طبقًا لتقرير نشرته مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها حُددت إصابتان بعدوى السعفة في عيادة بمدينة نيويورك الأمريكية لم تستجيبا للعلاج بمضاد فطريات شائع.

من غير المرجح أن تكون الإصابتان مرتبطتان مباشرةً، إذ أن أحد المرضى أصيب بالعدوى في الولايات المتحدة في صيف عام 2021 والآخر في بنغلاديش في صيف عام 2022، ما يثير مخاوف بشأن تفشٍ محتمل للالتهاب الجلدي الفطري المقاوم للأدوية.

تُسَبّب السعفة بأي نوعٍ من عشرات الأنواع من الفطريات، وهي ليست كما يوحي اسمها باللغة الإنجليزية (Ringworm) لا تسببها الديدان. وتعرف أيضًا باسم tinea أو dermatophytosis.

يشق الفطر الجلدي أو السعفة طريقه عبر الجلد أو تحت الأظافر، ما يؤدي إلى تهيج الأنسجة لإنتاج طفحٍ جلدي أحمر حاكٍ. ومع اتساع نطاق العدوى، غالبًا ما تترك منطقة ذات مظهر صحي من الجلد في وسطها، وتظهر على شكل حلقة ملتهبة من الإنتان.

على الرغم من أن السعفة نادرًا ما تكون قاتلة، فإنها مزعجة للمصاب، وقد تتطور إلى آفات أكثر إيلامًا وقد تصاب بالإنتان الجرثومي الثانوي إذا لم تُعالج.

في كلتا الحالتين المسجلتين في نيويورك، أُخطئ تحديد العامل المسبب في البداية على أنه الشَّعْرَوِية الذُّقانية Trichophyton mentagrophytes، الذي غالبًا ما يُلتقط من الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب والأرانب.

لكن نظرةً فاحصةً على جينات الميكروب المسبب للعدوى تخبر قصةً مختلفة، إذ تكشف أنه نوع اكتُشف مؤخرًا يعرف باسم Trichophyton indotineae.

رغم أن نوعي الفطر مرتبطان ارتباطًا وثيقًا، يحمل T. indotineae طفرات وقائية في جين الإنزيم المستهدف من الأدوية المستخدمة للعلاج مثل التيربينافين. يُعطى هذا الدواء في شكل حبوب لمجموعة متنوعة من الالتهابات التي تسببها الفطريات التي تصيب الجلد والأظافر.

ظهرت المقاومة على التيربينافين لأول مرة في سلالات لنوع آخر من السعفة في الهند عام 2014. في عام 2020، كشفت دراسة لعدوى مماثلة عند مريضين عن نفس جين المقاومة في الأنواع الجديدة من السعفة، التي تبين بعدها وبأثر رجعي على أنها انتشرت سلفًا في أوروبا منذ عام 2011.

ومع ذلك، فإن هاتين الحالتين هما أول ما رُصد في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف من أنه يمكن أن يكون دليلًا على توسع السلالة إلى مجموعة سكانية جديدة.

حضرت المريضة الأولى، وهي امرأة حامل تبلغ من العمر 28 عامًا إلى عيادة الطبيب في ديسمبر عام 2021 بسبب مخاوف من طفح جلدي مزمن وحاك غطى رقبتها وبطنها ومنطقة العانة والأرداف. لم تكن لديها أي حالة طبية أخرى، ولم تسافر مؤخرًا إلى الخارج، ولا تتذكر أنها واجهت أي شخص آخر مصاب بعدوى سعفة.

بعد ولادة طفلها، وُصفت للمريضة خطة علاجية من تيربينافين فموي، ثم أوقفت بعد أسبوعين بسبب عدم فعاليتها. اختفى الطفح الجلدي في النهاية بعد أربعة أسابيع من العلاج الإضافي باستخدام مضاد فطريات مختلف.

كانت المريضة الثانية تبلغ من العمر 47 عامًا ولم تكن تعاني أي حالة طبية خطيرة. أصيبت بالطفح الجلدي عندما كانت في بنغلاديش تزور العائلة، وبعضهم أصيبوا بالمرض. بعد فشل دورة العلاج التي استمرت أربعة أسابيع في توفير أي راحة، زوِّدت بعلاج بديل يخفف الأعراض.

نظرًا لحقيقة أن الشَّعْرَوِية الذُّقانية T. mentagrophytes منتشرة للغاية ومتطابقة تقريبًا مع السلالة الجديدة المقاومة للأدوية، فإن السلطات الصحية حريصة على إخبار العيادات بالانتباه والتدقيق في الحالات التي تكون فيها السعفة سيئة أو عصيّة على العلاج.

ينصح مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في تقريره: «يجب على الأطباء التفكير بالإصابة بالفطرية T. indotineae عند المرضى الذين يعانون سعفة منتشرة، خاصةً عندما لا يتحسن الطفح الجلدي بمضادات الفطريات الموضعية أو التيربينافين الفموي».

يشجع المركز أيضًا على الإشراف السليم على استخدام مضادات الميكروبات والفطريات بعين الاعتبار.

أصبح ظهور مقاومة لدى البكتيريا التي تقلل من فعالية المضادات الحيوية مصدر قلق كبير في الطب، وإن إمكانية مشاركة الفطريات في هذه المقاومة وإنقاص فعالية العلاج الدوائي أمر مثير للقلق ربما أكثر من المقاومة البكتيرية، نظرًا لصعوبة العثور على مضادات فطريات جديدة أو بدائل للعلاج.

ومع ذلك، يبدو أن T. indotineae سيكون مصدر إزعاج أكثر من كونه كارثة. لحسن الحظ، يبدو أن خيارات العلاج تعمل رغم وجود بعض التحديات. ومع ذلك، فإن وجود عامل يسبب المقاومة قد ينتقل إلى الأنواع الأخرى يشكّل مصدر قلقٍ حقيقي.

اقرأ أيضًا:

السعفة الإربية

ما هي السعفة المبرقشة وكيف تعالج؟

ترجمة: هيا منصور

تدقيق: علام بخيت كباشي

المصدر