وفقًا لبحثٍ أُجري في مدرسة إيكان للطب في جبل موسى ونُشر في مجلة journal Cell في 20 أيلول، أثبتت دراسةٌ وجود علاقةٍ وطيدةٍ بين الأعضاء الحشوية ووظيفة الدّماغ وبالأخصّ دارة الثواب في الدماغ، ويمكن أن تساعد أيضًا في اكتشاف أهدافٍ جديدة للمعالجة بتحفيز العصب المُبهم ولا سيما في اضطرابات الأكل والشّعور.

أكّد الباحثون سابقًا أنّ العصب المُبهم يُعتبر منظّمًا مهمًّا لحالات التحفيز والثواب، ولكن بقيت هذه الدّارة العصبية بين الأمعاء والدماغ غامضةً وغير مثبتة حتى اللحظة.

يُعدّ العصب المُبهم العصبَ الأطول بين الأعصاب القحفيّة في جسم الإنسان، يحتوي على ألياف حسّيّة وحركيّة تعبر العنق والصدر وصولًا إلى البطن.

لقد وثق العلماء بما هو معتادٌ عليه تقليديًّا؛ وهو أنّ العصب المُبهم مسؤولٌ عن الوظائف التثبيطيّة كالشّبع والغثيان، وقد اعتقدوا أنّ الهرمونات الدوّارة تنقل إشارات الثّواب من الأمعاء إلى الدّماغ بدلًا من العصب المُبهم.

يقول إيفان دي أراوجو، دكتورٌ في الفلسفة، وكبير أعضاء هيئة التدريس في قسم العلوم العصبية في مدرسة إيكان للطب في جبل موسى، وكبير مؤلفي الورقة: «ولكن تثبت دراستنا -ولأوّل مرّة- وجود تجمّعٍ عصبونيّ من أعصاب الثواب-reward neurons وسط الخلايا الحسية للفرع الأيمن من العصب المُبهم.

لقد ركزنا على تحدي وجهة النظر التقليدية التي تقول إنّ العصب المُبهم غير مرتبطٍ بالتحفيز والمتعة والشّهوة، ووجدنا أنّ تحفيز العصب المُبهم خاصة الفرع العلوي منه كافٍ وبقوة لتحفيز أعصاب الثّواب التي تقع في عمق الدّماغ من الدّاخل».

تتداخل فروع العصب المُبهم بشكلٍ معقّدٍ، ما يجعل من الصعب جدًّا محاكاة كل عضوٍ يُعصِّبه العصب المُبهم على حدة، ولمواجهة هذا التحدي، أرسل العلماء مجموعةً من الأدوات البيولوجيّة عن طريق الفيروسات لاستهداف العصبونات الحسية للعصب المبهم المرتبطة بالمعدة والقسم الأعلى من الأمعاء، فاستخدموا فيروساتٍ تحمل أدواتٍ جزيئية، إذ يُتاح لهم التحفيز البصري لعصبونات العصب المُبهم المرتبطة بالأمعاء، بينما تبقى العصبونات المُبهمة الأخرى هادئة، تُعرف هذه التّقنيّة بـ optogenetics، وتسمح للباحثين باستخدام الضوء لمحاكاة فعالية مجموعةٍ محدّدةٍ من الأعصاب.

وقد بيّنت هذه الدراسة أنّ عصبونات الثواب المحددة حديثًا في القسم الأيمن من العصب المبهم تعمل تحت نفس القيود التي تعمل بها عصبونات الثّواب في الجهاز العصبي المركزي؛ وهذا يعني أنها تربط الخلايا الحسية المحيطية مع عصبونات الثواب في الدّماغ.

ونلاحظ بشكلٍ مُلفت للنظر أنّ العصبونات في القسم الأيسر من العصب المبهم كانت مرتبطةً مع التّخمة لا الثّواب، وقد أبدت دراسات الفريق البحثي التّشريحية -للمرّة الأولى- أنّ الفرعين الأيمن والأيسر للعصب المبهم يصعدان ليصلا إلى الجهاز العصبي المركزي بشكلٍ غير متناظر.

ويوضّح ونفي هان، دكتورٌ في الطب، وأستاذٌ مساعدٌ في علم الأعصاب في مدرسة إيكان للطب في جبل موسى، والمؤلف الرئيس للدراسة: «لقد دُهِشنا بمعرفة أن القسم الأيمن من العصب المبهم فقط يتّصل أخيرًا بعصبونات الثواب التي تحوي الدّوبامين (الناقل العصبي المسؤول عن التحفيز والثّواب) في جذع الدماغ».

إنّ اكتشاف نقلِ القسم الأيمن من عصبونات العصب المُبهم المعدي المعوي لإشارات الثّواب إلى الدّماغ يفتح فرصًا للتحفيز الهدفيّ للعصب المبهم، ما يزيد فاعليّة العلاج بتحفيز العصب المبهم بنبضاتٍ كهربائيّة عند المرضى الذين يعانون من اضطّرابات الأكل والاضّطرابات الشعوريّة.

شارك في هذا البحث:
Researchers from The John B. Pierce Laboratory, Yale University School of Medicine, Duke University, and University of São Paulo.


  • ترجمة: رهف السيد
  • تدقيق وتحرير: تسنيم المنجّد
  • المصدر