تَعِدُ الموصلية الفائقة بتغيير جذري لكل شيء بدءًا من شبكات الطاقة وصولًا إلى الأجهزة الشخصية. على الرغم من ذلك، فإن الحصول على مصدر طاقة ذي هدر قليل لدرجات الحرارة والضغوط المحيطة أصعب مما يبدو عليه.

اكتشف فريق من الباحثين من جامعة إيموري، وجامعة ستانفورد في الولايات المتحدة معلوماتٍ قد تسهم في نظريات قد تساعدنا في التغلب على العقبات التي تواجهنا.

يتضمن الاكتشاف ما يُعرف بالموصلات الفائقة المتذبذبة؛ إذ يشمل سلوك الموصلات الفائقة ثنائيات إلكترونية تُسمى ثنائيات كوبر، التي تتحرك ضمن المواد من دون أن تخسر قدرًا هائلًا من الطاقة على صورة حرارة.

تتحرك ثنائيات كوبر في الموصلات الفائقة المتذبذبة على نحو موجي. على الرغم من أنها أقل حدوثًا في الموصلات الفائقة العادية، فإن التذبذبات تحدث عند درجات حرارة أكثر دفئًا نسبيًا، ما يجعل هذه الظاهرة محطَّ اهتمام العلماء الراغبين في جعل الموصلية الفائقة تحدث بثبات في درجة حرارة الغرفة.

يقول الفيزيائي لويز سانتوس من جامعة إيموري في الولايات المتحدة: «اكتشفنا أن التراكيب المعروفة بمعادلة فان هوف المتفردة يمكنها أن تنتج حالات مُعدلة ومتذبذبة من الموصلية الفائقة؛ إذ يُقدم عملنا إطارًا نظريًا جديدًا لفهم ظهور هذا السلوك، وهي ظاهرة ليست مفهومةً جيدًا».

تُعد معادلة فان هوف المتفردة تراكيب معينة تحدث في بعض المواد، وقد تتغير في داخلها طاقة الإلكترونات تبعًا لتغيرات غير اعتيادية، إضافة إلى ذلك، قد يكون لهذا التغيير تأثير كبير في كيفية تفاعل المادة مع القوى الخارجية وكيفية توصيلها للكهرباء.

لجأ الفريق في هذه الدراسة إلى نمذجة معادلة فان هوف المتفردة بطريقة جديدة؛ إذ أشارت نتائج النمذجة إلى أنه في سيناريوهات معينة قد تؤدي هذه التراكيب المحددة إلى موصلية فائقة متذبذبة ما قد يوفر لنا طرقًا جديدة لإدارتها أو للبدء بها.

وفقًا لما سبق فإن تلك الدراسات تكشف عن مستوى عالٍ من الفيزياء، إلا أنها ما تزال مجرد نظريات في الوقت الحالي، لكنها تعزز فهمنا للموصلية الفائقة عند درجات حرارة أبرد بثلاث مراتٍ تقريبًا من ثلاجة المطبخ العادية، التي ما تزال باردة ولكن على مستويات يمكن إدارتها بصورة عامة.

يوجد جدل جدي فيما يتعلق باحتمالية تحقيق الموصلية الفائقة عند درجة حرارة الغرفة، لكن مما لا شك فيه أن ذلك النقاش لم يُؤت ثماره إلى الآن بطريقة تجعله قابلًا للتطبيق خارج المختبر أو باستعمال معدات ضخمة ومكلفة.

اكتشف الفيزيائي الهولندي هايك كامرلينغ أونس الموصلية الفائقة في عام 1911، في أثناء اختبارات أجراها على الزئبق، لكن العلماء لم يفهموا آلية ما كان يحدث وسببه حتى عام 1957. منذ ذلك الحين، تعلمنا كثيرًا عن تلك الظاهرة، بما في ذلك كيفية حدوثها بصورة متذبذبة.

يأمل العلماء يومًا ما بالقدرة على نقل الكهرباء بكفاءة أعلى وتكلفة أقل، فقد استُفيد من قدرة الموصلات الفائقة على إنشاء حقول مغناطيسية قوية بالفعل في أجهزة الرنين المغناطيسي، وفي القطارات المغناطيسية المعلقة أو ما يُعرف اختصارًا باسم (ماجليف Maglev)، وفي مُصادم الهدرونات الكبير.

يقول سانتوس: «أشك في أن كامرلينغ أونس كان يفكر في استعمال عملية الرفع أو في استعمال مسرعات الجسيمات عندما اكتشف الموصلية الفائقة، لكن جُل ما نتعلمه عن العالم له تطبيقات محتملة».

نُشر البحث في دورية فيزيكال ريفيو ليترز.

اقرأ أيضًا:

للمرة الأولى حقق الفيزيائيون الموصلية الفائقة في درجة حرارة الغرفة

الموصلية الفائقة للكهرباء تحت التجربة لاول مرة

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر