ما يُعرف عن الفضاء بأنه الحدود النهائية، ولكن عن أي جزء من الحدود نتحدث؟ فهناك حدود عميقة تتجاوز الفضاء الخارجي، وغالبًا ما يُلتبس بهما ويُدمجان في سياق واحد، ولحسن الحظ علماء الفضاء جاؤوا بنقاط علّامة للتمييز بينهما. إذن، ما هي تلك النقاط؟

يشير لفظ الفضاء الخارجي إلى أي شيء بعيد عن الأرض، وحتى تلك الأشياء القريبة جدًا التي تُعد ضمن نطاق الأرض المنخفضة التي تبعد مسافة 160 كيلومتر عن سطح كوكب الأرض.

بينما بالنسبة للفضاء العميق يكون أكثر بعدًا، وفي أغلب الأحيان يُعرّف بأنه أي شيء يقبع في نطاق ما بعد القمر، وكذلك يُشار إليه بأنه ما بعد النظام الشمسي تمامًا، إذ تُعد الحدود النهائية الفعلية تحديدًا هي الفضاء العميق.

ولا بد من الإشارة إلى أنه يمكن مناداة مصطلح “فضاء” بعمومية بلفظتي (الفضاء الخارجي والفضاء العميق).

وبالحديث عن التاريخ اللغوي للفظة الفضاء، نبدأ من عام 1667 حين ذُكرت كلمة “فضاء” في الملحمة الشعرية “الجنة المفقودة” لجون ميلتون.

بينما بالنسبة للفظة “الفضاء الخارجي” فلم يجيء على ذكرها في اللغات المعروفة حتى منتصف القرن السابع عشر حين استُعملت في ورقة بحثية تخص علوم الفضاء (وفقًا لمعجم Merriam-Webster.com).

إضافة إلى ذلك، ساهم كاتب الخيال العلمي إتش جي ويلز نشر مصطلح الفضاء الخارجي في روايته لعام 1901.

بينما لم يُذكر مصطلح الفضاء العميق حتى عام 1934، إذ جاء ذكره في رواية “تراي بلانتري Triplanetary” لكاتب الخيال العلمي إي إي سميث (وفقًا لمعجم أكسفورد).

يعول البشر عادة على استطلاع الأمور السطحية وفهمها قبل الخوض بالأمور الأعمق. ولم يكونوا بعيدين عن هذا فيما يتعلق بالفضاء. إذ كان عليهم اتخاذ خطوات حذرة ومتأنية بدءًا من الغلاف الجوي الواقي وصولًا لما يتلوه.

ففي نهايات خمسينيات القرن الماضي، رسم المهندس ثيودور فون كارامان خطًا غير مرئي؛ بهدف تعريف الحدود بين الأرض والفضاء الخارجي، عُرف هذا الخط بخط كارامان، ويقع تحديدًا ضمن مجال 80 إلى 100 كيلومتر فوق سطح الأرض.

لا يُبدي هذا الخط أي تأثيرات سحرية واضحة. فعلى العكس، لزم تقديمه للدلالة على مسارات الطائرات التي يجب عليها التحليق بسرعة عالية خلال الغلاف الجوي الذي يدخل مدار طيرانها تقنيًا.

منذ إطلاق أول الصواريخ في عام 1949، لا تزال البشرية تُرسل أشياء عبر خط كارامان إلى الفضاء الخارجي، وكذلك عبر المدار المحيط بكوكب الأرض.

إنّ الوصول إلى القمر لم يكن أمرًا سهلًا، بل نال وقتًا طويلًا. بدءًا من إرسال الاتحاد السوفييتي مركبتهم إلى القمر عام 1959، بات البشر يرسلون مسابيرهم الفضائية متجاوزين القمر وصولًا إلى الفضاء العميق.

جاءت هذه الرحلات بأهداف استكشافية للكواكب الأخرى والنظام الشمسي أيضًا. الأمر الذي لا يشبه أهداف اليوم، فهناك أكثر من 200 مهمة فضائية أُطلقت لأهداف استكشافية للفضاء العميق.

فضلًا عن ذلك، يزخر الفضاء العميق بعشرات الآلاف من الآلات المصنّعة من قبل البشر. فمثلًا، أطلقت ناسا مسبار فوياجر 1، في سبعينيات القرن الماضي، وسجلت بذلك خطوة غير مسبوقة لأبعد نقطة تمكن الإنسان بلوغها ضمن الفضاء العميق، إذ تجاوزت النظام الشمسي، ووفقًا لناسا فهي الآن تطفو خارج نطاق الأرض بمسافة تُقدر بأكثر من 22.5 مليار كيلومتر عن سطح كوكب الأرض. الأمر الذي صنف فوياجر 1، جزءًا من الفضاء ومع الأنظمة النجمية.

تراودنا أفكار عن أهمية معرفة هذه المصطلحات والغاية منها، إذ يمكن الاستفادة منها في فهم الأخبار التي تتعلق بالفضاء من قبل ناسا وغيرها.

فيعرف عن ناسا امتلاكاها إعدادات اتصال داخلية لتتبع مهمات الفضاء الخارجي والتحكم بها وتعرف بشبكة الفضاء العميق (DSN). مكونه من ثلاث هوائيات راديوية ضخمة تتوزع على نطاق الأرض، لإرسال واستقبال الإشارات من وإلى المسابير والأقمار الاصطناعية المتواجدة في الفضاء العميق.

تحدد شبكات الفضاء السحيق (DSN) فيما لو كانت إحدى البعثات تقع ضمن نطاق الفضاء العميق أم لا. مثلًا، أمست مهمة التحكم بتلسكوب جيمس ويب (JWST) من مسؤوليات شبكة ناسا لمراقبة الفضاء العميق (DSN). إذ أقر علماء الفضاء بقبوع (JWST) ضمن نطاق الفضاء العميق، إذ يدور على بعد مسافة 1.6 مليون كيلومتر من على كوكب الأرض أي على بعد 482,000 كيلومترًا عن القمر.

اقرأ أيضًأ:

ما فائدة استكشاف الفضاء؟ وهل يستحق ذلك فعلًا؟

لماذا الفضاء بارد جدًا بينما الشمس حارة جدًا؟

ترجمة: علي الذياب

تدقيق: تسبيح علي

المصدر