هل تساءلت عن الوقت المستغرق للوصول إلى المريخ؟ تعتمد الإجابة على عوامل عدة، كموقع الكوكبين والتكنولوجيا المُستخدمة، فبحسب ناسا قد تستغرق رحلة ذهاب إلى المريخ 9 أشهر تقريبًا، بينما تستغرق رحلة ذهاب وعودة 21 شهرًا، وذلك لأنه يجب الانتظار مدة 3 أشهر ليصبح الكوكبان في مواقع مناسبة.

كم يبعد المريخ؟

المريخ رابع كواكب الشمس وثاني أقرب كوكب إلى الأرض (بعد الزهرة)، ولكن المسافة بين الأرض والمريخ تتغير باستمرار بينما يدوران حول الشمس.

نظريًا، أقرب مسافة تقترب فيها الأرض من المريخ تحدث عندما يكون المريخ في أقرب نقطة له من الشمس (الحضيض) والأرض في أبعد نقطة لها (الأوج)، بهذا يصبح بعد الكوكبين عن بعضهما 54.6 مليون كيلومتر فقط، لكن هذا لم يحدث هذا في التاريخ المسجل، وأقرب مسافة مسجلة بين الكوكبين كانت في 2003 وهي 56 مليون كيلومتر.

يسجل الكوكبان أبعد مسافة عن بعضهما عندما يكونان على بعد أبعد مسافة من الشمس، وفيها قد تصل المسافة بينهما إلى 401 مليون كيلومتر. أما المسافة المتوسطة فهي 225 مليون كيلومتر.

يسافر الضوء بسرعة تصل 299,792 كيلومتر في الثانية، وعليه سيستغرق الضوء المرسل من سطح أحد الكوكبين إلى الآخر حسب المسافة ما يلي:

  •  أقرب اقتراب ممكن: 182 ثانية أو 3.03 دقيقة.
  •  أقرب اقتراب مسجل: 187 ثانية أو 3.11 دقيقة.
  •  أبعد مسافة: 1,342 ثانية أو 22.4 دقيقة.
  •  في المتوسط: 751 ثانية أو ما يزيد قليلًا عن 12.5 دقيقة.

أسرع مركبة فضائية حتى الآن

يُعد مسبار باركر الشمسي التابع لناسا أسرع مركبة فضائية، إذ يواصل كسر سجلات السرعة كلما اقترب أكثر من الشمس، وفي 21 نوفمبر 2021 وصل إلى سرعة قصوى تبلغ 163 كيلومترًا في الثانية (586,000 كيلومتر في الساعة) خلال اقترابه العاشر من الشمس. ووفقًا لبيان صادر عن ناسا، عندما يصل مسبار باركر الشمسي إلى مسافة 6.2 مليون كيلومتر من سطح الشمس في ديسمبر 2024، ستتجاوز سرعة المركبة الفضائية 692,000 كيلومتر في الساعة!

فنظريًا إذا اتجه مسبار باركر الشمسي في خط مستقيم من الأرض إلى المريخ مستخدمًا السرعات التي وصل إليها خلال اقترابه العاشر، فإن الوقت الذي سيستغرقه للوصول إلى المريخ سيكون كما يلي:

  •  أقرب اقتراب ممكن: 93 ساعة.
  •  أقرب اقتراب مسجل: 95 ساعة.
  •  الابتعاد الأبعد: 686 ساعة (28.5 يومًا).
  •  في المتوسط: 384 ساعة (16 يومًا).

المشكلات المتعلقة بحساب أوقات السفر إلى المريخ

المشكلة في الحسابات السابقة هي أنها تقيس المسافة بين الكواكب على أنها خط مستقيم، فالسفر من خلال النقطة الأبعد بين الأرض والمريخ سيتضمن رحلة مباشرة عبر الشمس، بينما يجب على المركبات الفضائية الحركة في مدار حولها.

ومع إن هذه ليست مشكلة الاقتراب الأقرب (عندما تكون الكواكب على نفس جانب الشمس)، فتوجد مشكلة أخرى. الأرقام تفترض أيضًا أن الكوكبين يبقيان على بعد ثابت عند إطلاق مسبار من الأرض، وأن المريخ سيبقى على بعد ثابت خلال الوقت الذي يستغرقه المسبار للوصول إليه.

لكن في الواقع، تتحرك الكواكب بمعدلات مختلفة خلال مداراتها حول الشمس، ويجب على المهندسين حساب المدارات المثالية لإرسال مركبة فضائية من الأرض إلى المريخ، وهذا أشبه برمي السهم على هدف متحرك من مركبة متحركة. يجب عليهم حساب مكان الكوكب عند وصول المركبة الفضائية لا حيث كان عند مغادرة الأرض.

وعمومًا، ليس من الممكن السفر بأسرع ما يمكن إذا كان الهدف هو دخول مدار الكوكب المستهدف في نهاية المطاف، إذ تحتاج المركبات الفضائية إلى الوصول بسرعة قليلة بما يكفي لتتمكن من المناورة لدخول المدار وليس فقط للانتقال المباشر إلى وجهتها المقصودة.

وفقًا لموقع مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا التوقيت المثالي للإطلاق إلى المريخ قد يستغرق 9 أشهر، وفي هذا الصدد ينقل الموقع تصريحات أستاذ الفيزياء كريغ سي. باتن من جامعة كاليفورنيا سان دييغو:

«تستغرق الأرض عامًا واحدًا للدوران حول الشمس، بينما يستغرق المريخ 1.9 عامًا تقريبًا (أو سنتين للحساب بسهولة). والمدار الإهليجي الذي يحملك من الأرض إلى المريخ أطول من مدار الأرض ولكنه أقصر من مدار المريخ. وبناءً على ذلك، نستطيع تقدير الوقت الذي يستغرقه إكمال هذا المدار بحساب متوسط طول مدار الأرض ومدار المريخ، وعليه سيستغرق الأمر 1.5 عام تقريبًا… في الأشهر التسعة التي يستغرقها الوصول إلى المريخ، يتحرك المريخ بمسافة تصل 37.5% من مساره حول الشمس، وعلى تخطيطنا أن يتأكد من أن المريخ في المكان المتوقع حين تصل الرحلة إلى تلك المسافة. وعمليًا هذا يعني أن البدء في الرحلة ممكن فقط عندما تكون الأرض والمريخ في المواقع الصحيحة لذلك، وهذا يحدث مرة واحدة فقط كل 26 شهرًا».

تعتمد مدة السفر إلى المريخ على التطورات التكنولوجية في أنظمة الدفع أيضًا، فوفقًا لباتن بالوسع تقليل مدة الرحلة بحرق المزيد من الوقود، وهو عملية غير مثالية باستخدام التكنولوجيا المتاحة حاليًا.

قد تساعد التقنيات المتطورة على تقليل مدة الرحلة، إذ سيصبح نظام إطلاق الفضاء الجديد SLS التابع لناسا هو وسيلة إنجاز المهام المقبلة، وربما حتى إرسال البشر إلى الكوكب الأحمر. وبعد بناء نظام SLS واختباره كانت ناسا تستهدف إطلاق أول صواريخه في رحلة آرتيمس 1 في أبريل 2022.

وربما قد تتمكن المركبات الفضائية الروبوتية يومًا ما من إجراء الرحلة في ثلاثة أيام فقط، وذلك بالاعتماد على الدفع بالفوتونات باستخدام ليزر قوي لتسريع المركبات الفضائية إلى سرعات تقترب من سرعة الضوء. يعمل فريق أستاذ الفيزياء فيليب لوبين في جامعة كاليفورنيا سانتا باربرا على مشروع (DEEP-IN) الذي قد يدفع المركبة الفضائية الروبوتية بوزن 100 كيلوغرام إلى المريخ في ثلاثة أيام فقط، إذ قال لوبين في ندوة (NIAC) في خريف 2015:

«توجد تطورات حديثة تجعل من الخيال العلمي واقعًا علميًا … لا يوجد سبب معروف يمنعنا من فعل ذلك».

ما المدة التي استغرقتها البعثات السابقة للوصول إلى المريخ؟

فيما يلي قائمة توضح المدة التي استغرقتها بعض المهام للوصول إلى المريخ (هبوطًا أو مدارًا) مع تواريخ إطلاقها:

  •  مارينر 4 عام 1965، 208 يوم (أول مركبة للمريخ).
  •  مارينر 6 عام 1969، 155 يوم.
  •  مارينر 7 عام 1969، 128 يوم.
  •  مارينر 9 عام 1971، 168 يوم (أول مركبة فضائية في مدار المريخ).
  •  فايكينغ 1 عام 1975، 304 يوم (أول مركبة أميركية تهبط على المريخ).
  •  فايكنغ 2 عام 1975، 333 يوم (في المدار ثم الهبوط).
  •  مارس غلوبال سيرفيور عام 1996، 308 يوم.
  •  مارس باثفايندر عام 1996، 212 يوم.
  •  مارس أوديسا عام 2001، 200 يوم.
  •  مارس إكسبريس أوربيتر عام 2003، 201 يوم.
  •  مارس إكسبلوريشن روفر سبيريت عام 2003، 208 يوم.
  •  مارس إكسبلوريشن روفر أوبورتيونيتي عام 2003، 201 يوم.
  •  مارس ريكونيسانس أوربيتر عام 2005، 210 يوم.
  •  فينيكس مارس لاندر عام 2007، 295 يوم.
  •  مارس ساينس لابورتوري عام 2011، 254 يوم.
  •  مافين عام 2013، 307 يوم.
  •  مارس أوربيتر ميشن عام 2013، 322 يوم.
  •  مارس إنسايت لاندر عام 2018، 205 يوم.
  •  هوب أوربيتر عام 2020، 205 يوم.
  •  زورونج روفر عام 2020، 202 يوم.
  •  مارس 2020 بيرسيفرنس روفر عام 2020، 204 يوم.

اقرأ أيضًا:

قبل أربعة مليارات سنة، كان المريخ على الأرجح دافئًا ورطبًا

كيف ستتغير أجسام رواد الفضاء في أثناء الرحلة الفضائية إلى المريخ؟

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: محمد حسان عجك

مراجعة: لبنى حمزة

المصدر