الكهرباء اللاسلكية! كيف يعمل ملف تيسلا؟


لطالما كان يحلم “نيكولا تيسلا” دوماً بإختراع طريقة ما – من بين إختراعاته المتعددة – لإمداد الطاقة بدون مد الأسلاك الكهربية حول العالم. اقترب المخترع كثيراً من تحقيق ذلك عندما أدت تجاربه المجنونة بإستخدام الكهرباء إلى صنع “ملف تيسلا”.

لقد كان ملف تيسلا إختراعاً ثورياً، فكان أول نظام يستطيع نقل الكهرباء لاسلكياً. هوائيات الراديو والتيليغراف القديمة استخدمت ذلك الإختراع، ولكن عن طريق تغيير الملف يمكنك القيام بالعديد من الأشياء المثيرة، مثل تصويب الطلقات الكهربية، أو إرسال التيارات الكهربية عبر الجسم وإصدار ريح إلكترونية.

اخترع تيسلا الملف في عام 1891، قبل استخدام محوِلات القوالب الحديدية التقليدية كمصدر للطاقة في أنظمة الإضاءة والدوائر التليفونية. هذه المُحوِلات التقليدية لا تستطيع تَحَمُّل الترددات العالية وفرق الجهد العالي الذي تستطيع تَحَمُّله ملفات تيسلا المرنة. الفكرة من هذه الملفات بسيطة جداً وتعتمد على القوى الكهرومغناطيسية والرنين. باستخدام سلك نحاسي وقوارير زجاجية، يمكن لأيّ هاوِ كهربي أن يصنع ملف تيسلا الذي يمكنه إنتاج ربع مليون فولت.

كيفية التركيب :

يتكون ملف تيسلا من جزئين: الملف الإبتدائي والملف الثانوي، كل منهم لديه مُكَثِّف خاص به. (المكثفات تخزن الطاقة الكهربية مثل البطاريات). الملفين والمكثفين متصلين عن طريق ( فجوة شرارة كهربية – Spark gap) وهي فجوة من الهواء بين قطبين كهربيين تولِّد شرارة كهربية. ومصدر خارجي متصل بمُحوِّل يمد النظام بأكملة بالطاقة. إجمالاً، ملف تيسلا هو عبارة عن دائرتين كهربيتين مفتوحتين متصلين عن طريق ( فجوة شرارة كهربية – Spark gap).

ملف تيسلا يحتاج إلى مصدر طاقة ذو جهد كهربي عالي. مصدر كهربي عادي يمر من خلال مُحوِّل يمكنه إنتاج تيار كهربي بالطاقة اللازمة (على الأقل آلاف الفولتات). في هذه الحالة، يمكن للمحوِّل تحويل الجهد الكهربي المنخفض لمصدر الطاقة الرئيسي إلى جهد كهربي عالي.

كيف تعمل؟

يتم توصيل مصدر الطاقة بالملف الإبتدائي. المكثف الإبتدائي يعمل كإسفنجة ويمتص الشحنات الكهربية. الملف الإبتدائي نفسه يجب أن يتحمل الطاقة العالية والتيارات الكهربية العنيفة، لذلك فغالباً ما يصنع من النحاس وهو موصل جيد للكهرباء. في النهاية يستطيع المكثف تخزين كم هائل من الشحنات الكهربية والتي تجعل مقاومة الهواء في الفجوة بين المكثفين تنهار في صورة شرارة كهربية. ثم كحال الإسفنجة المشبعة عند عصرها، ينتقل التيار الكهربي من المكثف إلى الملف الإبتدائي مكوناً مجالاً مغناطيسياً.

الكم الهائل من الطاقة يجعل المجال المغناطيسي ينهار بسرعة، ويولد تياراً كهربياً في الملف الثانوي. الجهد الكهربي المار خلال الهواء بين الملفين يولِّد شرارات كهربية في الفجوة الهوائية بينهما. تتدفق الطاقة ذهاباً وإياباً بين الملفين مئات المرات في الثانية الواحدة، وتتراكم في الملف الثانوي والمكثف الخاص به. في النهاية تصل الشحنة المخزَّنه في المكثف الثانوي إلى حد هائل ما يجعلها تنطلق حرة من خلال إنفجار مذهل للتيار الكهربي.

النتيجة هي جهد كهربي ذو تردد عالي يمكنه إضاءة لمبات فلوريسنت على بعد عدة أقدام دون إستخدام أي أسلاك كهربية.

في حالة ملف تيسلا مصمم بدقة عالية حينما يصل الملف الثانوي إلى أكبر قدر من الشحنات يتحمله، فإن العملية بالكامل يجب أن تبدأ مرة أخرى ويصبح الجهاز مكتفِ ذاتياً. ومع ذلك في الممارسة العادية لا يحدث هذا. الهواء الذي تم تسخينه يسحب بعض من الكهرباء بعيداً عن الملف الثانوي ويعيدها للفجوة الهوائية مرة أخرى. وفي النهاية سيفرغ ملف تيسلا من الطاقة. لهذا السبب يجب أن يتم توصيل الملف بمصدر طاقة خارجي.

المبدأ العلمي وراء ملف تيسلا هو تحقيق ظاهرة طبيعية تسمى “الرنين”. يحدث هذا حينما يُطلق الملف الإبتدائي التيار الكهربي للملف الثانوي في الوقت المحدد تماماً لزيادة الطاقة المنتقلة إلى الملف الثانوي. فكر بذلك وتخيل الأمر كالتوقيت الذي ينبغي عليك فيه دفع أحدهم على الأرجوحه حتى تجعله يرتفع عاليًا قدر الإمكان.

إعداد ملف تيسلا باستخدام فجوة هوائية دوارة قابلة للتعديل يعطي المُشغِّل القدرة على التحكم في الجهد الكهربي للتيار المُوَلَّد. هذه هي الكيفية التي تُصنع بها العروض باستخدام الأضواء والتي يُمكن إعدادها أيضاً لتصنع انفجارات في التيار الكهربي مع تشغيل الموسيقى المختلفة. على الرغم من أن ملف تيسلا ليس لديه تطبيقات متعددة، إلا أنه قام بثورة في الطريقة التي نفهم بها الكهرباء ونستخدمها.

أجهزة الرديو والتليفزيون مازالت تستخدم ملفات تيسلا  المتغيرة حتى اليوم.


ترجمة: محمد خالد عبد الرحمن
تدقيق: أسمى شعبان

المصدر