في القرن العشرين، مع بداية التطور التكنولوجي والثورة الفضائية، رصد الباحثون إشعاعًا قويًا يشبه الأشعة التي يصدرها النجم. ومع تكرر الدراسات، تبين أن هذه المنطقة التي يصدر منها الإشعاع تحيط بثقبٍ أسود عملاق، وهي تجمعات لغازات محترقة تصل درجة حرارتها إلى مليارات الدرجات المئوية.

أطلق الباحثون على هذه المنطقة اسم النجم الزائف، بسبب تشابهها الكبير مع الإشارات النجمية التي تأتي من خارج منظومتنا الشمسية.

تُعد هذه المنطقة حاليًا ذات أهمية كبيرة في الدراسات البحثية الفضائية، إذ تساهم في فهم الثقوب السوداء وجاذبيتها.

في دراسة حديثة، رصد الباحثون نجمًا زائفًا يشع ويخفت بانتظام، ما رجّح وجود ثقبين أسودين على وشك التصادم في تلك المنطقة. ويتوقع الباحثون حدوث هذا التصادم خلال 10000 سنة.

تُعد الثقوب السوداء العملاقة قلوب المجرات، إذ يستحيل تكوّن المجرات دونها، وتحافظ جاذبية هذه الأجرام على تماسك كل الكواكب والنجوم داخل المجرة.

عند تصادم أي مجرتين معًا، ينجذب كل ثقب أسود إلى الآخر، ما يؤدي إلى تصادمهما مع الوقت وامتزاجهما لتكوين ثقب أسود عملاق يقع في قلب المجرة المتكوّنة.

يقترح الباحثون في الدراسة، أن النجم الزائف الذي رُصد، يقع في قلب هذا التصادم حاليًا، وأن دوران الثقوب السوداء حوله، هو ما يؤدي إلى الإشعاع والتخافت المنتظمين.

رُصد هذا النجم الزائف منذ خمسين عامًا، ولفت أنظار الفلكيين، فرغم تشابهه مع بقية النجوم الزائفة في الحرارة والشكل، فإنه يتميز بالتدفقات التي ينفثها وتتوجه مباشرةً باتجاهنا. تمتاز هذه التدفقات بسرعتها التي تصل إلى نحو 99% من سرعة الضوء.

أطلق الباحثون اسم PKS 2131-021 على هذا الجرم.

ما فاجأ الباحثين في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، هو أن البيانات التي تصف سطوع هذا النجم تتميز بارتفاعٍ وانخفاضٍ منتظمين، ما يعني سهولة توقع تطوره مع الوقت.

حاول الفريق العثور على أي بيانات عن النجم، لتفسير هذا الانتظام، إذ قاموا بتحليل بيانات تعود لنحو أربعين سنة من مختلف المراصد، إلى أن رصدت ساندرا أونيل بياناتٍ تعود لفترة ما بين عامي 1975 و1983.

تقول ساندرا إن البيانات التي تعود لنحو 40 عامًا هي ما ساهم بداية في إيجاد تفسير لما يحدث في تلك المنطقة.

مع بدء التحليل البياني، أنشأ الباحثون محاكاة توقّعت وجود ثقب أسود عملاق يدور حول آخر أكبر، في فترة مدارية تقارب السنتين. ويتوقع الباحثون أن كتلة الثقبين الأسودين تساهم في جعل دورانهما حول بعضهما سريعًا للغاية، رغم المسافة التي تفصلهما، والتي تقارب ألفي وحدة فلكية.

تُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها إذ ساهمت في وصف أحد أغرب الأجرام في كوننا، إضافةً إلى مساهمتها في رصد ثقبين أسودين تفصلهما مسافة صغيرة بالمقاييس الفلكية، وهذه المسافة هي ما ساهمت على الأرجح بانتظام سطوع النجم الزائف الذي يحيط بهما.

توقع الباحثون سابقًا أن الثقوب السوداء الصغيرة نسبيًا -التي تصل كتلتها إلى عشرين ضعف كتلة شمسنا- موجودة بكثرة في الكون، وتتصادم مؤديةً إلى ظهور موجات جاذبية يمكن رصدها، كما توقع آينشتاين منذ نحو مئة سنة. لكن ما ميّز هذه الدراسة أن الثقوب السوداء المرصودة عملاقة، إذ تصل كتلتها إلى مئات وآلاف كتلة شمسنا.

إن تأثير هذين الثقبين على نسيج الزمكان بدأ بالظهور الآن مع اقترابهما في أثناء فترة الدوران، لذا، فإن هذا التصادم الذي سيحصل خلال آلاف السنين القادمة، بالتأكيد سيُنتج أحد أكبر موجات الجاذبية في التاريخ.

وأكد الباحثون في ختام دراستهم، بأن هذا التصادم سيكون ذا أهمية للفيزياء النظرية، ولتأثير الجاذبية على الزمكان، وعلى الأجرام التي تحيط بهما.

اقرأ أيضًا:

اكتشاف نادر! ثلاثة ثقوب سوداء عملاقة على وشك الاصطدام

النقاط الصغيرة في هذه الصورة ليست نجومًا أو مجرات، بل ثقوب سوداء!

ترجمة: محمد مسلماني

تدقيق: يمنى عيسى

المصدر