أفادت أخبار مؤخرة بسرقة مجموعة من المخترقين لبيانات من نحو 6.9 مليون مستخدم لشركة الاختبارات الجينية 23andMe، ومن المفهوم قلق البعض بشأن ما قد يفعله شخص ما بتسلسل الحمض النووي، لأن ذلك يعتمد على من يبحث وما يعرفه عن الضحية.

بالنسبة للأسئلة المثارة حول العواقب المحتملة في حال صحة هذه الأخبار مثلًا، فإن بالإمكان تغيير عنواننا أو أسمائنا، ولكن لتغيير الحمض النووي يجب التعرض لكمية كبيرة من الإشعاع للإضرار بالحمض النووي فعليًا، وفي هذه الحالة سرقة تسلسل الحمض النووي سيكون أقل مخاوفنا. لذلك هل يمكن استخلاص أي شيء ذي أهمية من تسلسل الحمض النووي؟

أولًا، ذلك يعتمد على من يبحث

من الممكن بالتأكيد تفسير بعض الأشياء من الحمض النووي، وإلا فلن تكون خدمات الاختبارات الجينية موجودة أو حتى ذات فائدة، ولن نتحرك نحو العلاج الشخصي من خلال علم الوراثة، ولن نملك الحاجة إلى مستوى معين من الخبرة أيضًا.

يتطلب تفسير المعلومات الجينية بدقة تدريبًا خاصًا، سيما عندما يتعلق الأمر بصحتنا، وحتى مع التدريب، يبقى هناك حدود.

وجدت دراسة أجريت على العديد من شركات الاختبارات الجينية التي تقدم خدماتها مباشرة إلى المستهلك -ومنها شركة 23andMe- أن 50% من تلك الشركات أعلنت على مواقعها الإلكترونية إن دقة التنبؤ بعوامل خطورة الإصابة بالمرض أو حدوثه محدودة.

حتى الاختبارات الجينية السريرية غالبًا ما تحتاج إلى فريق كامل من الخبراء لتحديد ما قد تعنيه طفرة جينية معينة في تسلسل الحمض النووي لصحتنا، يشمل ذلك وجود أطباء سريريين ومستشارين وراثيين.

قالت ماري فريفوجل رئيسة الجمعية الوطنية للمستشارين في علم الوراثة: «نحن بحاجة إلى خبراء لمساعدة الناس على تحديد المؤشرات التي يجب وضعها في نتيجة الحمض النووي».

ثانيًا، يعتمد ذلك على المعلومات الأخرى التي تأتي مع تسلسل الحمض النووي

عندما يتعلق الأمر بالاختبارات الجينية، لا تتعلق الخصوصية فقط بأمن بيانات تسلسل الحمض النووي نفسها فقط، بل بالمعلومات التي قد تأتي معها. فحاليًا من الصعب جدًا التعرف على شخص ما فقط من المعلومات الوراثية الخاصة به، ولكن الجمع بين المعلومات الوراثية المأخوذة من تسلسل الحمض النووي مع البيانات الأخرى الخاصة به (كالتاريخ الطبي وتاريخ الميلاد أو الرمز البريدي zip code التي تطلبها الشركات أحيانًا) قد يجعل الأمر أسهل قليلًا، خاصة إذا كان تسلسل الحمض النووي مقترنًا بالمعلومات الصحية.

إذ يمكن القول مثلًا إن العثور على امرأة تبلغ من العمر 39 عامًا من مقاطعة ويستشستر يبلغ طولها خمسة أقدام وسبع بوصات ولديها عيون زرقاء ومصابة بمرض التليف الكيسي، لن يكون صعبًا، وذلك وفقًا لهانك جريلي، مدير مركز القانون والعلوم البيولوجية في كلية الطب بجامعة ستانفورد. وبالعودة إلى 2013 تمكن الباحثون من ذلك بالفعل، إذ نجح فريق من جامعة هارفارد في معرفة المشاركين في مشروع الجينوم الشخصي عبر الأسماء.

لقد فعلوا ذلك ليس باستخدام الحمض النووي الذي ساهم به المشاركون بوصفه جزءًا من المشروع، ولكن من الملفات الشخصية المتاحة للجمهور مع معلومات حول التاريخ الطبي والمعلومات الديموغرافية للمشاركين، مثل الجنس والرمز البريدي، وتمكنوا حينها من معرفة 84-97% من الملفات الشخصية المسجلة بأسماء صحيحة.

ما الذي يمكن فعله بتسلسل الحمض النووي الخاص بنا؟

ربما يكون السؤال الحقيقي هو لماذا يريد أي شخص خارج السلك الطبي أو البحث العلمي أن يكلف نفسه عناء النظر إلى تسلسل الحمض النووي الخاص بنا.

هناك بالطبع أشخاص فضوليون، لكن من المخاوف الأخلاقية المحيطة بمعرفة تسلسل الحمض النووي الجيني هي قدرة شركات التأمين أو أصحاب العمل على استخدام المعلومات الجينية بطرق سيئة، فمثلًا بوسع شركة التأمين حرمان الأشخاص من التأمين الصحي بناء على ملف تسلسل الحمض النووي الذي يشير إلى وجود خطر الإصابة بأمراض القلب. وفي الولايات المتحدة، هناك قانون يحظر التمييز على أساس المعلومات الجينية.

مع التقدم خطوات كبيرة في قدرات الاختبارات الجينية، ربما يتغير الوضع مع مرور الوقت، وإذا كان لدى شخص ما فضول حول معرفة معلومات عن تسلسل الحمض النووي، فعليه حاليًا مواجهة كثير من العقبات أولًا، بداية مع القدرة على معرفة ما يقوله تسلسل الحمض النووي عنا، وختامًا باستخدام هذه المعرفة قانونيًا.

اقرأ أيضًا:

هل يتوقع الحمض النووي مستقبلنا؟

لا يمكن الاعتماد على اختبارات الحمض النووي المنزلية، والمخاطر قد تفوق الفوائد

ترجمة: تيماء القلعاني

تدقيق: نور حمود

مراجعة: محمد حسان عجك

المصدر