تُعد القوة البدنية جزءًا لا يتجزّأ من الصحة الجسدية، إذ يحتاجها الإنسان لإنجاز العديد من المهام الصغيرة مثل النهوض من السرير أو حمل المشتريات بعد التسوّق، أو المهام الكبيرة مثل دفع سيارة معطّلة بعيدًا عن الطريق.

تُعرَّف القوة بأنها القدرة على إنتاج أقصى جهد ضد مقاومة عادةً ما تكون خارجية.

أظهرت دراسات حديثة أن زيادة القوة العضلية تؤدي إلى انخفاض جميع أسباب الوفيات، ووجدت دراسات أخرى صلةً بين تمارين القوة وتحسين الوظيفة البدنية لدى الأفراد الذين يعانون آلامًا مزمنة.

إن معرفة كيفية بناء قوة عضلية يُعد أمرًا مهمًا بغض النظر عن أهداف الأشخاص وحتى أعمارهم.

يمارس الأشخاص تمارين المقاومة لتحقيق أهداف مختلفة، إذ يهتم بعضهم بأن يمتلكوا قوة عضلية أكبر، والبعض الآخر مهتم بنحت بنية جسمية للحصول على كتلة عضلية أكبر، وآخرون يرغبون بتحسين أدائهم في رياضات معينة.

بغض النظر عن أهدافك، من المهم أن تعرف أن الأمر يتطلب ثباتًا على المدى الطويل لتحقيق النتائج، وأنه يجب عليك أن تعالج بعض المتغيرات لتحدي جسمك لرفع أوزان أثقل.

ذلك قد يشمل:

  •  زيادة وزن الأثقال.
  •  تغيير عدد التكرارات لكل مجموعة.
  •  تغيير مدة الراحة بين المجموعات.
  •  ضبط عدد الأيام التي تتمرن بها.
  •  ضبط عدد المجموعات التي تؤديها.

كم من الوقت يستغرق بناء قوة عضلية؟

الثبات على المدى الطويل هو المفتاح لبناء قوة عضلية، إذ وجدت دراسة حديثة أن الأمر يستغرق عادةً من 6 أسابيع إلى 15 أسبوعًا قبل البدء في ملاحظة أي تغيرات في القوة العضلية.

ومع ذلك، قد تُلاحظ تغيُّرات ملموسة في القوة العضلية خلال الأسبوعين الأولين من التدريب وفقًا لتكيّف عقلك مع التدريب، إذ تظهر هذه التغيرات الفورية عادةً عند الأفراد غير المدرَّبين أكثر من الأفراد المدربين.

من الجدير بالذكر أن بناء العضلات يختلف عن بناء القوة العضلية، إذ يُعد الهدف من بناء العضلات زيادة حجمها، ويُعرف أيضًا باسم تحفيز تضخم العضلات، وليس بالضرورة أن يكون هذا الهدف مماثلًا لهدف بناء القوة العضلية.

نسبيًا، يستغرق تضخم العضلات الملموس ما لا يقل عن 8-12 أسبوعًا، على الرغم من اعتماد النتائج بنحو كبير على طبيعة الغذاء وشدة التمارين وتكرارها، إضافةً إلى عوامل أخرى مثل العمر والجنس.

الأهداف من تمرين رفع الأثقال

تملك رياضة رفع الأثقال فوائد عديدة، إذ تحسّن الصحة العامة بالإضافة إلى زيادة القوة العضلية والطاقة، وزيادة حجم العضلات والقدرة على التحمّل.

 القوة (strength):

الهدف الأساسي لتدريب القوة هو جعل الجسم يتكيف مع رفع الأوزان الثقيلة، ويستطيع الأشخاص إجراء اختبار معيّن لتقييم مقدار الزيادة في القوة العضلية.

فمثلًا، يمكنك إجراء اختبار الوزن الأقصى لعدّة واحدة مثل تمرين ضغط الصدر أو القرفصاء (السكوات)، وملاحظة مقدار زيادة التحمّل مع مرور الوقت.

أظهرت الدراسات أن زيادة القوة العضلية تتطلب حمل أثقال أكبر من 60% من الوزن الأقصى لعدّة واحدة.

قد تؤدي الأثقال التي لا تقل عن 80% من الوزن الأقصى لعدة واحدة إلى تغيرات ملحوظة في القوة العضلية إذا كانت لدى الشخص خبرة تدريبية سابقة.

التوصيات الحالية لزيادة القوة العضلية من خلال تمارين المقاومة هي إكمال 1-8 عدّات حتى الشعور بالتعب العضلي، أي عندما لا تتمكن من أداء التكرار مرة أخرى. تقترح الأبحاث أداء 3-6 من هذه المجموعات للتمرين الواحد.

وجدت إحدى الدراسات أن فترات الراحة التي تبلغ 3 دقائق هي الأمثل لإحداث تغيرات في القوة العضلية، بالإضافة إلى فائدتها من وجهة نظر توفير الوقت.

ضع في حسبانك أن تمارين القوة العضلية ستختلف باختلاف الفرد، إذ إنها تعتمد اعتمادًا رئيسًا على تاريخ تدريبه وإصاباته السابقة وعمره والحافز للقيام بالتمارين.

لذلك من الأفضل ضبط معايير التدريب حسب قدرتك ووقتك ومستوى التحفيز لتحقيق تقدّم. مثلًا، إذا كان عمرك يزيد عن 45 عامًا، فقد تستفيد من الأوزان المنخفضة مثل 60% من الوزن الأقصى لعدّة واحدة.

 تضخّم العضلات:

كما ذُكر آنفًا فإن الهدف من التدريب على تضخيم العضلات هو زيادة حجمها، ولا يُعد تدريب رفع الأثقال بالحد الأقصى جزءًا من هذا البرنامج.

على سبيل المثال، وجدت إحدى الدراسات أن تضخم العضلات قد يحدث برفع أثقال منخفضة الوزن تصل إلى 30% من الوزن الأقصى لعدّة واحدة.

ومع ذلك، لوحظت تغيرات أكبر في حجم العضلات مع التدريب على حمل أثقال بوزن 60% أو أكثر. يبقى العامل المهم هو التدريب بكثافة عالية حتى الشعور بالتعب العضلي.

في دراسة أُجريت عام 2016 لوحظ أن كتلة العضلات زادت عندما أجرى المشارك 3 مجموعات من 8-12 تكرارًا من التمارين التي يشعر فيها بالإجهاد العضلي.

إذا كان الهدف هو زيادة حجم العضلات، يجب أن تستريح بين المجموعات مدة 1-3 دقائق، تمامًا كما هو الحال عند العمل لزيادة القوة.

من المثير للاهتمام أن بعض الدراسات تفترض أن الراحة الأطول بين المجموعات تعزز قدرة العضلات على التحمل.

 التحمّل العضلي:

يتضمن مصطلح التحمل العضلي القدرة على رفع الأثقال دون الحد الأقصى مع مقاومة إجهاد العضلات.

يتضمن عادةً التدريب لتحسين القدرة على التحمل العضلي استخدام أوزان بنسبة 40-60% من الحد الأقصى لعدّة واحدة، إذ يحسن الكفاءة الفيزيولوجية للعضلة، ما يمكّن الفرد من أداء تقلصات متكررة دون الشعور بالإجهاد.

من الناحية الوظيفية، يسمح ذلك بتحفيز الجسم فترةً أطول، مثل الجري أو السباحة.

يتضمن التدريب على التحمل العضلي عادةً إجراء 2-3 مجموعات من 15 تكرارًا أو أكثر. عمومًا، تكون فترات الراحة أقصر، إذ تكون مدة الاستراحة نحو 30-60 ثانية.

 الطاقة (power):

طاقة العضلات هي القدرة على تحريك نفسك أو شيء ما بقوة وسرعة، وتتمثل في أنشطة مثل الركض ورمي القرص وتمارين الكرة البطولية والقفز.

تختلف الأثقال المثالية للتدريب وذلك حسب نوع التمرين، على سبيل المثال، إن حركات القوة مثل القرفصاء (السكوات)، أو الحركات التي تتطلب حركة سريعة مثل تمرين النتر (باور كلين)؛ تستجيب على نحو أفضل لأثقال بوزن 30-70% من الحد الأقصى.

في الوقت نفسه، فإن الأنشطة التي تتطلب تحريك جميع عضلات الجسم مثل القفز؛ تستجيب على نحو أفضل للأوزان الخفيفة التي تبلغ نحو 30% من الوزن الأقصى لعدّة واحدة.

يهدف التكرار إلى العمل على القوة والسرعة وتجنب الإجهاد العضلي.

يميل هذا النوع من التدريب عادةً إلى نحو 1-3 مجموعات من 4-10 تكرارات، وتكون فترات الراحة أطول، إذ تستمر مدة 3 دقائق أو أكثر، ما يتيح للعضلات التعافي تمامًا قبل أداء التمرين مرةً أخرى.

يمكن مزامنة التدريبات مع مجموعات المقاومة الثقيلة في ما يُسمى بتدريب التباين، إذ يساعد ذلك على اكتساب القوة وتجنّب الإجهاد العضلي.

يؤدي الجمع بين مجموعة تمارين المقاومة الثقيلة وتمارين الحركة التي تعتمد على سرعة خفيفة؛ إلى تحسين الأداء.

ست طرق لبناء القوة العضلية

تُعد عملية بناء قوة عضلية مهمةً متشعّبة.

إليك بعض النصائح التي يجب وضعها في الحسبان لزيادة مستوى قوّتك:

 تمارين الإحماء:

عند الاستعداد لرفع أوزان ثقيلة، من المهم القيام بتمارين الإحماء قبل البدء بالتدريب، إذ يشمل ذلك مجموعة تمارين هوائية مع أوزان خفيفة، بالإضافة إلى تمارين الإحماء الديناميكية مثل دوران الذراعين وركلات الساق وتمارين الطحن الهوائية

 الحفاظ على وضعية جيدة:

يجب أن تحافظ على وضعية جيدة عند ممارسة تمارين رفع الأثقال قبل الوصول لمرحلة الإجهاد.

 إعطاء الأولوية للحمل الزائد التدريجي:

زد التكرارات لتحسين القوة، إذ يمكن الحفاظ على ثقل الوزن بنحو 80% من الوزن الأقصى لعدّة واحدة، وزيادة عدد المجموعات الكلي إلى 3-5 مجموعة.

 تجربة التمارين المركّبة:

إذا كان وقتك ضيقًا، استخدم التمارين المركبة التي تتضمن تدريب مفاصل متعددة مثل تمرين القرفصاء (السكوات) وتمرين ضغط الصدر. قد تحصل على أفضل النتائج بأدنى جهد مقارنةً بالتمارين التي تحرك مفصل واحد مثل تمرين ثني الذراع وتمرين مد الركبتين.

 الحفاظ على الاستمرارية:

احرص على الاستمرار بتدريبات القوة العضلية بأداء التمارين ثلاث مرات في الأسبوع، إذ يُعد هذا تدريبًا لكامل الجسم، أو يمكن التبديل بين تدريب الجزء العلوي والسفلي من الجسم.

 طلب المساعدة من الآخرين:

يمكن التعاون مع صديق لتحفيزك وزيادة شعورك بالمسؤولية تجاه التمرين، أو الحصول على التوجيه من أحد المحترفين مثل مدرب شخصي للحصول على نصائح وإتباع برنامج تدريبي مناسب لك خاصةً.

كيف تأكل طعامًا صحيًا وتحافظ على هدفك ببناء قوة عضلية؟

تناول البروتينات في حال كنت تتطلع إلى تعزيز قوتك وكتلتك العضلية، إذ يُتفق حاليًا على أن الحصول على 1.6 غرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا؛ يمكن أن يدعم نمو وقوة العضلات، وإن مقدارًا أعلى من ذلك سيُطرح عن طريق البول ولن يقدم أي فوائد أخرى.

على سبيل المثال، إن الشخص الذي يبلغ وزنه 70 كيلوغرام يستفيد من نحو 112 غرامًا من البروتين يوميًا، وذلك بتناول اللحوم الخالية من الدهون، والدواجن والأسماك، وكذلك البقوليات ومنتجات الألبان والحبوب، يمكنك أيضًا استخدام مكملات البروتين التي تعتمد غالبًا على الصويا أو البازلاء، أو مصل اللبن المُعتمد على البروتين.

لتحسين عملية الامتصاص في الجسم، من الأفضل أن تغير مصادر البروتين التي تتناولها، سيضيف هذا تنوعًا إلى نظامك الغذائي ويضمن حصول الجسم على جميع الأحماض الأمينية المختلفة المعروفة أيضًا باسم اللبنات الأساسية للبروتين.

لا يؤدي تناول هذا القدر من البروتين دون ممارسة التمارين الرياضية بكثافة كافية؛ إلى تحفيز نمو العضلات، فالأشخاص الذين يمارسون الرياضة بنحو أقل كثافة قد لا يحتاجون إلى أكثر من 0.8 جرام من البروتين لكل كيلوغرام من وزن الجسم يوميًا.

إضافةً إلى الحصول على ما يكفي من البروتين، يجب أن تهدف أيضًا إلى الاستمتاع بنظام غذائي متوازن، إذ يتضمن ذلك الكربوهيدرات مثل الحبوب الكاملة والفواكه والخضروات التي تدعم الغذاء بالألياف والفيتامينات والمعادن وتفيد الصحة والوقاية من الأمراض.

أخيرًا، يتطلب بناء قوة عضلية الاستمرارية والثبات والقوة والصبر والتفاني.

توجد مستويات مثالية من التكرارات والمجموعات وفترات الراحة والتواترات للوصول لأهداف مختلفة، إذ يمكن استخدامها مبدأً توجيهيًا، ويمكنك تعديلها بما يناسب الجسم وأسلوب الحياة والأهداف التدريبية.

من المهم أيضًا اتباع نظام غذائي متوازن غني بالبروتين لدعم رحلة اكتساب القوة العضلية.

اقرأ أيضًا:

هل تريد اكتساب القوة العضليّة؟ لا حاجة للأوزان الثقيلة بعد الآن

كيف تنمو العضلات؟

ترجمة: سارا رياض الخضر

تدقيق: عبد الرحمن داده

المصدر