القنبلة الذرية والنووية أسلحة قوية جدًا تستعمل التفاعلات النووية مصدرًا لطاقتها المتفجرة. طور العلماء تقنية الأسلحة النووية لأول مرة خلال الحرب العالمية الثانية، واستُعملت القنابل الذرية مرتين في الحرب فقط من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما و ناغازاكي في اليابان.

تبعت الحرب فترة انتشار للأسلحة النووية، تنافست فيها الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي على التفوق في سباق التسلح النووي العالمي خلال الحرب الباردة.

القنابل النووية والهيدروجينية:

جعل اكتشافٌ لفيزيائيين نوويين في مختبر في برلين بألمانيا، تصنيع القنبلة النووية ممكنًا بعد أن اكتشف كلٌ من أوتو هان وليز ميتنر وفريتز ستراسمن الانشطار النووي، عندما تنقسم ذرة مشّعة إلى ذرات أخف يحصل تحرير مفاجئ وقوي للطاقة.

فتح اكتشاف الانشطار النووي الباب أمام إمكانية وجود التقنيات النووية بما في ذلك الأسلحة النووية، فالقنابل الذرية أسلحة تحصل على طاقتها من تفاعلات الانشطار النووي.

تعتمد الأسلحة النووية الحرارية أو القنابل الهيدروجينية على مزيج من الانشطار النووي والاندماج النووي. والاندماج النووي نوع آخر من التفاعلات الذي تندمج فيه ذرتان أخف لتحرر طاقة.

مشروع مانهاتن:

كان مشروع مانهاتن الاسم الرمزي للجهود التي بذلتها الولايات المتحدة الأمريكية لتطوير قنبلة ذرية فعّالة في الحرب العالمية الثانية.

بدأ العمل على مشروع مانهاتن استجابةً لمخاوف من أن علماء ألمان قد بدأوا العمل على سلاح باستعمال التقنية النووية منذ ثلاثينيات القرن العشرين.

يوم 28 ديسمبر عام 1942، أعطى الرئيس فرانكلين روزفلت الإذن لتشكيل مشروع مانهاتن للجمع بين مختلف العلماء والمسؤولين العسكريين العاملين في البحوث النووية.

من اخترع القنبلة الذرية ؟

أُنجز الكثير من العمل في مشروع مانهاتن في لوس آلاموس في نيو مكسيكو تحت إشراف الفيزيائي النظري جي. روبرت أوبينهيمر الذي يدعى أبا القنبلة الذرية.

يوم 16 يوليو عام 1945 فُجرت القنبلة الذرية بنجاح في موقع ناءٍ في الصحراء قرب ألاموغوردو في نيو مكسيكو، عرُف اختبار تفجير القنبلة النووية الأولى باختبار ترينيتي (الثالوث).

نتجت عن الانفجار سحابةٌ هائلة على شكل فطر بارتفاع 40 ألف قدم معلنةً عن العصر النووي.

تفجيرا هيروشيما وناغازاكي:

طور العلماء في لوس آلاموس طرازين مختلفين من القنابل الذرية بحلول عام 1945، تصميم يعتمد على اليورانيوم يدعى الفتى الصغير، وتصميم يعتمد على البلوتونيوم يدعى الرجل البدين.

بينما انتهت الحرب في أوروبا في شهر أبريل، استمر القتال في المحيط الهادئ بين القوات الأمريكية واليابانية، في نهاية يوليو دعا الرئيس هاري ترومان إلى استسلام اليابان فيما عُرِف بإعلان بوتسدام، ووعد الإعلان بدمار سريع وشامل إذا لم تستسلم اليابان.

في أغسطس 1945 أسقطت الولايات المتحدة قنبلتها الذرية الأولى من قاذفة من طراز بي-29 تدعى إينولا غاي فوق مدينة هيروشيما في اليابان. انفجرت قنبلة الفتى الصغير بقوة بلغت 13 كيلوطن ما أدى إلى تدمير خمسة أميال مربعة من المدينة، وقتل 80000 شخص على الفور، ومات عشرات الآلاف من الناس لاحقًا بسبب التعرض الإشعاع.

وعندما لم تستسلم اليابان على الفور، أسقطت الولايات المتحدة قنبلة ذرية ثانية بعد ثلاثة أيام على مدينة ناغازاكي. قتلت قنبلة الرجل البدين هذه نحو 40000 شخص عند انفجارها.

لم تكن ناغازاكي الهدف الرئيسي للقنبلة الثانية، إذ استهدفت الطائرات مدينة كوكورا حيث امتلكت اليابان واحدة من أكبر منشآتها المصنعة للذخيرة. لكن الدخان الناتج عن غارات القنابل الحارقة حجب الرؤية، عندها تحولت الطائرات الأمريكية باتجاه هدفها الثانوي ناغازاكي.

أعلن الإمبراطور الياباني هورهيتو -بعد رؤيته القوة المدمرة التي تتمتع بها القنبلة الجديدة- استسلام بلاده يوم 15 أغسطس، الذي عُرِف لاحقًا بيوم الانتصار على اليابان.

الحرب الباردة:

كانت الولايات المتحدة الأمريكية الدولة الوحيدة التي امتلكت ترسانة نووية في السنوات القليلة التي تلت الحرب.

افتقد السوفييت مبدئيًا للمعرفة والمواد الخام لصناعة الرؤوس النووية، ومع ذلك حصل الاتحاد السوفييتي خلال سنوات قليلة -عبر شبكة من الجواسيس المنخرطين في التجسس الدولي- على تصاميم لقنبلة انشطارية واكتشف مصادر إقليمية لليورانيوم في أوروبا الشرقية، واختبر السوفييت قنبلتهم النووية الأولى يوم 29 أغسطس 1949.

ردت الولايات المتحدة بإطلاق برنامج يهدف إلى تطوير أسلحة نووية حرارية أكثر تطورًا عام 1950.

بدأ سباق التسلح في الحرب الباردة، أصبحت التجارب والبحوث النووية أهدافًا بارزة للعديد من البلدان خصوصًا الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي.

على مدى العقود القليلة اللاحقة، خزنت كل قوة عظمى عشرات الآلاف من الرؤوس النووية، وطورت بلدان أخرى من ضمنها بريطانيا وفرنسا والصين الأسلحة النووية خلال تلك الفترة أيضًا.

رأى العديد من المراقبين أن العالم على شفير حرب نووية في أكتوبر 1962.

نصب الاتحاد السوفييتي صواريخ تحمل رؤوسًا نووية على أراضي كوبا، على بعد 90 ميلًا من شواطئ الولايات المتحدة الأمريكية، ما أدى إلى مواجهة عسكرية وسياسية استمرت 13 يومًا، عرفت باسم أزمة الصواريخ الكوبية.

فرض الرئيس جون ف كينيدي حصارًا بحريًا حول كوبا وأوضح أن الولايات المتحدة على استعداد لاستخدام القوة العسكرية إذا دعت الحاجة إلى تحييد التهديد المفترض.

تُجُنبت الكارثة عندما وافقت الولايات المتحدة على عرض قدمه قائد الاتحاد السوفييتي نيكيتا خروتشوف يقضي بإزالة الصواريخ الكوبية مقابل وعد الولايات المتحدة بعدم غزو كوبا.

قلق العديد من الأمريكيين من الآثار الصحية والبيئية للتداعيات النووية، أي الإشعاع المتبقي في البيئة بعد الانفجار النووي في أعقاب الحرب العالمية الثانية بعد اختبارات كثيفة للأسلحة النووية في المحيط الهادئ خلال أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين.

ظهرت الحركة المعادية لاستخدام التقنية النووية كحركة اجتماعية عام 1961 في ذروة الحرب الباردة وخلال مظاهرات إضراب النساء من أجل السلام في 1 نوفمبر 1961، شاركت في تنظيم المظاهرات الناشطة بيلا أُبزوغ. تظاهرت 50000 امرأة في 60 مدينة في الولايات المتحدة ضد الأسلحة النووية.

حصلت الحركة على اهتمام وطني مرة أخرى في السبعينيات والثمانينيات مع احتجاجات كبيرة ضد المفاعلات النووية بعد حادثة جزيرة ثري مايل بعد انصهار قلب مفاعل المحطة الكهربائية النووية في بنسلفانيا عام 1979.

عام 1982، تظاهر مليون شخص في مدينة نيويورك ضد الأسلحة النووية وللحث على إنهاء سباق التسلح في الحرب الباردة. كانت تلك واحدة من أكبر المظاهرات السياسية في الولايات المتحدة.

معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية NPT:

أخذت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي زمام المبادرة في التفاوض على اتفاق دولي لإيقاف الانتشار المتزايد للسلاح النووي عام 1968، ودخلت معاهدة عدم الانتشار الأسلحة النووية حيز التنفيذ عام 1970.

قسمت المعاهدة دول العالم إلى مجموعتين، الدول الحائزة على أسلحة نووية والدول غير الحائزة على الأسلحة النووية.

تشمل الدول الحائزة على الأسلحة النووية الدول الخمسة المعروفة بامتلاكها أسلحة نووية في ذلك الوقت: الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي وبريطانيا العظمى وفرنسا والصين.

اتفقت الدول الخمس حسب المعاهدة، على عدم استخدام الأسلحة النووية أو مساعدة الدول الأخرى على حيازة أسلحة نووية، ووافقت على تخفيض ترسانتها النووية تدريجيًا بهدف نزع السلاح الكامل في نهاية المطاف.

ووافقت الدول غير الحائزة على أسلحة نووية على عدم الحصول أو تطوير أسلحة نووية.

عندما انهار الاتحاد السوفييتي في بداية التسعينيات، كانت ما تزال آلاف الأسلحة النووية مبعثرة في أنحاء أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وُجِدت الكثير من الأسلحة النووية في بيلاروسيا وكازاخستان وأوكرانيا؛ فُككت هذه الأسلحة وأُعيدت إلى روسيا.

الدول الحائزة على أسلحة نووية غير شرعية:

أرادت بعض هذه الدول تطوير ترسانتها النووية الخاصة ولم يوقعوا على معاهدة عدم الانتشار، كانت الهند أول دولة خارج المعاهدة تختبر سلاحًا نوويًا عام 1974.

تشمل الدول الأخرى غير الموقِعة على المعاهدة: باكستان وإسرائيل وجنوب السودان

تمتلك باكستان برنامجًا نوويًا معروفًا؛ ويُظن بشكل كبير أن إسرائيل يمتلك أسلحة نووية، مع أنه لم يؤكد أو ينكر رسميًا وجود برنامج للأسلحة النووية، ولا يُعتقد أن جنوب السودان يمتلك أسلحة نووية.

وقعت كوريا الشمالية في بادئ الأمر لكنها أعلنت انسحابها من الاتفاق عام 2003، اختبرت كوريا الشمالية أسلحة نووية علنًا منذ عام 2006، فرضت مختلف الدول والهيئات الدولية عقوبات عليها.

اختبرت كوريا الشمالية صاروخين بالستيين عابرين للقارات عام 2017 ، يُظن أن أحدهما يمكن أن يصل إلى البر الأمريكي الرئيسي.

في أيلول عام 2017 ادعت كوريا الشمالية أنها اختبرت قنبلة هيدروجينية يمكن وضعها على رأس صاروخ بالستي عابر للقارات.

قالت إيران، وهي دولة موقعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، أنها قادرة على البدء بإنتاج أسلحة نووية في مهلة قصيرة.

اقرأ أيضًا:

تاريخ مدرج الكولوسيوم الشهير

أسوأ الكوارث النووية في التاريخ

مكتشف القنبلة الذرية السيرة الذاتية للعالم – ريتشارد فاينمان –

ترجمة: بديع عيسى

تدقيق: أحمد الحميّد

المصدر