إذا كنت تحب أزهار الربيع وأوراق الخريف الملونة، ولكنك تخشى الأعراض التي تسببها لك مثل العطاس وحكة العينين وسيلان الأنف أو احتقانه فقد تكون مصابًا بحمى القش. حمى القش هو المصطلح الشائع لوصف الحساسية الموسمية، إلا أن الاسم الصحيح لها هو التهاب الأنف التحسسي الذي يعني وجود التهاب داخل الأنف. فغالبًا ما تؤثر أعراض حمى القش في الأنف، ولكنها قد تؤثر أيضًا في العينين والجلد وسقف الفم.

تحاكي حالة حمى القش أمراض الحساسية عمومًا عندما يهاجم الجهاز المناعي مادةً غير ضارة تصل إلى الجسم من البيئة المحيطة، وتشمل هذه المواد في حالة حمى القش الموسمية كلًا من العشب والأشجار وحبوب اللقاح العشبية والفطريات المنتشرة في الأماكن المكشوفة.

وهي حالة شائعة تؤثر في نحو 40-60 مليون أمريكي، وقد يكون الشخص أكثر عرضةً للإصابة في حال وجود أي ما يلي:

  •  الربو أو حالات الحساسية الأخرى.
  •  الإكزيما.
  •  وجود الحساسية لدى الآباء أو الأشقاء.
  •  وجود مواد مسببة للحساسية في المنزل أو مكان العمل والتعرض لها فترات طويلة.
  •  تدخين الأم خلال السنة الأولى من حياة ابنها قد يجعله أكثر عرضةً للإصابة.

يصاب معظم الناس بحمى القش قبل بلوغهم العشرين من عمرهم، ولكن قد تحدث الإصابة لدى الأعمار كافة، وقد تحدث لدى جميع الناس من أي عرق أو مكان في العالم.

الحساسية الحوليّة المستمرة على مدار السنة

إذا كان الشخص يعاني دومًا أعراض الحساسية بصرف النظر عن الموسم فقد يكون مصابًا بالتهاب الأنف التحسسي الدائم، وتكون مسببات الحساسية المسؤولة في هذه الحالة من الأماكن المغلقة مثل شعر الحيوانات الأليفة (خاصة من القطط) وعث الغبار والعفن والصراصير.

في حال الإصابة بالتهاب الأنف الموسمي والدائم معًا ستزداد الأعراض سوءًا في مواسم الالتهابات التحسسية عندما توجد كميات كبيرة من حبوب اللقاح العشبية في الهواء، ويحصل ذلك لدى أكثر من ثلثي الأشخاص الذين يعانون الحساسية في فصل الربيع.

تظهر الحساسية لدى بعض الأشخاص أيضًا لأشياء أخرى في الهواء المحيط بهم مثل العطور ودخان السجائر وعوادم السيارات.

متى تطلب المساعدة؟

تجب مراجعة الطبيب في الحالات التالية:

  •  إذا كانت أعراض الحساسية تؤثر في نوعية الحياة.
  •  إذا كانت أعراض حمى القش مستمرة دون تحسن.
  •  إذا كانت الأعراض لا تستجيب على الأدوية التي تصرف دون وصفة طبية (OTC) أو إذا سببت تلك الأدوية أعراضًا جانبيةً.
  •  في حال وجود مشكلات أخرى مثل الربو والتهابات الجيوب الأنفية المزمنة أو البوليبات الأنفية.

يحاول الكثير من الناس التأقلم مع أعراض حمى القش دون علاجها، ولكن العلاج قد يساعد على تخفيف الأعراض، ويمكن للاستشارة الطبية المبكرة أن تحسّن حالة الحساسية عمومًا.

حاول أن تفهم حالتك

حاول أن تفكر في أماكن ظهور الأعراض وأوقاتها لديك قبل استشارة الطبيب، على سبيل المثال:

  •  تظهر حبوب اللقاح العشبية عادةً في بداية الربيع.
  •  تطلق الأعشاب حبوب اللقاح في الصيف وأواخر الربيع.
  •  تنتج عشبة الرُّجَّيد حبوب اللقاح في فصل الخريف.
  •  قد تسوء أعراض حساسية الأماكن المغلقة في فصل الشتاء.
  •  قد تسبب الفطريات الموجودة في الأماكن المغلقة أو المكشوفة إلى جانب وبر الحيوانات الأليفة ظهور أعراض تحسسية على مدار السنة.
  •  إذا اختفت الأعراض خلال أسبوع تقريبًا فقد تكون الحالة مجرد نزلة برد وليست حساسية.

الأدوية

قد يستغرق الأمر محاولاتٍ عدة لتخفيف الأعراض، فأولًا يجب الابتعاد عن مسببات الحساسية قدر الإمكان، وثانيًا يجب تناول الأدوية التي يقترحها الطبيب أو وصفها وفقًا لتوجيهاته حتى يُستفاد منها بالشكل الأمثل.

 بخاخات الكورتيكوستيرويد الأنفية:

يمكن استعمالها على المدى الطويل لعلاج أعراضٍ مثل الحكة وسيلان الأنف والاحتقان، وعادةً ما تعطي نتيجةً في غضون 12 ساعةً من الجرعة الأولى، وتتضمن البوديسونيد والفلوتيكازون والموميتازون.

 مضادات الهيستامين:

متوفرة على شكل حبوب وبخاخات أنفية وقطرات عينية، ونتائجها أفضل فيما يتعلق بأعراض حمى القش مثل سيلان الأنف والعطاس وحكة العينين والجلد، وتتضمن الخيارات المتاحة منها كلًا من السيتريزين واللوراتادين والفيكسوفينادين، وهذه الأدوية أفضل من المنتجات القديمة لهذا الصنف الدوائي (يسميها الأطباء مضادات الهيستامين من الجيل الأول)، إذ إن المنتجات القديمة تسبب النعاس عادةً.

مضادات الاحتقان:

تحسّن أعراض انسداد الأنف من خلال المساعدة على تخفيف التورم داخله، ولكن يجب عدم استعمال البخاخات والقطرات الأنفية من هذا الصنف الدوائي فترة أطول من 5 أيام لأن الأنف قد يعتاد عليها ويعود الاحتقان فور إيقافها، وتعرف هذه الحالة بالاحتقان المرتد.

 كرومولين الصوديوم:

بخاخ أنفي يصرف دون وصفة طبية ويُستخدم مرات عدة في اليوم لإيقاف إطلاق الهيستامين، وتكون نتائجه أفضل عند البدء به قبل ظهور الأعراض.

 مضاد اللوكترين:

يثبط هذا الدواء اللوكترينات، وهي مواد كيميائية في الجهاز المناعي تحرض الجسم على زيادة إنتاج المخاط، وقد يساعد مضاد اللوكترين مثل دواء المونتيلوكاست عندما تأتي أعراض الحساسية مع حالة ربو خفيف.

 الإيبراتروبيوم الأنفي:

بخاخ أنفي لا يُصرف إلا بوصفة طبية ويساعد على إيقاف سيلان الأنف الشديد ولكنه لا يؤثر كثيرًا في الأعراض مثل الاحتقان أو العطاس، ويجب عدم استخدامه في حال الإصابة بالزرق أو تضخم البروستات.

العلاج المناعي

يهدف هذا العلاج إلى تقليل ارتكاس الجسم للمواد التي يتحسس منها ولكن فائدته لا تشمل جميع مسببات الحساسية، ويبدو أنه يساعد أكثر مع مسببات الحساسية البيئية الشائعة.

الخطوة الأولى في هذا العلاج هي معرفة المواد التي يتحسس منها المريض، ويقوم الطبيب بذلك من طريق اختبار وخز الجلد أو عبر حقن جرعات صغيرة من مسببات الحساسية تحت الجلد.

عندما يحدث ارتكاس التهابي في مكان الحقن فهذا يعني وجود حساسية من المادة المحقونة، وبعد ذلك يُعطى المريض حقناتٍ تحتوي جرعاتٍ صغيرة من المواد التي يتحسس جسده منها، وعادةً ما تُعطى حقنةٌ واحدة في كل مرة، ثم يزيد الطبيب الجرعة تدريجيًا حتى يصل إلى أكبر كمية يمكن للمريض تحملها. تجب زيارة الطبيب بانتظام لتلقي هذا العلاج وغالبًا ما تكون الزيارات أسبوعيةً مدة 2-5 سنوات.

وافقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في عام 2014 على العلاج المناعي تحت اللسان لعلاج التحسس من حبوب لقاح العشب والرُّجَّيد، ويُعطى على شكل أقراص أو سائل يوضع تحت اللسان يوميًا، ويُفضَّل البدء بهذا العلاج قبل أشهر عدة من بدء موسم الحساسية.

ابتعد عن مسببات الحساسية

يمكن تخفيف أعراض الحساسية من طريق تجنب التعرض لمسبباتها أو الحد منها، وبالنسبة للحساسية الموسمية ينبغي فعل ما يلي:

  •  البقاء في الداخل قدر الإمكان في فترات ذروة انطلاق حبوب اللقاح العشبية وفي أيام الرياح الشديدة، مستويات حبوب لقاح الرُّجَّيد أعلى في الصباح، بينما تكون ذروة مستوياتها بالنسبة للأشجار والأعشاب في وقت مبكر من المساء.
  •  إغلاق النوافذ واستخدام مكيف الهواء.
  •  ارتداء النظارات الطبية أو النظارات الشمسية لحماية العينين من التعرض لحبوب اللقاح العشبية.
  •  ارتداء الكمامات عند العمل في الأماكن المكشوفة.

بالنسبة للحساسية الدائمة من الحيوانات والمسببات المنزلية ينبغي فعل ما يلي:

  •  استخدام أغطية واقية من عث الغبار للوسائد والمراتب.
  •  تكرار غسل الملاءات والبطانيات بالماء الساخن.
  •  تقليل مستويات الرطوبة في المنزل باستخدام مزيلات الرطوبة ومكيفات الهواء.
  •  غسل اليدين بعد لمس الحيوانات.
  •  ترك الحيوانات الأليفة خارج الغرفة في أثناء النوم.
  •  استبدال السجاد بالأرضيات الخشبية الصلبة أو البلاط أو أرضيات اللينوليوم.

الشطف بالماء المالح:

يمكنه تخفيف احتقان الأنف وغسله من المواد المسببة للحساسية ومن المخاط الزائد، يمكن استعمال المحاليل الجاهزة في زجاجات الضغط أو وعاء نيتي، وعند صنع خليط الماء المالح يدويًا في المنزل يجب استعمال الماء المُقطر أو المُعقم أو المَغلي، ويجب غسل وتعقيم الزجاجة أو وعاء النيتي بالماء النقي بعد كل استخدام وترك الوعاء في مكان جاف.

العلاجات العشبية:

تشير بعض الأدلة إلى وجود شجيرة تُعرف باسم البوتيربور أو نبات القُبّعيّة قد تساعد على علاج أعراض حمى القش، إلا أن استعمالها الخام قد يسبب التسمم بسبب احتوائها على مادة سامة تسمى قلويدات بيروليزيدين (PA)، ولذلك يجب استعمال منتجاتها الخالية من تلك المادة، وتتضمن العلاجات العشبية الأخرى كلًا من الفليفلة والعسل وفيتامين C وزيت السمك، ولكننا بحاجة إلى مزيد من الأبحاث لمعرفة مدى تأثيرها، حتى أن بعض الناس استخدموا الوخز الإبري لعلاج حمى القش.

الخلاصة

يمكن السيطرة على أعراض حمى القش رغم عدم وجود علاج نهائي للمرض، وذلك بمتابعة الحالة مع الطبيب والالتزام بخطة العلاج وتجنب مسببات الحساسية الموسمية والدائمة.

اقرأ أيضًا:

التأق/ فرط الحساسية

ما هي حساسية الطعام أو الحساسية الغذائية ؟

ترجمة: محمد أحمد بصل

تدقيق: لبنى حمزة

المصدر