الهندسة العصبية – Neuro Engineering هي أحد الفروع الطبية الحيوية التي تجمع ما بين التقنيات الهندسية والحسابية والرقمية مع كل من علم الأعصاب وعلم الأحياء، وتهدف إلى تعزيز فهم آلية عمل الجهاز العصبي عند الإنسان وتحسين أدائه، وخاصة بعد الإصابات والأمراض التي يمكن أن تصيبه، فهي بذلك متعددة المجالات كونها مستمدة من العلوم العصبية (خاصة البيولوجيا العصبية و علم الأعصاب) بالإضافة لفروع متنوعة من الهندسة كعلوم الحاسب، والبرمجة، والروبوتات، وعلم المواد، ومعالجة الإشارات العصبية ، ونمذجة النظم والمحاكاة، بالإضافة لتغطيتها مواضيع وتطبيقات متعددة كواجهات الربط الدماغية الحاسبية، وتصوير الأعصاب، والمعلوماتية العصبية، والهندسة العصبية النسيجية وعلم الروبوتات العصبي.

على الرغم من التطبيقات الواسعة المحتملة التي تقدمها الهندسة العصبية ، فهي تقدم فرصًا استثنائية لتحسين الوظيفة الحسية والحركية بعد حدوث إصابة كبيرة للجهاز العصبي المركزي، كالإصابات الناتجة عن البرق أو الأذيات الرضية للدماغ أو أذيات الحبل الشوكي. في هذه الحالات تُطبّق الوسائل الحديثة لإعادة توجيه الإشارات العصبية حول المناطق المصابة من الدماغ أو الحبل الشوكي أو تعويض أحد أنواع الإشارات العصبية المفقود بعد الأذية باستبداله بنوع آخر.

الهندسة العصبية علم الأعصاب الإشارات العصبية

الهندسة العصبية

قدمت حيوانات التجارب التي طُوِّرت عليها الدراسات في هذا المجال لمحةً عن الطرق العصبية عند البشر، فقد مكّنت الباحثين من دراسة الإشارات المسجلة من مناطق قشرية مختلفة وذلك أثناء سلوكها الطبيعي الإرادي، إذ يمكننا من خلال إشارات عصبية منتقاة ومعالجة أن نوجه رقاقات حاسوبية إلكترونية للتحكم بروبوتات بسيطة أو أن ننشط أجهزة تحفيز كهربائية تسمح بالتحكم بعضلات طرف مت.

وإن هذه الاتصالات البديلة تسمح بنقل الإشارات عبر الجلد أو جذور الأعصاب الحسية لتُنقل بعدها وتُحوَّل بعيدًا عن المناطق المصابة، ثم يجري توصيلها للقشر الدماغي بطرق بديلة أخرى. على سبيل المثال، يمكن تحديد الإشارات العصبية الحسية القادمة من العين أو الجلد والتقاطها عبر مجموعة من المستقبلات الإلكترونية وإيصالها إلى القشر الدماغي على شكل سيالات كهربائية منبِّهة.

ومن التطورات الأخرى: التطور في مجال هندسة النسج العصبية التي تهدف إلى إصلاح وإعادة تجديد الأعصاب، إذ أن التقدم في مجال أنظمة التسجيل العصبية قد سمح بعمليات تسجيل طويلة الأمد لمجموعات صغيرة من الألياف العصبية المحيطية في الجلد أو العضلات، بالإضافة إلى التطور في المحفزات الكهربائية القابلة للزرع لاستخدامها في دعم السير وذلك عند الأشخاص المصابين بأذيات الحبل الشوكي، أو لاستعادة الوظيفة الحركية بعد أذية القشر الدماغي الدائمة الناتجة عن السكتات الدماغية، وعلى سبيل المثال، يمكن للأكمام العصبية التي تُزرع حول الأعصاب المغذية لباطن القدم أن تعيد حس التلامس والاحتكاك أثناء المشي وتحديد الأنماط المختلفة من الحركة بحيث تسمح بتحكم دقيق بتنبيه أعصاب العضلات الموافقة.

الهندسة العصبية علم الأعصاب الإشارات العصبية

الهندسة العصبية علم الأعصاب الإشارات العصبية
Photo: Joseph Xu, Michigan Engineering Communications & Marketing
www.engin.umich.edu

هوامش:

علم المواد-Material Sciences: علوم وهندسة المواد هو تخصص متداخل تُجرى فيه دراسة خواص المواد وتطبيقاتها للعلوم والهندسة، وتتضمن علوم المواد حقولًا من الفيزياء التطبيقية والكيمياء، إضافة الهندسة الكيميائية، وهندسة البترول والتعدين، والهندسة الصناعية، والهندسة الميكانيكية، والهندسة المدنية والهندسة الكهربائية، وتعتمد دراسة علوم المادة بشكل أساسي على معرفة خصائص كل منها تبعًا للمعلومات النظرية أو المخبرية.

معالجة الإشارة-Signal Processing: هي أحد علوم الهندسة الكهربائية والرياضيات التطبيقية. تهتم بتحليل وتعديل الإشارة كإشارات الصوت والصورة، وإشارات أجهزة الاتصالات، والإشارات البيولوجية مثل إشارة كهربائية القلب وإشارة أمواج الدماغ.

الهندسة العصبية علم الأعصاب الإشارات العصبية

الهندسة العصبية علم الأعصاب الإشارات العصبية

المعلوماتية العصبية-Neuroinformatics: هي الحقل الذي يحاول الاستفادة من تطور العلوم العصبية في تطبيقات النمذجة الحاسوبية وابتكار طرق جديدة في الحوسبة.

علم الروبوتات العصبي-Neurorobotics: هو دراسة تدمج بين العلوم العصبية والإنسالية (الروبوتات أو الإنسان الآلي) والذكاء الاصطناعي (AI)، ويتناول دراسة وتطبيق العلم والتكنولوجيا المختصين بنظم الأعصاب المركبة المستقلة، مثل الخوارزميات المستوحاة من الدماغ، إذ تشتمل النظم العصبية على خوارزميات يبتكرها الدماغ (مثل الشبكات الارتباطية)، ونماذج حوسبة للشبكات العصبية الحيوية (مثل الشبكات العصبية الشوكية الاصطناعية، وهي محاكاة واسعة النطاق للدوائر العصبية الدقيقة)، ونظم حيوية حقيقية (مثل شبكات الأعصاب داخل الكائن الحي والتجارب المختبرية). وهذه النظم العصبية يمكن تركيبها في الآلات التي تُشغل ميكانيكيًا أو بأية وسيلة أخرى للتشغيل المادي.

اقرأ أيضًا:

ترجمة: محمد باكير
تدقيق: اسماعيل اليازجي

المصدر