ما هو النجم النيوتروني أو النجوم النابضة ؟ النجوم النيوترونية عبارة عن أجسام نجمية يبلغ حجمها حجم مدينة كاملة، وتبلغ كتلتها حوالي 1.4 ضعف كتلة الشمس وهي أجرام هائلة الجاذبية. هذه الأجسام الصغيرة وُلدت من انفجار نجوم أخرى أكبر حجمًا. تنشأ النجوم النيوترونية بموت النجوم العملاقة في المستعرات العظمى وتضمحل النوى بها، مع ذوبان البروتونات والإلكترونات في بعضها لتكوين النيوترونات.

لنلقِ نظرةً عليها، كيف تكونت؟ وكيف تختلف عن بعضها؟

طائر الفينيق النجمي

عندما تنفجر النجوم التي تصل كتلتها من أربعة إلى ثمانية أضعاف كتلة الشمس انفجار المستعرات النجمية العنيفة، تنفجر أيضًا طبقاتها الخارجية في عرض مذهل في كثير من الأحيان، تاركةً وراءها نواةً صغيرةً كثيفةً تستمر في الاضمحلال. تولد الجاذبية ضغطًا شديدًا على المادة في نواة النجم، فتتحد البروتونات مع الإلكترونات لتوليد النيوترونات، ويُعرف اسم الناتج باسم (نجم نيوتروني).

ما هو النجم النيوتروني كيف يتشكل النجم النيوتروني النجوم النابضة نجم ذو كتلة ضخمة وحجم صغير جاذبيته عالية كتلة النجوم النابضة

تبلغ أقطار النجوم النيوترونية 20 كيلومترًا فقط (12.4 ميل). أي أن كتلتها تتركز في هذا الحيز فقط، ما يعني أنها كثيفة جدًا لدرجة أن ملعقةً صغيرةً من نجم نيوتروني تزن مليار طن (على افتراض أنك تمكنت بطريقة ما من الحصول على عينة من على سطح النجم دون أن يتم التقاطها بفعل قوة الجاذبية القوية). تصل جاذبية النجم النيوتروني إلى 2 مليار ضعف قوة الجاذبية على اﻷرض في المتوسط.

تبلغ قوتها درجةً كافيةً لثني الضوء عن النجم بشكل غيرعادي في عملية تُعرف باسم عدسة الجاذبية، ما يسمح لعلماء الفلك برؤية جزء من الجانب الخلفي للنجم. تمنح القوة الناتجة عن المستعر الأعظم -الذي تكون من انفجار النجم الأكبر- للنجم النيوتروني قدرةً على الدوران بسرعة عالية للغاية، لدرجة أن النجم يدور عدة مرات في الثانية الواحدة. يُمكن أن تدور النجوم النيوترونية بمعدل 43000 مرة في الدقيقة، وتقل هذه السرعة تدريجيًا بمرور الوقت.

إذا اشترك النجم النيوتروني في نظام ثنائي مع نجم آخر أو إذا استولى على نجم عابر آخر، نجا من انفجار مميت ناتج عن المستعر الأعظم. وبهذا تُصبح الأمور أكثر إثارةً للاهتمام. إذا كان النجم الثاني أقل من كتلة الشمس، فإن النجم النيوتروني سيسحب كتلة النجم الآخر إلى منطقة تُسمى (Roche lobe – حيز روش) وهي عبارة عن منطقة حول النجم النيوتروني تكون فيها كل المواد مرتبطة بالنجم بفعل قوة الجاذبية الخاصة به. تزيد هذه النجوم المُرافقة كتلة الثنائي النجمي حتى 10 أضعاف كتلة الشمس، ولكنها تكون غير مستقرة ولا تدوم طويلًا.

ما هو النجم النيوتروني كيف يتشكل النجم النيوتروني النجوم النابضة نجم ذو كتلة ضخمة وحجم صغير جاذبيته عالية كتلة النجوم النابضة

تُكوّن الثنائيات النجمية التي تصل كتلتها 10 أضعاف كتلة الشمس (رياحًا نجميةً-stellar wind). وتتكون هذه الرياح النجمية بفعل تدفق المواد على طول الأقطاب المغناطيسية للنجم النيوتروني، ما يخلق نبضات من الأشعة السينية بفعل عمليات التسخين الكبيرة جدًا عند الأقطاب.

بحلول عام 2012، اكتُشف حوالي 1800 نجم نيوتروني نابض من خلال الكشف بأشعة الراديو، وعُثر على 70 نجمًا نيوترونيًا آخر عن طريق أشعة جاما. تحتوي بعض النجوم النيوترونية النابضة على كواكب تدور حولها بفعل قوة جاذبيتها القوية جدًا.

أنواع النجوم النيوترونية

تتدفق مواد من النجوم النيوترونية على شكل نفثات بسرعة الضوء تقريبًا، وكانت تظهر هذه النفثات على كوكب الأرض قديمًا على شكل ومضات مثل لمبة الإنارة. وعرف علماء الفلك القدامى هذه الومضات بأنها نجوم نابضة. تدور النجوم النابضة النيوترونية بين 0.1 و60 مرة في الثانية الواحدة، في حين أن هناك بعض النجوم النيوترونية تصل عدد دوراتها إلى 700 مرة في الثانية الواحدة.

عندما تلتقط النجوم النيوترونية أشعةً سينيةً ناتجةً من المادة المُتدفقة من نجوم أكبر حجمًا، تتفاعل تلك الأشعة مع المجال المغناطيسي للنجم النيوتروني لإنتاج أشعة عالية القدرة يُمكن رؤيتها في الطيف الراديوي أو البصري أو الأشعة السينية أو أشعة جاما. نظرًا لأن مصدر الطاقة الأساسي الخاص بالنجوم النيوترونية يأتي من مصادر مُرافقة لهم.

ما هو النجم النيوتروني كيف يتشكل النجم النيوتروني النجوم النابضة نجم ذو كتلة ضخمة وحجم صغير جاذبيته عالية كتلة النجوم النابضة

فغالبًا يُطلق على هذه النجوم اسم ( النجوم النيوترونية أو النابضة التي تعمل بالطاقة – accretion-powered pulsars) تُنشَّط هذه النجوم بفعل الدوران السريع للنجم، إذ تتفاعل الإلكترونات عالية الطاقة مع المجال المغناطيسي الشديد فوق أقطاب النجم النابض. يُمكن للنجوم النيوترونية الصغيرة قبل برودها أن تُنتج نبضات من الأشعة السينية عندما تكون بعض الأجزاء من النجم أكثر حرارة من غيرها.

تنبعث من النجم النيوتروني أشعة غاما عالية الطاقة عندما تتسارع المادة داخل النجم النيوتروني داخل الغلاف المغناطيسي للنجم النابض. وتقل هذه الطاقة العالية في النجوم النابضة بأشعة غاما مؤديةً إلى إبطاء دوران النجم، ما يُشير إلى أن طاقة هذه الأشعة المُنبعثة عالية جدًا جدًا. يمكن التنبؤ بأماكن وجود النجوم النابضة لدرجة أن الباحثين يفكرون في استخدامها في الملاحة الفضائية.

قال عالم الفلك كيث جندرو -من مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في ماريلند- في عام 2018 لرجال الصحافة: «بعض هذه النجوم النابضة مُنتظم للغاية، مثل الساعة العادية». وقال جندرو أيضًا: «نستخدم هذه النجوم النابضة بنفس الطريقة التي نستخدم بها الساعات الذرية في نظام الملاحة GPS».

يتميز النجم النيوتروني المتوسط بمجال مغناطيسي قوي جدًا. المجال المغناطيسي للأرض هو حوالي 1 غاوس، والشمس بضع مئات غاوس، ووفقًا لعالم الفيزياء الفلكية بول سوتر فإن النجم النيوتروني لديه مجال مغناطيسي يصل إلى تريليون غاوس. تمتلك النجوم المغناطيسية حقولًا مغناطيسيةً أقوى بألف مرة من النجم النيوتروني المتوسط، وتُؤدي قوة السحب الناتجة بفعل قوة الجاذبية الهائلة لهذه النجوم إلى دوران النجم لفترة أطول.

وقال سوتر أيضًا: «هذا يضع النجوم المغناطيسية في المركز الأول من ناحية قوة الجاذبية ويُعطي لها لقب (أقوى مجال مغناطيسي)». تعيث هذه الحقول المغناطيسية فسادًا في بيئاتها المحلية، فكما تمتد ذرات الحديد الصغيرة نحو قضبان مغناطيسية رقيقة، يمكن أيضًا لهذه النجوم الكثيفة أن تجذب رشقات أو انبعاثات نارية من الإشعاع شديد الكثافة.

وقال سوتر: «اقترِب من أحد هذه النجوم (في حدود 1000 كيلومتر أو حوالي 600 ميل على سبيل المثال)، ستكون الحقول المغناطيسية قويةً بما يكفي ليس فقط لإزعاج جهازك العصبي، بل يمتد ذلك إلى جعل نبضاتك العصبية عديمة الجدوى». وأكمل سوتر: «في المجال المغناطيسي، أنت مُجرد نوع من الذوبان».

تحطم النجوم النيوترونية

مثل النجوم العادية، يمكن لنجمين نيوترونيين أن يدور أحدهما حول الآخر، إذا كانا قريبين بما فيه الكفاية، فيمكن أن يحدث بينهما اندماج يتسبب في حدوث انفجار شديد يُعرف باسم (مستعر ماكرو-kilonova). سُمعت موجات تصادم لنجمين نيوترونيين حول العالم في عام 2017، عندما اكتشف الباحثون موجات الجاذبية والضوء القادم من نفس التحطم الكوني للنجمين، كما قدم البحث أول دليل قوي على أن هذه التصادمات الشديدة للنجوم النيوترونية هي مصدر الكثير من عناصر الذهب والبلاتين والعناصر الثقيلة الأخرى في الكون.

وقال هانز توماس جانكا -العالم الأبرز في MPA- في بيان: «حيّر منشأ العناصر الكيميائية في الكون المجتمع العلمي لوقت طويل، أما الآن، لدينا أول دليل مُلاحظ على دمج النجوم النيوترونية باعتبارها مصادر لهذه العناصر الكيميائية؛ وقد تكون هذه النجوم المصدر الأساسي لعناصر أثقل من الحديد والذهب والبلاتينيوم».

أدى التصادم القوي بين النجمين إلى إطلاق كميات هائلة من الضوء وخلق موجات جاذبية امتدت عبر الكون، لكن ما حدث للنجمين بعد تفككهما يظل لغزًا مُحيرًا.

وقال ديفيد شوميكر -كبير الباحثين في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومتحدث باسم (LIG Scientific Collaboration)- في مؤتمر صحفي عام 2017: «في الواقع، لا نعرف ما حدث لهذه الأشياء (يقصد النجوم النيوترونية المُتصادمة) في النهاية. نحن لا نعرف ما إذا كان ثقبًا أسود أو نجمًا نيوترونيًا أو أي شيء آخر».

وقال كبير الباحثين في هذه الدراسة أندرياس بوسوين -من معهد هايدلبرغ للدراسات النظرية في ألمانيا-: «نتوقع أن يُرصد قريبًا المزيد من عمليات الاندماج للنجوم النيوترونية، ما قد يكشف المزيد عن البنية الداخلية للمادة».

اقرأ أيضًا:

المصدر

ترجمة: محمد أيمن

تدقيق: تسنيم الطيبي