بيرسفيرنس تثبت جدارتها بالتقاط صور موثّقةً غروبًا أزرق غريب على سطح المريخ.

في 4 يوليو 2023، احتفلت المركبة بيرسفيرنس بيومها المريخي الـ 842 على متن المريخ، فحينما بدأت السماء الحمراء تُظلم، التقطت بيرسفيرنس غروب شمس غريب ورائع على سطح الكوكب الأحمر، إذ توهجت سماؤه بلون أزرق غريب ومذهل.

يجب التمعن بهذا المشهد الرائع، إذ لن يُشهد على شيءٍ مثله على كوكب الأرض، وهناك سبب لذلك.

كوكب المريخ أبعد عن الشمس من الأرض، ما يعني أن الضوء ليست له قوة مشابهة، إذ يتلقى أقل من نصف ضوء الشمس الذي يصل إلينا.

علاوةً على ذلك، فللمريخ غلاف جوي رقيق يُعادل نسبة صغيرة فقط من غلاف الأرض، ويتكون غالبًا من ثاني أكسيد الكربون، مع جزء صغير جدًا من النيتروجين وكميات ضئيلة من الأكسجين، مايعني أن ضوء الشمس يتفاعل بصورة مختلفة مع الغلاف الجوي لكلا الكوكبين.

حين تدخل أشعة الشمس غلاف الأرض الجوي، تتفاعل مع الأكسجين والنيتروجين وجزيئات أخرى في السماء، فيتشتت الضوء الأزرق بعيدًا على نطاق واسع.

ذلك ما يمنح كوكب الأرض سماءً زرقاء في وضح النهار، ومع غروب الشمس عند الأفق أو ارتفاعها فوقه؛ تواجه أشعة الشمس كثافةً أعلى في الغلاف الجوي لتخترقها، ما يعني أن معظم الأطوال الموجية الزرقاء والبنفسجية تُنقى وتُصفى بحلول الوقت الذي يصل فيه الضوء إلى أعيننا، تاركًا بذلك الأطوال الحمراء والبرتقالية.

على سطح المريخ، تتفاعل أشعة الشمس مع الغبار الغني بالحديد والعالق بالغلاف الجوي، بدلًا من تفاعلها مع الأكسجين أو النيتروجين، فيؤدي هذا إلى تشتّت الضوء الأحمر منخفض التردد خلال النهار.

خلال ظاهرة الشفق، يُنقَّى الضوء الأحمر، فتلمع السماء بلون أزرق فاتح عبر الضباب المُغبرّ.

يشرح عالم الغلاف الجوي مارك ليمون من جامعة تكساس A&M قائلًا: «تأتي هذه الألوان المختلفة على المريخ من الحقيقة المتعلقة بأن الغبار الناعم المنتشر له الحجم المناسب الذي يسمح للون الأزرق باختراق الغلاف الجوي بفاعلية أكبر».

بينما يتشتت الضوء الأزرق عبر الغبار، يبقى أقرب إلى اتجاه الشمس من ضوء الألوان الأخرى.

تحمل بقية السماء ألوانًا ما بين الأصفر والبرتقالي، إذ يتشتت الضوآن الأصفر والأحمر في جميع أنحاء السماء بدلًا من امتصاصهما أو بقائهما قريبًا من الشمس. ونظرًا لاستمرار ضوء الشمس في التصادم مع الغبار في سماء المريخ، يمكن لهذا الضباب المُزرق البقاء عدة ساعات بعد غياب الشمس أو غروبها.

تعد ظاهرة الشفق على المريخ فرصة رائعة لالتقاط صور للغبار والسحب، إذ إنها مضاءة أمام خلفية داكنة.

يمكن الباحثين بعد ذلك توظيف هذه الصور لدراسة تركيب الغلاف الجوي للمريخ، ما يسمح لهم بتحديد موقع سحب الغبار والجليد بسهولة.

على سبيل المثال، وفي وقت سابق من هذا العام، التقطت المركبة كريوسيتي Curiosity rover صورًا لأشعة الشمس وهي تخترق السحب الشحمية الكثيفة في سماء المريخ بوضوح لم يسبق له مثيل.

يضيف مارك ليمون، العالم المختص بالغلاف الجوي من معهد علوم الفضاء في بولدر، كولورادو قائلًا: «بالنظر إلى انتقالات الألوان، سنرى أن حجم الجسيمات يختلف ويتغير داخل السحابة».

هذا يوضح لنا الطريقة التي تتطور بها السحابة وكيف تتغير جزيئاتها مع مرور الوقت.

خلال العقدين السابقين، التقطت المركبات النقالة مثل كريوسيتي وبيرسفيرنس وسبيريت وأوبورتيونتي صورًا لغروب الشمس المريخي.

ولا مشكلة في عدد الصور المُلتقطة، فهي لن تقل سحرًا وجمالًا.

اقرأ أيضًا:

لم يبدو الغروب أزرقَ من على المريخ؟

كيف يبدو منظر غروب الشمس في الكواكب الأخرى؟

ترجمة: زين العابدين بدور

تدقيق: نور حمود

المصدر