كان للحروب والمعارك منذ فجر التاريخ تأثير لا يخفى على عالمنا، إذ ساهمت الصراعات في تشكيل العالم وتغييره، بدايةً من أقدم المعارك في بلاد الرافدين القديمة حتى الحروب المعاصرة في الشرق الأوسط، ورغم تطور الحروب عبر العصور وزيادة تعقيدها فإن قدرتها على تغيير العالم بقيت ثابتةً لا تتغير. فلننظر -فيما يلي- إلى 5 حروب طاحنة تركت أثرًا عظيمًا على التاريخ، شهدها العالم في القرن العشرين للميلاد.

الحروب العالمية: الحرب العالمية الأولى

شهد القرن التاسع عشر العديد من الصراعات والحروب لكن لم يستطع أحد التنبؤ بما يحمله القرن العشرون، إذ أصبح هذا القرن عصر العديد من الصراعات والحروب العالمية وبدأت باندلاع الحرب العالمية الأولى سنة 1914 م.

أدى اغتيال الأرشيدوق النمساوي فرانس فرديناند في 28 يوليو 1914 إلى اندلاع هذه الحرب التي استمرت حتى عام 1918 م، وكانت قد بدأت بتحالفين (دول الحلفاء ودول المحور) يتكونان من ثلاث دول حاربا بعضهما؛ تضمن الأول بريطانيا وفرنسا وروسيا بينما تضمن الثاني ألمانيا والإمبراطورية النمساوية المجرية والإمبراطورية العثمانية.

مع نهاية الحرب كانت دول أخرى قد شاركت فيها كالولايات المتحدة، بينما نال القتال إبانها من معظم أوروبا فدمرها مخلفًا نحو 15 مليون قتيل. لكن هذه لم تكن سوى البداية، إذ أعدت الحرب العالمية الأولى المسرح للثانية.

الحروب العالمية: الحرب العالمية الثانية

يصعب تصور مدى الدمار الذي قد تخلفه ست سنوات فقط من المعارك والحروب، لكن ما جرى في الحرب العالمية الثانية كان حربًا على مستوى لم يشهده العالم من قبل. وكما في الحرب السابقة، اصطفت الدول في جانبين؛ دول المحور التي ضمت ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية واليابان، ودول الحلفاء التي ضمت بريطانيا العظمى وفرنسا وروسيا والصين والولايات المتحدة.

اندلعت هذه الحرب لعدد من الأسباب منها الاقتصاد العالمي الضعيف والكساد الكبير وصعود هتلر وموسوليني إلى هرم السلطة في بلديهما، وكان ما أشعل شرارة الحرب هو غزو ألمانيا لبولندا. وقد استحقت الحرب العالمية هذه اسمها بجدارة إذ أثّرت في كل القارات والدول بطريقة أو بأخرى، رغم أن معظم القتال جرى في أوروبا وشمال أفريقيا وآسيا وكانت ضرباته المدمرة مركزةً في القارة العجوز.

وثِّقت المآسي والفظائع في أماكن كثيرة، ومن أمثلتها المحرقة (الهولوكوست) التي أدت إلى قتل أكثر من 11 مليون شخص منهم نحو 6 ملايين يهودي، أما تعداد القتلى الكلي في المعارك والحروب في أثناء فيتراوح بين 22 و26 مليونًا. وقد شهد فصل الحرب الأخير مقتل نحو 70 إلى 80 مليون ياباني حين ألقت أمريكا القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناكازاكي.

من الحروب في آسيا: الحرب الكورية

وقعت شبه الجزيرة الكورية فريسة الحرب التي قامت بين أمريكا وكوريا الجنوبية تدعمهما الأمم المتحدة من جانب وكوريا الشمالية الشيوعية من جانب آخر في الفترة 1950-1953 م.

يعتبر كثيرون الحرب الكورية مجرد واحدة من الحروب والصراعات العديدة التي كوّنت الحرب الباردة؛ ففي ذلك الوقت حاولت الولايات المتحدة وقف انتشار الشيوعية، وما الانقسام في كوريا إلا نتيجة تقسيم الدولة بين أمريكا وروسيا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

من الحروب الأخرى في آسيا: حرب فيتنام

حارب الفرنسيون في دولة فيتنام الواقعة في جنوب شرقي آسيا إبان خمسينيات القرن العشرين، ما أدى إلى انقسام الدولة إلى شطرين تسيطر على الشمالي منها حكومة شيوعية، ما يذكرنا بالمشهد في كوريا الذي سبق المشهد الفيتنامي بعقد من الزمن.

حين غزا القائد «هو تشي منه» (حكم 1945-1969) فيتنام الجنوبية الديمقراطية سنة 1959 م، أرسلت أمريكا المساعدة لتدريب الجيش الجنوبي، لكن سرعان ما تغيرت المهمة؛ فبحلول سنة 1964 كان الفيتناميون الشماليون يهاجمون القوات الأمريكية في فيتنام، ما قاد إلى «أمركة» الحرب فأرسل الرئيس ليندون جونسون (حكم 1963-1969) القوات الأمريكية المحاربة سنة 1965، وهنا أخذت الأحداث بالتصاعد.

انتهت الحرب سنة 1974 بانسحاب الأمريكيين وتوقيع معاهدة سلام، وفي أبريل 1975 فشل الجيش الفيتنامي الجنوبي، الذي تركته القوات الأمريكية يحارب وحده، في وقف سقوط العاصمة الجنوبية «سايغون» فانتصرت القوات الفيتنامية الشمالية.

من الحروب في الشرق الأوسط: حرب الخليج

ليست الحروب والصراعات أمرًا جديدًا على الشرق الأوسط، لكن حين غزا العراق الكويت سنة 1990 لم يستطع المجتمع الدولي السكوت عن ذلك، وكانت هناك عواقب لرفض الحكومة العراقية الاستجابة لمطالب الأمم المتحدة.

تحالفت 34 دولةً في عملية درع الصحراء (أم المعارك، حرب التسعين) فأرسلت قوات عسكريةً نحو الحدود العراقية السعودية، وبدأت الحرب بقصف جوي مكثف نظمته الولايات المتحدة في يناير 1991 تلاه تقدم القوات البرية. ورغم إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بعد فترة قصيرة، لكن الصراع لم يتوقف؛ ففي 2003 غزا تحالف آخر بقيادة أمريكا العراق في حرب عُرفت باسم حرب العراق (حرب 2003) فأسقط حكومة صدام حسين (حكم 1979-2003).

اقرأ أيضًا:

الحرب العالمية الثالثة: الأسباب التي قد تشعلها

معركة السوم في الحرب العالمية الأولى

ترجمة: الحسين الطاهر

تدقيق: نور عباس

مراجعة: آية فحماوي

المصدر