يواجه الوالدان يوميًا نوبات الغضب والانهيار والخوف لدى أطفالهم، إذ إن مهارة ضبط النفس وتنظيم العواطف تستغرق وقتًا طويلًا من الأطفال لإتقانها. ولكن كيف نُميز أن السلوك العدواني لدى الطفل ليس محض أمر طبيعي بل بدء بالخروج عن السيطرة، وكيف يستطيع الوالدان تقديم المساعدة؟

لماذا يُظهِر الطفل السلوك العدواني؟

تقول إميلي مود، أستاذة متخصصة في علم نفس الأطفال: «نتوقع عمومًا أن يُظهر الأطفال الصغار بعض السلوكيات العدوانية، وإن الأمر كله يتعلق بتربية الطفل على ما هو مناسب في أثناء مرحلة نموه».

تضيف: «في هذه المرحلة، يلجأ الأطفال إلى الإيحاءات الجسدية للتعبير عن إحباطهم، ببساطة لأنهم لا يملكون المهارات اللغوية المناسبة للتعبير عن أنفسهم. مثلًا، يُعد دفع الأطفال لأصدقائهم في الملعب أمرًا معتادًا. لن نسمي هذا التصرف بأنه سلوك عدواني ما لم يكرره الطفل كثيرًا وبطريقة نمطية».

متى يجب القلق؟

تقول الدكتورة مود: «عندما يصل الطفل لسن السابعة تقريبًا، يكون قد كَبُر بما يكفي لامتلاك المهارات اللفظية، وعندها يجب أن يتوقف عن إظهار أي سلوكيات جسدية عدوانية تعبيرًا عن مشاعره».

إن لم يتوقف السلوك العدواني، فهذا يعني أن الطفل يعاني مشكلة ويجب على الوالدين القلق. خاصةً إن كان الطفل يعرض نفسه أو الآخرين للخطر أو يلحق الضرر بالممتلكات دائمًا.

يجب مراقبة العلامات التحذيرية المُشيرة إلى أن سلوك الطفل له تأثير سلبي. مثلًا:

  • مواجهة صعوبات في إكمال الواجبات والدراسة، وضعف في الذاكرة والانتباه.
  • صعوبة التواصل مع الأقران.
  • التسبب في مشكلات في المنزل بطريقة مكررة.

تقول الدكتورة مود: «علامات التحذير هذه مثيرة للقلق ولا يجب تجاهلها».

يجب التأكد أن سلوك الطفل ليس عرضًا لمشكلة صحية مخفية، إذ قد يؤدي اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، والقلق، وصعوبات التعلم غير المُشخصة، والتوحد إلى إظهار الطفل السلوك العدواني.

تقول الدكتورة مود: «مهما كان السبب، إن كان السلوك العدواني يؤثر في أداء الطفل اليومي، فيجب طلب المساعدة».

يجب التحدث مع طبيب الأطفال. إذا لزم الأمر، يمكن إحالة الطفل إلى مختص الصحة النفسية لتشخيص المشكلات التي قد تسبب العدوانية وعلاجها.

أفكار لمساعدة الطفل الذي يُظهر السلوك العدواني

توصي الدكتورة مود بهذه الاستراتيجيات لمساعدة الطفل على السيطرة على السلوك العدواني:

التصرف بهدوء

تقول الدكتورة مود: «عندما يُظهر الطفل كمًا كبيرًا من المشاعر سواء الغضب أو الفرح، فيجب على الوالدين التعامل بهدوء مع مشاعره واستيعابها ومحاولة تنظيم عواطفه وجعله مستقرًا، إذ إن تصعيد الموقف والصراخ قد يزيد من السلوك العدواني للطفل».

لا يجب الاستسلام لنوبات الغضب لدى الطفل

مثلًا، عندما يُظهر الطفل نوبة من الغضب والبكاء في متجر البقالة لأنه يريد نوعًا معينًا من المأكولات، فلا يجب الاستسلام له وشراء ما يريد؛ لأن هذا يعزز السلوك غير اللائق.

تشجيع الطفل على التصرف بطريقة جيدة

يجب مكافأة الطفل عندما يُظهر سلوكًا جيدًا، حتى عندما لا يفعل أي شيء خارج عن المألوف. إن كان وقت العشاء خاليًا من المشكلات، فقد يقول الآباء: «أنا حقًا أحب الطريقة التي تصرفت بها في وقت العشاء». المكافآت والجوائز ليست ضرورية، وإنما التقدير والثناء أمران مهمان للطفل جدًا.

مساعدة الطفل على التعبير عن نفسه لفظيًا

مثلًا، عند إظهار الطفل السلوك عدواني قد يقول أحد الوالدين: «أشعر بأنك غاضب حقًا الآن»، هذا قد يُعبر عما يشعر به الطفل ويشجع التعبير اللفظي بدلًا من التعبير الجسدي.

قد يساعد إعطاء الأطفال المساحة الآمنة للتعبير عن مشاعرهم في إيجاد طرق للتخلص من سلوكهم السيئ بطريقة صحية.

يجب معرفة ما يريده الطفل وإيجاد المحفزات المناسبة

إن أظهر الطفل نوبات الغضب كل صباح قبل المدرسة، عندها يجب العمل على تنظيم الروتين الصباحي. مثلًا، تقسيم المهام إلى خطوات بسيطة، وتوجيه التحذيرات بشأن الوقت واستخدام عبارات مثل «سنغادر في غضون 10 دقائق»، ووضع أهداف محددة مثل الوصول إلى المدرسة في الوقت المحدد في أربعة من أصل خمسة أيام، ثم مكافأة الطفل عند تحقيق هذه الأهداف.

البحث عن المكافآت المناسبة

لا يجب التركيز على الأهداف المالية. بدلًا من ذلك، يجب إعطاء الطفل مكافآت مثل إمضاء نصف ساعة من الوقت الخاص مع والديه، أو جعله يختار بنفسه ما ستأكله الأسرة على العشاء، أو اختيار فيلم لتشاهده العائلة معًا.

معرفة الآباء أن طفلهم ليس الوحيد الذي يظهر السلوك العدواني

إن كان الطفل يعاني صعوبةً في ضبط النفس، فإن اتباع الاستراتيجيات المذكورة سابقًا في تربية الأطفال سيساعد في السيطرة على تلك السلوكيات.

إن بدا الموقف غير قابل للإدارة، يجب أن يتذكر الآباء أن طفلهم ليس الوحيد الذي يعاني السلوك العدواني.

علماء نفس الأطفال ماهرون في مساعدة الأطفال والأسر على حل المشكلات العاطفية والسلوكية.

يجب سؤال طبيب الأطفال عن أسماء مختصي الصحة النفسية في المنطقة المحيطة.

اقرأ أيضًا:

الطريقة الأفضل للتعامل مع نوبات غضب الأطفال طبقًا للعلم

هل تؤثر ألعاب الفيديو العنيفة في الصحة العقلية للمراهقين؟

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: لبنى حمزة

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر