لم يعد «النحل الآلي الذاتي» أو «الروبوت النحلي الذاتي» الذي تدور حوله أحداث إحدى حلقات المسلسل الشهير «Black Mirror» مجرد خيالٍ علمي بعد الآن، فقد قدّمت الشركة الأمريكية «وول مارت – Walmart» براءة اختراع عن نحلٍ آلي ذاتي التحكم.

يُعرف تقنيًّا باسم «طائرات التلقيح دون طيّار – Pollination Drones»، والتي من الممكن أن تكون قادرةً على تلقيح المحاصيل تمامًا مثل ما يقوم به النحل الحقيقي. إذ ستحمِلُ حبوبَ اللقاح من نبات إلى آخر، وذلك باستخدام مستشعرات وكاميرات للكشف عن مواقع المحاصيل.

وقد أُلقي الضوء على براءة اختراع الروبوت النحلي للمرة الأولى من قبل شركة «CB Insights» إلى جانب خمس براءات اختراع أُخرى من الروبوتات الطائرة الزراعية، والتي ستعمل إحداها على تحديد النباتات الضارة، في حين ستعمل أُخرى على مراقبة سلامة المحاصيل.

وما يزال المسعى الحقيقي لشركة وول مارت، وراء هذا الاختراع، غير واضح تماما، فقد تكون الشركة تسعى لاقتحام قطاع الزراعة لكسب المزيد من السيطرة على سلسلة المواد التموينية الخاصة بها. ويبدو هذا منطقيًّا، كون وول مارت صبّت اهتمامها على تحسين تجارتها وخدماتها في تسليم البقالة.

فقد أعلنت الشركة عن رغبتها بتوسيع نطاق خدمة توصيل البقالة خلال هذا العام لتشمل أكثر من 800 مخزن، والتي توفر حاجات 40% من العائلات الأمريكية. كما أنها ستوّفر، لدى بعض المحال، خدمة التوصيل في اليوم نفسه، وذلك في غضون ثلاث ساعات.

بالإضافة إلى ذلك، قدّمت وول مارت، في كانون الثاني من هذا العام، براءة اختراع عن خدمة تسوّق البقالة على الانترنت، والتي ستمكّن المتسوقين من قبول أو رفض المنتج الذي انتقاه موظفي الشركة.

وبالعودة للحديث عن النحل الاصطناعي، فإن «وول مارت» ليست أوّل مَن ابتكر نحلًا اصطناعيًّا. ففي السنوات الأخيرة، حاول العلماء جاهدين إيجادَ حلول للحد من التضاؤل في أعداد «نحل العسل»، والذي يقوم بتلقيح قرابة ثُلث الأغذية التي نتناولها.

إذ يشهدُ نحل العسل هلاكًا بمعدلاتٍ لم يسبق لها مثيل، ويُعرَفُ هذا بظاهرة «اضطراب انهيار المستعمرات – Colony Collapse Disorder». (بالرغم من ذلك، فإنه قد تراجع عدد النحل الهالك في عام 2017 مقارنة بسابقه)

قُدِّمَ أوّل روبوت نحليّ (نحل اصطناعي) في عام 2013 من قبل باحثين من جامعة هارفارد. في ذلك الوقت، لم يكن في وسع الروبوتات ذوات حجم النحل هذه أن تطير وتُحلّق جوًّا إلا عندما تكون موصولة بمصدر طاقة، غير أنها تطورت منذ ذلك الحين. فاليوم أصبح بإمكان النحل الاصطناعي أن يبقى على سطح الماء وأن يسبح ويغوص داخله.

ويؤمن الباحثون بقدرة النحل الاصطناعي قريبًا على التلقيح الاصطناعي لحقول من المحاصيل، الأمر الذي قد يسهم في تعويض الخسائر السنوية من النحل على مر العقدين الماضيين.

وعلى الرغم من قدرة النحل الاصطناعي الذي قدّمته جامعة هارفارد على القيام بالعديد من المهام، إلا أنه ما زال غير قابلٍ للتحكم به عن بُعد، عكس النحل الروبوتي الذي قدّمته شركة «وول مارت» والذي سيكون قابلًا للتحكم به عن بُعد. بالإضافة إلى قدرته على الكشف التلقائي عن حبوب اللقاح.

أخيرًا، يمكن القول إنه، نظريًّا، أصبح بإمكان النحل الاصطناعي أن يعمل يومًا ما في المزارع، عوضًا عن بقائه في حدود المختبر.


  • ترجمة: محمد غيث بغدادي
  • تدقيق: المهدي الماكي
  • تحرير : رؤى درخباني

المصدر