جهازٌ جديدٌ يستطيع توليد الطاقة الكهربائية في أي مكانٍ باستخدام التَغيُرات في درجات الحرارة الطبيعية


 الحاجة إلى الطاقة المتجددة في ازدياد، الفحم يُستنزف، والغاز الطبيعيّ رخيصٌ بشكلٍ محبط.

بينما يحارب قطاع الطاقة من أجل مستقبل الكوكب، أطلق الباحثون عليه خفيةً في أنحاء العالم إثباتات مفاهيم التكنولوجيا التي يمكن أن تزود أدواتنا بمصادر جديدةٍ للطاقة أبعد مما نملك الآن.

جهاز (الرَنَانَ الحراري – thermal resonator) في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، لا يحتاج هذا الجهاز السحري لشيءٍ آخر غير البيئة المحيطة لتوليد الكهرباء، وهو يفعل ذلك عن طريق التقاط الطاقة الحرارية العالقة.

هذا ليس سحر، إنَّها تقنيات الهندسة الثورية، وبالرغم من أننا لم نكن نتوقع امتلاك شيءٍ مشابهٍ قريب، من الصعب القول إن هذا شيءٌ عاديٌّ جدًا.

هل سمعت بالتأثير الكهروحراري؟ إنها خاصيةٌ رائعةٌ في الفيزياء تسمح بتوليد جهدٍ كهربيٍّ عندما يسجل جهازٌ خاصٌ يُعرف ﺑ (المزدوج الحراري – thermocouple)، درجات حرارةٍ مختلفةٌ في كل جانبٍ من جوانبه.

في نفس الوقت، إذا أضفت جهدًا للمزدوج الحراريّ، سيؤدي ذلك لاختلافٍ في درجة الحرارة عبر الجهاز.

الأجهزة الكهروحرارية التي تقوم باستخدام هذا التأثير ليست جديدة، يتم استخدامها في محركات الديزل وأحيانًا في الساعات، وتسترد الطاقة الحرارية المفقودة من النظام وتُحول إلى كهرباء، وهذا الجهاز يجعل الأنظمة أكثر كفاءةً من ناحية الطاقة.

المشكلة مع هذه الأجهزة هي أن الفرق في درجات الحرارة يجب أن يكون متوفرًا عبر الجهاز في كل الأوقات.

في غياب أي شيءٍ يسبب هذا -مثل تقلبات أشعة الشمس- يمكن القول إنه لن تُولد أي طاقةٍ كهربائية، وهذا وفقًا ل (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT – ، مُؤلف

ورقة (طبيعة الاتصالات-Nature Communications) التي كُتِبت في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وهو المعهد الذي يأتي منه جهازهم الجديد.

لقد أعدوا أول رنانٍ حراريٍّ في العالم، ذلك الجهاز الذي لاحظوا أنه يمكنه توليد الكهرباء بناءً على تقلبات درجات الحرارة الصغيرة في البيئة المحيطة، ويحدث في كل مكانٍ من أعتم الظلال إلى أعالي قمم الجبال، وهذا ما يجعل جهازهم متعدد الاستخدامات.

كيف لهذا السحر أن يكون ممكنًا؟، إن الأمر كله يتعلق فيما يُعرف بالانصهار الحراري، الذي يصف قابلية المواد لتبادل الطاقة الحرارية مع محيطها، يمكنك تطبيق هذا الأمر وسوف يكون لديك جهازٌ شديد الحساسية للحرارة.

هذه الخاصية بشكلٍ مباشر تعتمد على قدرة المواد في أن تستطيع تخزين الحرارة، فضلًا عن توصيلها، وكما في ملاحظات أوراق معهد (MIT)، ستجد غالبًا مواد جيدة في خاصيةٍ واحدة أو في الأخرى.

تجميع خليطٍ من النحاس ورغاوي النيكل مع المادة العجيبة ذات القدرة الرائعة على التوصيل (الجرافين)، سيُنتج هذا الخليط مادةً ذات موصليةٍ عالية للحرارة وكذلك سعة تخزين.

على الرغم من قدرات الجرافين الأسطورية، يكون التفوق هنا لنوعٍ خاصٍ من الشمع يتحول بسهولةٍ بين الحالة الصلبة والسائلة، وهذا الشمع يخزن الطاقة الحرارية، والتي تحولها ببطءٍ إلى الطرف الآخر من الجهاز.

هذا يضمن اختلافًا في درجات الحرارة ببطءٍ، وبالتالي توليد تيارٍ كهربائيّ.

جهاز معهد (MIT)  فعالٌ جدًا؛ لأنه يستخدم اختلافات درجات الحرارة القياسية بين الليل والنهار، ويستطيع توليد طاقةٍ كافية لتشغيل نظام اتصالات نقالٍ بسيط، أو تشغيل الحساسات (sensors).

نعم، إنها البداية إلى حدٍ ما، لكنَّ الأيام ما زالت مبكرة، لن نتفاجأ إذا تم استخدامها لتشغيل الأجهزة المستقلة، أو وضعها داخل أنظمة طاقةٍ مختلطة لأنظمةٍ أكثر تعقيدًا في المستقبل القريب.

يشرح مؤلفو الدراسة أيضًا أن جهازهم يستطيع معالجة الحاجة إلى مصادر الطاقة المتجددة التي لا تتقطع، وتكون قادرةً على التشغيل المستمر.

المؤلف الرئيسي أنطون كوتريل، طالب دراساتٍ عليا في معهد (MIT)، أخبر موقع IFLScience : » التنافس الكبير على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح هو بالتأكيد أمرٌ طويل الأمد لهذه التكنولوجيا الجديدة للطاقة المتجددة«.

بالمقابل، وصف مستقبلًا تتواجد فيه جميع أنواع الطاقة جنبًا إلى جنب، بل وربما تعمل معًا وذلك بقوله: » جهازنا الرنان الحراري يمكن أن يوجد في الواقع تحت خليةٍ شمسية، إذ يمتص أي حرارةٍ مهدرة من الأعلى إلى الطاقة نفسها«.


  • ترجمة: برنابا جمعة حسن
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: زيد أبو الرب

المصدر