يتكون البروتون والنيوترون -الجسيمان اللذان يُشكّلان أنوية الذرات- من ثلاثية من جسيمات أساسية أصغر تعرف باسم الكواركات.

أظهرت دراسة جديدة توزيع أنواع مختلفة من الكواركات داخل البروتون، ما يوسع فهمنا لهذا الجزء المهم جدًا من الذرة.

رغم أن المشهد الكمّي داخل البروتونات يتألف من فوضى من الكواركات والكواركات المضادة المتبادلة والظاهرة والمختفية، إلا أن هناك تفوقًا عامًا لنوعين من “النكهات” على الباقي، وهما اثنان من الكوارك “العلوي” وكوارك واحد من نوع “السفلي”.

قاد فريق من الباحثين بقيادة الفيزيائية النظرية شوهيني بهاتاشاريا من مختبر بروكهافن الوطني، جهودًا لخلق الخريطة الأدق حتى الآن لنوعيّ الكوارك.

يقول عالِم الفيزياء النظرية سواغاتو موكرجي من مختبر بروكهافن: «تُظهر حساباتنا أن الكوارك العلوي موزَّع ومنتشر على مسافة أصغر من الكوارك السفلي».

تشير نتائج الباحثين إلى أن الكواركات العلوية والسفلية تؤثر في البروتون بطرق مختلفة من حيث الطاقة الداخلية واللف وخصائص أخرى متعددة، وقد يساعد ذلك في تحليل تجارب الفيزياء الأساسية المستقبلية.

قد تتصوّر هذا على أنه دراسة لكيس من الكرات الزجاجية: الكيس كله يُمثل البروتون والكواركات تُمثّل الكرات التي تُثبت بصورة فضفاضة بفضل جسيمات “الغلوونات”. وقد وضّحت الدراسة تفاعلات هذه الكرات مع بعضها.

استُخدمت مجموعة متنوعة من التقنيات التحليلية المتقدمة؛ لتحويل الضوء المنتشر إلى الجسيمات وحساب تغييراتها في الزخم.

سابقًا، افترضت هذه الحسابات أن التغييرات في الزخم ستكون متساوية عبر الجسيمات، ولكن حسابات الفريق أكدت خلاف ذلك، ما سمح لهم بقياس مزيد من حالات الانكسار بدقة أكبر دون زيادة قوة الحساب. ثم طبقوا نتائجهم الأدق على النماذج للحصول على نظرات أعمق.

يقول بهاتاشاريا: «للحصول على خريطة مفصلة، نحتاج إلى تحليل العديد من التفاعلات التي تتضمن قيمًا مختلفة لتغيير الزخم للبروتون».

تُشكّل تفاعلات الكواركات العلوية والسفلية أقل من 70٪ من زخم البروتون، ما يشير إلى أن الغلوونات تؤدي دورًا أكبر مما كان يُظن سابقًا.

إحدى التقنيات الرئيسية المستخدمة هي الكروموديناميات الكمّية (QCD) المتشبكة، التي تضع الكواركات في هيكل ثلاثي الأبعاد لنمذجتها بدقة مع المساعدة من الكمبيوتر الضخم، إذ تُقيم جميع التفاعلات الممكنة، ومن ثم تُحسب احتماليات كل واحدة منها.

في النهاية، تمكن الفريق من رسم توزّع الكواركات في البروتون بدقة تفوق مرات عشر مقارنة بالجهود السابقة.

عندما يتعلق الأمر بأعمال الفيزياء الأساسية مثل هذه، قد تحقق الدقة الأعلى فارقًا هائلًا.

ما زال العلماء يتعلمون أكثر عن الكواركات وكيف أن هذه الجسيمات الأساسية تمهد الطريق للكثير مما نراه في الكون.

تخطط تجارب إضافية باستخدام الحسابات الجديدة أساسًا لها للقيام بها في منشأة تسريع الجسيمات الإلكترونية المستمرة (CEBAF) وجهاز تسريع الإلكترونات والأيونات (EIC)، وهذه التجارب ستتناول القوانين الأساسية للطبيعة والمادة ذاتها. ينبغي أن تساعد هذه التجارب على التحقق من النماذج التي أنتجتها هذه الدراسة.

يقول الفيزيائي جوشوا ميلر من جامعة تمبل: «يجب دمج العمل النظري والتجريبي للحصول على صورة البروتون الكاملة».

اقرأ أيضًا:

ربما يحتوي البروتون جسيمًا أصغر وأثقل منه!

الكثير من كتلة البروتون يأتي من طاقة الجسيمات الموجودة داخله

ترجمة: حمداش رانية

تدقيق: تسبيح علي

المصدر