كشفت دراسة حديثة عن نتائج واعدة لدواء شائع لمرض السكري ضد نوع نادر من أورام الدماغ خلال مرحلة الطفولة في الدراسات المختبرية.

ثبط دواء الميتفورمين نمو الورم في مجموعة كانت تعاني من الورم البطاني العصبي في حفرة القحف الخلفية في عينات الخلايا والفئران.

الميتفورمين دواء يوصف بشكل شائع لمرض السكري، وقد يبشّر بإمكانية استخدامه ضد نوع نادر من أورام المخ في مرحلة الطفولة ضمن الدراسات المختبرية، وفقًا لتقرير فريق دولي من الباحثين بقيادة مركز روجل للسرطان التابع لجامعة ميتشيغان، الذي نًشر في Science Translational Medicine.

قادت التجارب التي كشفت عن مفاهيم جديدة للمجموعة A التي تعاني من الورم البطاني العصبي في حفرة القحف الخلفية أو PFAs فريق البحث إلى نهج العلاج الجديد المحتمل. الأورام المدمرة عالميًا هي مجموعة فرعية من الأورام البطانية العصبية، تمثل حوالي 5٪ من أورام الدماغ في مرحلة الطفولة وتؤثر على حوالي 240 طفلاً كل عام في الولايات المتحدة، وفقًا لإحصاءات موقع Cancer.net.

قال كبير مؤلفي الدراسة الدكتور سريرام فينيتي، أستاذ أبحاث الأسرة في آل وروبرت جليك لطب الأطفال في قسم علم الأمراض في ميشيغان: «إن هذه الأنواع من الأورام تتحدى في الواقع فهمنا الأساسي للسرطان، لأن معظم الأورام معروفة بكونها تنشأ من طفرات أو أخطاء جينية».

تسعى مناهج الطب الدقيق جاهدة لتحديد هذه الطفرات واستهدافها بأدوية معينة. لكن تفتقر غالبية الأورام البطانية العصبية في حفرة القحف الخلفية (PFAs) إلى مثل هذه الطفرات الجينية المسببة للسرطان.

أضاف الدكتور فينيتي: «اكتشفنا مرة أخرى في عام 2016 أن التغيرات غير الجينية هي في الواقع الدوافع الرئيسية لهذه الأورام». أي لم يشر إلى الطفرات الدائمة للحمض النووي نفسه، وإنما إلى التغييرات في كيفية وصول الخلايا وقراءتها تسلسل الحمض النووي.

تشترك الأورام البطانية العصبية في حفرة القحف الخلفية (PFAs) في عدد من أوجه التشابه غير الجينية لانتشار الأورام الدبقية الجسرية الجوهرية، التي يشار إليها عادةً باسم DIPGs

قال فينيتي: «هناك علامة جينية مهمة حقًا ضاعت في هذه الأورام، وهي مطابقة تقريبًا للطفرة التي نراها في الأورام الدبقية الجسرية المنتشرة (DIPGs)». تظهر الأورام أيضًا في أجزاء مماثلة من الدماغ النامي في نفس الفئة العمرية الصغيرة.

كانت مجموعة البحث قد اكتشفت سابقًا أن الطفرة الرئيسية في الأورام الدبقية الجسرية المنتشرة (DIPGs) تغير التمثيل الغذائي للخلايا وتساءلوا عما إذا كان البروتين EZHIP الذي يُعبر عنه بإفراط في الأورام البطانية العصبية في حفرة القحف الخلفية (PFAs) قد فعل الشيء نفسه.

من خلال سلسلة شاقة من التجارب التي أجريت على الخلايا والأنسجة الورمية، وباستخدام المسح الطيفي بالرنين المغناطيسي للمرضى، الذي أُجري بالتعاون مع مستشفى الأطفال في لوس أنجلوس وجدوا أن الإجابة كانت نعم. إذ تعيد الأورام البطانية العصبية في حفرة القحف الخلفية (PFAs) توصيل نفس المسارين الأيضيين اللذين كانا مرتبطين سابقًا بالأورام الدبقية الجسرية المنتشرة (DIPGs)، تحلل السكر ودورة حمض الكربوكسيل في الميتوكوندريا.

نتائج غير متوقعة

كان مرض السكري مجالًا واضحًا يجب اللجوء إليه عند البحث عن طرق لتثبيط استقلاب الجلوكوز، وهي نفس العملية التي تقود أورام البطانة العصبية في حفرة القحف الخلفية (PFA).

قرر الباحثون أن يراقبوا كيف يمكن لدواء الميتفورمين الشائع الذي يستخدم لمعالجة مرض السكري، أن يؤثر على الخلايا السرطانية البطانية العصبية في حفرة القحف الخلفية (PFA). يقول فينيتي إن لهذا الدواء سجل أمان مثبت لدى البالغين والأطفال، كما أنه يستخدم أيضًا بشكل متزايد في التجارب السريرية للسرطان التي تستهدف استقلاب الورم.

وقال: «لقد جربنا ذلك ووجدنا أن الميتفورمين يثبط عملية التمثيل الغذائي للخلايا السرطانية ويقتل الخلايا في بعض حالات الورم البطاني العصبي (PFA)».
وأضاف: «وجدنا بشكل غير متوقع، أن دواء الميتفورمين يقلل فعليًا من مستوى بروتين EZHIP، وهو البروتين الذي تسبب في حدوث هذه التغيرات غير الجينية بشكل رئيسي».

ويضيف: «للتذكير فإن هذه الطفرات لا تقود هذه الأورام، فالتغيرات غير الجينية سببها بروتين EZHIP. لذا فإن ذلك يفتح إمكانية للتثبيط العلاجي للبروتين غير الطبيعي الذي يتسبب في حدوث هذه الأورام بشكل نشط».

وفي الوقت نفسه، عندما أُعطي الميتفورمين للفئران المصابة بالأورام، أدى ذلك إلى خفض استقلاب الورم وتقليصه وأدى إلى بقائها على قيد الحياة فترات أطول في مجموعة فرعية من الأورام الحساسة للميتفورمين.

أفاد الباحثون أنه يمكن التغلب على مقاومة الميتفورمين باستخدام عقار بانوبينوستات (panobinostat)، وهو عقار يستخدم في التجارب السريرية لعلاج سرطانات الدماغ الأخرى. يقول فينيتي إن الخطوة التالية ستكون ترجمة الاكتشافات المخبرية إلى تجربة سريرية.

وأشار إلى أن الميتفورمين ثبت بالفعل أنه آمن بما يكفي لاستخدامه في تجارب سريرية أخرى للناجين من سرطان الدماغ لدى الأطفال، وهذا يمنحنا بداية كبيرة في نقل هذه النتائج سريعًا من المختبر إلى تجارب للمرضى.

اقرأ أيضًا:

يعزز دواء جديد لسرطان الرئة مستوى العلاج، فما هي آلية عمله؟

كيف قام دواء معروف قديمًا بالتّغلب على سرطان الدماغ؟

ترجمة: ديانا بريمو

تدقيق: محمد الأسطى

المصدر