إنسيلادوس هو أحد أقمار زحل ، يبلغ قطره 505 كيلومتر، وهو صغير بما يكفي ليتموضع داخل حدود ولاية أريزونا. هذا القمر الصغير، هو أحد أكثر الأماكن الواعدة لاحتمالية استضافة الحياة في النظام الشمسي. وعلى الرغم من درجات الحرارة المتجمدة هناك، فإن القمر يحتوي على مياه سائلة تحت سطحه ، ويبدو أن هذه المياه تتصل مباشرةً بالقاع الصخري؛ ما يجعل التفاعلات الكيميائية المعقدة ممكنة الحدوث، والتي بدورها قد تؤدي إلى نشأة الحياة.

إنسيلادوس زحل القمر النظام الشمسي الحياة

الاكتشاف والتسمية:

عندما أدار (السير وليام هيرشل- Sir William Herschel) تلسكوبه البالغ طوله 1.2 متر نحو السماء، لاحظه لأول مرة، وكان ذلك بتاريخ 28 أغسطس 1789، أثبت التلسكوب جدارته لمساعدته في اكتشاف قمر جديد يدور حول الكوكب ذي الحلقات (زحل).

إنسيلادوس هو أول قمر من أصل اثنين اكتشفهما هيرشل، وسادس قمر اكتُشف حول زحل. وقد ساعد حجمه الضئيل في إبعاده عن أنظار الاكتشاف. يدور إنسيلادوس حول زحل بمسافة 238,037 كيلومترًا. وعلى الرغم أنه أحد ألمع الأجرام في النظام الشمسي؛ فإن وهج زحل وحلقاته يتفوق على القمر الصغير؛ ما يتطلب تلسكوبًا مع مرآة أكبر للتمكن من رؤيته.

تزامنت ملاحظات هيرشل مع اعتدال زحل، عندما قل وهج الحلقات نسبيًا من منظور الأرض، وساعده في ذلك أيضًا أنه كان يستخدم أكبر تلسكوب في العالم آنذاك. ومثل الأقمار الأخرى لزحل، بقي إنسيلادوس بلا اسم لعدة سنوات. حتى نشر ابن هيرشل (جون) عملًا في عام 1847 يشير إلى أن الأقمار تحمل أسماء، فقد أعطي كلًا منها اسمًا رقميًا استنادًا إلى المسافة التي تفصله عن الكوكب.

قبل عام 1847، عُرف إنسيلادوس باسم (زحل الثاني -Saturn II). وفي الأساطير اليونانية، تبعت (الجبابرة – Titans) الإله اليوناني (كرونوس -Cronus)؛ المعروف لدى الرومان باسم زحل. كانت لإنسيلادوس أطراف تشبه الأفاعي. وخلال المعركة بين الجبابرة والآلهة الأولمبية، أصابته آلهة أثينا برمح مدمر.

ودُفن تيتان في جزيرة صقلية، تحت جبل إتنا. تيتان الجريح؛ هو المسؤول عن الزلازل والحرائق البركانية التي اندلعت في الجبل. وقد جرت تسمية العلامات المميزة على سطح القمر، بشخصيات وأماكن من مجموعة قصص غرب وجنوب آسيا (ألف ليلة وليلة العربية).

الانبعاثات الجليدية:

يحتوي إنسيلادوس على خمسة أنواع مختلفة من التضاريس على سطحه. وتطغى الحفر على المنظر الطبيعي؛ إذ تصل أحجامها إلى 35 كيلومترًا. هناك مناطق أخرى ناعمة ومنبسطة وخالية من الآثار؛ ما يدل على أنها تشكلت حديثًا، وهناك أيضًا السهول والشقوق والتكسرات في القشرة التي تملأ السطح.

وعلى الرغم من صغر حجم القمر، فإنه يُشع بشكل زاهٍ. إذ يعكس سطحه الجليدي أكثر من 90% من أشعة الشمس التي تسقط عليه، ما يجعله أحد ألمع الأجرام في النظام الشمسي. ونظرًا إلى أن القمر يعكس أشعة الشمس بدلًا من امتصاصها، فإن درجة حرارته تصل إلى -201 درجة مئوية (-330 درجة فهرنهايت).

قطر إنسيلادوس أقصر من قطر قمر الأرض بسبع مرات، وهو سادس أكبر قمر لزحل وأحد أكبرها كتلة. ومثل معظم الأجرام الكروية، فهو مفلطح قليلًا عند خط الاستواء، بسبب تأثيرات الجاذبية أثناء دورانه. ولأن كتلته ليست كبيرة، وقوة الجاذبية على سطحه صغيرة جدًا، فقد فوجئ العلماء باكتشاف غلاف جوي له فوق القطب الجنوبي الأكثر دفئًا.

ذلك بالإضافة إلى ملاحظات بعثة كاسيني التابعة لوكالة ناسا، والتي كشفت عن الصدوع الموجودة في السطح المعروفة باسم (خدوش النمر -tiger stripes)، والتي تنفث المواد بشكل دوري نحو الفضاء. وفي حين أن بعض الانفجارات الجليدية تغذي الغلاف الجوي للقمر، فإن أغلب المواد المنبعثة تُقذف نحو الفضاء.

يساهم هذا التفريغ الجليدي في تغذية (الحلقة إي-E-ring) الضخمة حول زحل، وهي أكبر حلقة كوكبية في النظام الشمسي، تمتد على أكثر من حوالي مليون كيلومتر. وبخلاف غيرها من الحلقات، تتكون (الحلقة الرقيقة – E-ring) من جسيمات صغيرة، بدلًا من قطع كبيرة من الصخور.

ينفث ما لا يقل عن 101 صدع المواد الجليدية نحو الفضاء كتفاعل للقمر مع كوكبه، فتقوم قوى الجاذبية بفتح وإغلاق الصدوع عندما يقترب ويبتعد إنسيلادوس من زحل على طول مداره الإهليجي، الذي تستغرق فترته المدارية 1.37 يومًا أرضيًا.

ومن المحتمل أن الصدوع المائية تتصل مباشرةً بالمحيط، ما يعني أنه يمكن للمسابير الفضائية التي تحلق فوقه أن تأخذ عينات اختبار من هذا المحيط دون الحاجة إلى الغوص فيه.

إن أحد أهداف المهمة التي يطلق عليها (البحث عن الحياة في إنسيلادوس- Life Investigation for Enceladus)
“LIFE” إرسال العينات مباشرةً إلى الأرض.

تكون الصدوع في أوجها عندما يكون القمر أبعد ما يكون عن الكوكب، لكن المواد المنبعثة منها لا تزداد في ذلك الوقت. وهذا عكس ما توقعه العلماء، ويُعتقد أن شيئًا مثيرًا للاهتمام يجري في أعماق القمر. وأيضًا، قد انخفضت انبعاثاته بشكل كبير، منذ بدأت مركبة كاسيني بمراقبتها في عام 2015، ولكن السبب الدقيق لم يُعرف بعد.

وعلى الرغم من أن القمر متجمد، فإن الأمونيا من المواد المنبعثة منه، ويمكنها أن تعمل كمضاد للتجمد، لإبقاء المياه تحت السطح سائلة. وإن الحموضة المكتشفة في انبعاثات القمر لا تستبعد وجود الحياة فيه.

اكتشفت كاسيني مواد كيميائية معقدة أخرى فيه، ما يجعل إنسيلادوس بقعةً مميزةً في النظام الشمسي عندما يتعلق الأمر باستضافة الحياة، ويجعله أيضًا هدفًا ممتازًا لرحلات الاستكشاف المستقبلية.

المزيد من الحقائق:

• متوسط المسافة المدارية: 238,037 كم
• أقرب مدار: 236,918 كم
• أقصى مدار: 239,156 كم
• الفترة المدارية: 1.37 يومًا أرضيًا
• السرعة المدارية: 45,487.3 كم / ساعة
• الانحراف المداري: 0.0047
• نصف القطر: 252.1 كم
• المحيط الاستوائي: 1,495,622 كم
• الجاذبية السطحية: 0.113 م / ث²
• سرعة الإفلات: 861 كم / ساعة

اقرأ أيضًا:

هل من الممكن حقًّا أن توجد حياة تحت سطح الأقمار الجليدية؟

أقمار زحل وحلقاته قد تكون أصغر عمراً من الديناصورات

لو كانت للأرض حلقات كحلقات زحل

ما الذي تم اكتشافه تحت سطح قمر إنسيلادوس التابع لزحل؟

ترجمة: محمد رشود
تدقيق: محمد قباني

المصدر