اكتشف فريق من الباحثين أن جزيئات الكربون الأسود (السخام) المنبعث من الصواريخ يحبس الحرارة أكثر بنحو 500 مرة في الغلاف الجوي -مقارنةً بجميع مصادر السخام الأخرى مجتمعة (السطحية والجوية)- ما يؤدي إلى تأثير ملحوظ على المناخ. كشفت الدراسة أن الخسارة الحالية في إجمالي طبقة الأوزون بسبب الصواريخ صغيرة، لكن مؤشرات نمو السياحة الفضائية لها رأي آخر إذ تشير إلى احتمال نضوب طبقة الأوزون الستراتوسفيرية العليا في القطب الشمالي ربيعًا. ويرجع ذلك إلى أن الملوثات الناتجة عن صواريخ الوقود الصلب وتسخين المركبات الفضائية العائدة والحطام ضارة بطبقة الأوزون الستراتوسفيرية تحديدًا.

قالت المؤلفة المشاركة للدراسة، وأستاذة علوم الأرض في كلية لندن الجامعية إيلواز ماريه: «تُقارن تأثيرات إطلاق الصواريخ على نحو روتيني بأثر غازات الاحتباس الحراري والانبعاثات الملوثة الناتجة عن صناعة الطائرات، وتظهر دراستنا عدم حجية المقارنة».

«جزيئات السخام الناتجة عن إطلاق الصواريخ لها تأثير مناخي أكبر بكثير من تأثير الطائرات وغيرها من المصادر الأرضية، لذلك لا داعي لأن يكون هناك عدد كبير من عمليات إطلاق الصواريخ كعدد الرحلات الجوية الدولية لنلمس تأثيرها. ما نحتاج إليه الآن هو مناقشة بين الخبراء بشأن أفضل استراتيجية لتنظيم هذه الصناعة سريعة النمو».

لحساب النتائج، جمع الباحثون معلومات عن المواد الكيميائية من جميع عمليات إطلاق الصواريخ البالغ عددها 103 في عام 2019 من جميع أنحاء العالم، إضافةً إلى بيانات حول عودة الصواريخ القابلة لإعادة الاستخدام للغلاف الجوي وحتى القمامة الفضائية. واستخدموا أيضًا الأرقام التي قدمها رواد أعمال السياحة الفضائية فيرجن غالاكتك وبلو أوريجن وسبيس إكس واقترحوا عرضًا سنويًا على الأقل لأرقام عمليات الإطلاق اليومية من قِبل فيرجن غالاكتك لبناء سيناريو السياحة الفضائية في المستقبل.

ثم دُمجت هذه البيانات في نموذج كيمياء الغلاف الجوي ثلاثي الأبعاد لاكتشاف تأثيرها على المناخ وطبقة الأوزون.

أظهر الفريق أن الاحترار الناتج عن السخام هو 3.9 ميغا واط لكل متر مربع بصواريخ أُطلقت على مدى عشر سنوات، تأتي انبعاثات صواريخ الكيروسين على رأس قائمة مسببات الاحترار. ولكنّ هذا الرقم ازداد بمقدار الضعف وأكثر (7.9 ميجا واط لكل متر مربع) بعد ثلاث سنوات فقط من الانبعاثات الإضافية الناتجة عن السياحة للفضاء، بسبب استخدام الكيروسين بواسطة سبيس اكس ووقود المطاط الصناعي الهجين بواسطة فيرجن غالاكتك.

يقول الباحثون إن هذا مثير للقلق بذاته، لأنه عندما تُحقن جزيئات السخام مباشرةً في الغلاف الجوي العلوي، يكون لها تأثير أكبر بكثير على المناخ من مصادر السخام الأخرى، إذ تكون الجسيمات في الستراتوسفير أكثر كفاءةً بنحو 500 مرة في الاحتفاظ بالحرارة.

وجد الفريق أنه في ظل سيناريو إطلاق صواريخ سياحة فضائية يوميًا أو أسبوعيًا، فإن التأثير على طبقة الأوزون الستراتوسفيرية يهدد بتقويض الانتعاش الذي حدث بعد التنفيذ الناجح لبروتوكول مونتريال.

بعد اعتماده في عام 1987، يعد حظر المواد التي تستنفد طبقة الأوزون ضمن بروتوكول مونتريال أحد أنجح تدخلات السياسة البيئية الدولية.

قال المؤلف المشارك في الدراسة الدكتور روبرت رايان: «الجزء الوحيد من الغلاف الجوي الذي يظهر تعافيًا قويًا للأوزون بعد بروتوكول مونتريال هو طبقة الستراتوسفير العليا، وهذا هو بالضبط المكان الذي تستهدفه انبعاثات الصواريخ بشدة. لم نكن نتوقع أن نرى تغيرات في طبقة الأوزون بهذا الحجم، ما يهدد عملية تعافيها».

«ما يزال هناك الكثير الذي لم نكتشفه بعد حول تأثير إطلاق الصواريخ وانبعاثات الصواريخ العائدة، وعلى وجه الخصوص، الحجم المستقبلي للصناعة وأنواع الوقود الجديد ومنتجاته الثانوية مثل الميثان السائل والوقود المشتق من المواد الحيوية».

«تحثنا هذه الدراسة على دخول العصر الجديد لسياحة الفضاء بعيون مفتوحة ومنتبهة للتأثيرات المحتملة. يجب أن تبدأ المحادثات حول تنظيم التأثير البيئي لصناعة الإطلاق الفضائي من الآن حتى نتمكن من تقليل الضرر الذي يلحق بطبقة الأوزون الستراتوسفيرية والمناخ».

اقرأ أيضًا:

تاريخ التغير المناخي

99.9% من الدراسات تؤكد أن البشر سبب تغير المناخ

ترجمة:عصماء عصمت

تدقيق: حسام التهامي

المصدر