عندما يفكر الناس في كيفية تأثير المناخ على حياتهم، تتركز مخاوفهم عادةً على أشياء مثل العواصف الشديدة المتكررة وحرائق الغابات وذوبان الجليد. لكن تُشير أبحاث متزايدة إلى تأثير تغير المناخ في الصحة على مدى طويل يمتد لأجيال.

تقول الدكتورة بولين ميندولا، رئيسة قسم علم الأوبئة والصحة البيئية في جامعة كاليفورنيا: «يعتمد العمل الذي يدور حول الصحة الإنجابية على الأفكار قصيرة المدى، مثل تقديم الدعم والخدمات للعائلات، وهو عمل مهم جدًا. فنحن دائمًا ما نفكر في الهدف الأساسي الذي يتمثل بإنجاب طفل يتمتع بصحة جيدة، لكن هناك هدف طويل الأمد يجب التركيز عليه، هو تأثير تغير المناخ في الصحة الإنجابية».

ميندولا مُؤلفة مشاركة في ورقة بحثية حديثة نُشرت في مجلة Fertility and Sterility مع الدكتورة ساندي ها، تناقش الدراسة تأثيرات التغير المناخي على المدى الطويل. والمشكلات الصحية المتعلقة به، وتأثيره في الآباء والأبناء والأجيال القادمة.

قالت ميندولا: «يمكننا بالفعل ملاحظة الآثار المتعلقة بالتغير المناخي على الصحة الإنجابية، ونحن ما زلنا في بداية الأحداث المتوقعة المرتبطة بالاحتباس الحراري المستمر وزيادة تواتر الأحداث المضرة للبيئة».

يقول الباحثون :«ما زال قطاع كبير من الناس غير مدرك لآثار التغير المناخي على صحة الإنسان». مشيرين إلى أنه مع استمرار تدهور الظروف المناخية، سيؤثر ذلك في الأجيال القادمة ويؤدي إلى تدهور صحة الآباء وإنجاب أطفال أقل صحة.

كتب الباحثون: «نظرًا إلى أن الأحداث المتعلقة بالمناخ أصبحت أكثر تواترًا، تُشير الأدلة إلى أن آثارها على الصحة قد تتطور لتؤثر في المدة التي يعيشها الآباء». ما يُثير القلق أن هذه الآثار الصحية قد تستمر بل تتضخم عبر الأجيال.

تقول ها :«مع تزايد التغير المناخي، سيزداد التعرض لظواهر الطقس الشديدة، وترتفع مستويات سطح البحار، وتزداد مخاطر الإصابة بالأمراض المعدية. سيكون العبء ثقيلًا على الأجيال القادمة».

«سيواجه الآباء الذين يعانون مشكلات متعلقة بالصحة الإنجابية عبئًا إضافيًا يرتبط بآثار تغير المناخ».

ربطت أبحاث سابقة الاحتباس الحراري وتغيرات الطقس الشديدة -مثل الجفاف والفيضانات والأعاصير وحرائق الغابات- بمضاعفات صحية مزمنة، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسي، إضافةً إلى انخفاض معدل الخصوبة.

وفقًا للباحثين، فإن المشكلات الصحية المرتبطة بتغير المناخ قد تؤدي إلى زيادة مخاطر مضاعفات الحمل، التي تشمل ارتفاع ضغط الدم والسكري الحملي.

بالنسبة إلى الأمهات اللائي لا يعانين مشكلات متعلقة بالخصوبة وبإمكانهن الإنجاب دون تدخل طبي، فإن تغير المناخ قد يعرضهن لخطر حدوث مضاعفات في أثناء الحمل، مثل فقدان الحمل والولادة المبكرة.

قد تؤدي عواقب الأحداث المتعلقة بالتغير المناخي إلى زيادة الاكتئاب ومشكلات الصحة النفسية الأخرى، التي قد تنتج عن فقدان الأحبة أو الممتلكات بسبب العواصف أو المشكلات البيئية، وتخريب البنى التحتية وانعدام الأمن الغذائي.

كتب الباحثون:«إن تأثير ضغوط المناخ على التكاثر البشري هو مصدر قلق متزايد. مثلًا، إن لم تتحسن التوقعات فقد ترتفع درجات الحرارة في العالم نحو درجتين بحلول عام 2050، أي أن من سيتأثر هم أطفال اليوم الذين سيصبحون بالغين وينجبون جيلًا جديدًا».

«من المهم مراعاة المحددات الاجتماعية للصحة. إذ سيتشكل عبء غير متكافئ على الأشخاص الذين لديهم موارد أقل ولا يؤثرون في التغير المناخي سوى بنسبة قليلة».

مثلًا، تحدث أعلى معدلات ارتفاع ضغط الدم في أثناء الحمل لدى الأشخاص الذين يعانون نقصًا في الموارد، ما يزيد خطر إصابتهم بفشل القلب والسكتة الدماغية وأمراض القلب الأخرى، إضافةً إلى زيادة هذه المخاطر الصحية على أبنائهم.

اقرأ أيضًا:

هل نحن على أعتاب أزمة مالية عالمية مرتبطة بالتغير المناخي؟

على العالم أن يسرع في إنقاذ شرق القارة القطبية الجنوبية من التغير المناخي

ترجمة: فاطمة الرقماني

تدقيق: يمنى عيسى

المصدر