إذا ما كنت بصدد كتابة رواية وتأمل أن تحقق أفضل مبيعات، أو بصدد رسم لوحة ألوان مائية لتكون تحفة فنية؛ فإن الطريقة التي تشعر بها لها نفس تأثير الموهبة الطبيعية. فمن الواضح أن الصورة النمطية للفنان المعذّب فيها شيء من الصحة، فلقد كشفت الأبحاث أن المشاعر المختلطة تشجّع على الإبداع أكثر من السعادة أو الحزن لوحدهما.

ففي استعراض لمجموعة من الدراسات التي تبحث في العلاقة بين مزاج الشخص والإبداع، تجد أن لدى الأشخاص المبدعين اتصال أكبر في مناطق متنافسة في الدماغ، وخصوصًا بين المناطق المسؤولة عن التركيز القوي والمناطق المسؤولة عن الخيال العفوي. فعندما يتم مزج هذه المناطق المتناقضة بنجاح وعقد التوازن بينها؛ يتحقق مستوى عالٍ من الإبداع.

سواء كان ذلك الاختلاط انتباهًا مفتوحًا مع تركيز عالٍ، ذهن حاضر بشكل كامل مع أحلام يقظة، وحَدث (إحساس) وعقلانية، أو تمرّد حاد مع احترام للتقاليد… الأشخاص المبدعون لديهم أدمغة فوضوية، هذا ما كتبه عالم النفس الأمريكي سكوت باري كوفمان «Scott Barry Kaufman» الذي يلخّص نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة «Harvard Business Review». فأن تكون قادرًا على ربط منطقتين عاطفيتين معًا والتي يشار إليها بـ”المشاعر المختلطة” مشابه تمامًا لعملية ربط الأفكار المختلفة، حسب قوله. وهو أساس ما يجعلك خلاقًا و مبدعًا. فغالبية المبدعين العباقرة تنسب إليهم نزعة بجمع أفكار أو حالات، غالبيتنا غير قادر على تخيلها معًا.

لقد بيّن تقرير صدر مؤخرًا خلال العام، أن امتلاكك للبراعة العقلية لدفع التفكير الخلاّق وحده لايكفي، وإنما وحسب التقرير فإن الانفتاح على مشاعر عميقة ومكثفة يعدّ مفضلًا للتفكير الخلاق على الشعور بالحزن أو الفرح. الأمر الذي يدعم دراسة حديثة أخرى حول الموضوع، والتي نفّذت من قبل مجموعة من علماء النفس وهم: إيدي هارمون جونز «Eddie Harmon-Jones» وتوم برايس «Tom Price» من جامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، و فليب غابل «Philip Gable» من جامعة الاباما في الولايات المتحدة، والتي وجدت أن “الكثافة التحفيزية” من أهم الأمور عندما يتعلق الموضوع بالإبداع بغض النظر إذا ما كانت المشاعر سلبية أو إيجابية.

العواطف المكثفة تجعلك وبشكل تحفيزي ترغب القيام بشيء ما كالخوف و التوتر و الرغبة.

بينما العواطف الأقل كثافة هي أكثر حيادية كالامتنان والتسلية والحزن. فإذا ما أردت إشعال فتيل محرّك الابداع لديك؛ فعليك بصقل مكوّن مجموعة المشاعر لديك، حاول مثلًا كتابة قصة رعب مباشرة بعد أن رأيت شبحاً. في المقابل، فإن مجموعة المشاعر الأخيرة تميل إلى إعطاء دماغك القدرة على الرؤية من منظور أفضل، وصورة أكبر وبسهولة أكثر.

ويشير كوفمان أن الوسط غير الاعتيادي يساعد في تعزيز تضارب المشاعر، واستخلاص مكوّنات الإبداع، وبالتالي نجد أكثر أنواع المكاتب غرابة في أكثر الشركات المتجهة بفكر نحو الأمام. وهذا حسب ما نشر في مجلة هارفرد بيزنس ريفيو، حيث قال أن كل شيء يعود لفكرة إبداع الموظف.

ويختتم قائلاً: “إن آخر الأبحاث حول دور المشاعر في الإبداع تشير إلى أنه عوضًا عن التركيز على المشاعر الايجابية فقط بين الموظفين ومحاولة إبعاد المشاعر السلبية؛ على المدراء أخذ عوامل أخرى إضافية في الحسبان، على سبيل المثال تهيئة بيئة تحضر التناقض العاطفي والكثافة التحفيزية عند محاولة التحفيز على الابداع”.


 

المصدر