يسمع الناس الكثير عن تكنولوجيا البلوكتشين، المرتبطة بالعملات الرقمية مثل البيتكوين، التي تعتمد على أنظمة البلوكتشين لحفظ سجلاّت التعاملات المالية بين الأشخاص والشركات. لكن انهيار ثقة العامة بالعملات الرقميّة مثل «تيرا يو اس دي»، والانحدار الكبير في قيمتها السوقية، لا يعني أن التكنولوجيا الكامنة ورائها باتت عديمة النفع.

في الحقيقة، توجد عدة استعمالات أخرى لهذا النوع من الأنظمة، الذي لا يعوّل على التخزين المركزي، إذ يستطيع العديد من الأشخاص المشاركة في أمان حتى وإن لم يكونوا على معرفة ببعضهم البعض.

بصدد اكتشاف تكنولوجيات جديدة لتكنولوجيات شبكات الاتصال الذكية، بيّن العديد من المهندسين والمبرمجين أن تكنولوجيا البلوكتشين تمثل حلًا منشودًا للعديد من التحديات من مشكلات الثقة والسلامة المعلوماتية للجيل القادم من التطبيقات القائمة على الشبكات. واستنتجوا أن تكنولوجيا البلوكتشين برهنت على جدواها بطرقٍ عدة غير مرتبطة بالعملة الرقمية.

سلاسل الإمداد:

تستلزم سلاسل الإمداد الحديثة كمًا هائلاً من المعلومات عن العدد الضخم من المنتجات التي تُشحن حول العالم. وتعاني هذه السلاسل من محدودية سعة تخزين البيانات والإجراءات المكتبية غير الفعالة وتنظيم البيانات المنفصلة وأشكال البيانات غير المنسجمة.

لكن لا تستطيع هذه الطرق التقليدية المُمركزة لتخزين البيانات تعقب مصدر المشكلات بفاعلية.

يُحسّن تخزين المعلومات باستعمال تكنولوجيا البلوكتشين من موثوقية المعلومة وإمكانية مراقبتها وتتبعها.

على سبيل المثال، يستعمل صندوق شركة أي بي أم للغذاء نظامًا يعتمد تقنية البلوكتشين لتتبّع المواد الغذائية من الحقل إلى البائعين. يُسجّل المشاركون في سلسلة الإمداد الغذائية التعاملات في البلوكتشين المشترك، ما يبسط عملية التتبع.

الرعاية الصحية:

امتلاك البيانات والخصوصية من أهم الهواجس في مجال الصحة. ولا تستطيع النظم المركزية الحالية الإيفاء بكل الاحتياجات المتنوعة للمرضى ومقدّمي الخدمات الصحية وشركات التأمين والوكالات الحكومية.

توفّر تكنولوجيا البلوكتشين نظامًا لا مركزيًا للتحكم بالوصول إلى السجلات الطبية حيث تكون مصالح كل الجهات المعنية محمية.

لا تمكّن أنظمة البلوكتشين مقدمي الخدمات الصحية من مشاركة السجلات الطبية لمرضاهم فقط، بل تسمح أيضًا لهؤلاء المرضى بالتحقّق ممن يطّلع على سجلاتهم وتحديد من يخوَّل له ذلك.

الخدمات المالية والبنوك:

يستفيد قطاع الخدمات المالية والبنوك من إدماج شبكات البلوكتشين بالعمليات التجارية. بدل محاولة تطوير عملاتٍ رقمية ذات قدراتٍ جديدة أو مختلفة، أدرك القطاع المالي أن لانظمة البلوكتشين طريقة يُعوَّل عليها لتخزين المعلومات حول العملات التقليدية مثل الدولار واليورو والين وكذلك المنتجات المالية.

توفر تكنولوجيا البلوكتشين للمستهلكين إمكانيّة مراقبة تعاملاتهم من أي مكان وتقريبًا في نفس الوقت الذي تُعالج فيه. تستفيد البنوك أيضًا من تكنولوجيا البلوكتشين إذ تسمح لها بإدارة الأعمال بين مؤسستين بطريقة أكثر أمنًا وفاعلية.

سجلات الملكية:

عملية تسجيل حقوق الملكية يدويًا اليوم هي عمليةٌ مُثقلةٌ وغير ناجعة. التوثيق الورقي التقليدي يستغرق وقتًا ويستنزف الجهد ويفتقد الشفافية، كما أنه عرضةٌ للضياع. تُلغي تكنولوجيا البلوكتشين هذه العوائق والأخطاء وقلّة الفاعلية وتُقلل من التكلفة بتحويل العملية كلها إلى النموذج الرقمي.

تمنح أنظمة البلوكتشين المالكين الثقة بدقة عقودهم وكونها مُوثقة دائمًا، والوصول إليها من بعد مهمٌّ خصوصًا لمن يعيش في مناطق تفتقر إلى البنية التحتية الحكومية أو البنكية الكافية.

التصويت والانتخابات:

تثبيت الأصوات والحفاظ على خصوصيّة الناخبين يبدُوان مطلبين متضاربين. تقدم البلوكتشين وسيلة لتحديث نظام اقتراعٍ وزيادة الشفافية والعدالة. ذلك وأنه من شبه المستحيل التلاعب بنظام اقتراعٍ مُعزّزٍ بتكنولوجيا البلوكتشين، فبإمكانه الحفاظ على عمليّة اقتراعٍ شفّافة.

في انتخابات التجديد النصفي لنوفمبر 2018 بولاية وست فيرجينيا، استُعمِل نظام اقتراعٍ قائمٌ على البلوكتشين وبدى أنه آمن وجدير بالثقة.

المدن الذكية:

تدمج المدينة الذكية المعلومات وتكنولوجيات الاتصال مع مَرَافقها وبنيتها التحتية وخدماتها لتُوفر لساكنيها فضاءً حيويًا ذكيًا وملائمًا ومرفّهًا. المدينة الذكية هي بالأساس شبكةٌ من أجهزةٍ عديدة تتواصل فيما بينها لتتشارك البيانات. يمكن أن تتضمن الأجهزة المتصلة مركبات الناس وهواتفهم الذكية وعدّاداتهم الكهربائيّة وأنظمة مراقبة السلامة العامة وحتى المنازل.

لهذه النظم مُتطلّبات سلامة وخصوصية، لا تستطيع نظم المعلومات المركزية الإيفاء بها. تُعد البلوكتشين من تكنولوجيات الشبكات المحورية لبناء المدن الذكية لأنها تستطيع تحسين العمليات وتعزيز ضمانات السلامة والثقة المتبادلة بين المشاركين.

إن مستقبل تكنولوجيا المعلوماتيات يتمحور حول اللامركزيّة. فالهندسة المركزيّة التي لدينا اليوم لا تقدر على تلبية الاحتياجات المُتزايدة والمتنوعة للأشخاص الذين يُريدون تعديل أجهزتهم شخصيًّا والتحكّم في ممتلكاتهم الرقمية والمشاركة في العملية الديمقراطية بسهولةٍ أكبر. البلوكتشين تكنولوجيا محوريّة تُمكن من بناء أي نظام معلوماتية آمن ومتين ولامركزيّ.

اقرأ أيضًا:

ما هي البلوكتشين (Blockchain)؟ وكيف ستستفيد الشركات منها؟

دبي: مدينة المستقبل خطوة نحو اقتصاد مستقبلي مبني على نظام بلوكتشين

ترجمة: زياد نصر

تدقيق: دوري شديد

المصدر