوتات، تدعو الأمم المتحدة إلى تنظيم استخدام الروبوتات القاتلة، حتى أن الرسالة دفعت البابا إلى المركز الثالث في جائزة نزع السلاح العالمية.

وعلى الرغم من كل تلك التعهدات من قبل الشركات بعدم تسليح الروبوتات، فقد رأينا مسبقًا بنادق تُركّب على نسخ من الروبوت سبوت التابع لشركة بوسطن ديناميكس، وقد أثبتت هذه الروبوتات فاعليتها في العمل. ورأينا اغتيال أكبر عالم نووي إيراني على يد عملاء إسرائيليين باستخدام رشاش آلي في عام 2020.

الطريقة الوحيدة التي يمكننا بها حماية عالمنا من هذا المستقبل المرعب هي أن تتخذ الدول إجراءات جماعيةً، كما فعلت تجاه الأسلحة الكيماوية والبيولوجية، وحتى الأسلحة النووية.

ربما لن يكون هذا التنظيم مثاليًا، لكنه سيمنع شركات الأسلحة من البيع العلني لهذه الأسلحة، وبالتالي ستحد من انتشارها. وقد دعت عشرات الدول بالفعل الأمم المتحدة إلى تنظيم استخدام الروبوتات القاتلة، إذ دعا البرلمان الأوروبي والاتحاد الأفريقي والأمين العام للأمم المتحدة والحائزون على جائزة نوبل للسلام وقادة الكنيسة والسياسيون وآلاف الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات إلى التنظيم. لكن استراليا لم تكن من داعمي هذه الدعوة، فرؤية قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالإجماع: أن استكشاف آثار التكنولوجيا الجديدة والناشئة، مثل الأسلحة الآلية المترتبة على حقوق الإنسان هو أمر مهم أكثر من تعهد الشركات.

اقرأ أيضًا:

إيجاد الأرضية الأخلاقية المشتركة في تعامل البشر مع الروبوتات الذكية مستقبلًا

إنه عصر الروبوتات الجنسية، فما المخاطر المحتملة؟

ترجمة: تسنيم فندقلي

تدقيق: منال توفيق الضللي

المصدر