اختر أي جسمٍ في الكون وربما تجده يدور، تتدحرج الكويكبات فوق بعضها وتدور الكواكب والأقمار حول محاورها، وحتى الثقوب السوداء تدور أيضًا.

ولكل شيء يدور، هناك حد أقصى يدور به، إذ يدور الثقب الأسود في مجرتنا بهذا المعدل الأقصى تقريبًا.

بالنسبة للأجسام مثل الأرض، يُحدد معدل الدوران الأقصى بواسطة جاذبيتها السطحية، إذ إن الوزن الذي نشعر به في أثناء وقوفنا على الأرض ليس فقط بسبب جاذبية الأرض.

الجاذبية تجذبنا نحو مركز عالمنا، لكن دوران الأرض أيضًا يميل إلى طرحنا بعيدًا عن الأرض.

هذه القوة الطاردة المركزية صغيرة، وتعني أن وزنك عند خط الاستواء يكون أقل بقليل مما هو عليه عند القطبين الشمالي أو الجنوبي.

في يومنا الذي يستمر 24 ساعة، يكون الفارق في الوزن بين خط الاستواء والقطب مجرد 0.3%. وفي يوم كوكب زُحل الذي يستمر 10 ساعات، يكون الفارق 19%، لدرجة أن كوكب زُحل ينحني قليلاً نحو الخارج عند خط الاستواء.

الآن تخيل كوكبًا يدور بسرعة تجعل الفارق 100% في هذه النقطة، ستُلغَى الجاذبية الناتجة عن الكوكب وقوته الطاردة عند خط الاستواء.

إذا دار الكوكب بسرعة أكبر، سينفصل إلى أجزاء، ربما سيحدث ذلك عندما يكون معدل الدوران أبطأ، ولكن هذا هو معدل الدوران الأقصى.

بالنسبة للثقوب السوداء فالأمور مختلفة قليلًا، الثقوب السوداء ليست أجسامًا ذات سطح مادي وليست مكونة من مواد قد تتفكك، لكن لديها معدل أقصى للدوران أيضًا.

تُعرف الثقوب السوداء بجاذبيتها الهائلة التي تشوه الفضاء والزمن من حولها. تمثل حدود أفق الحدث للثقب الأسود نقطة اللا عودة للأجسام القريبة منها، لكنها ليست سطحًا ماديًا.

وأيضًا لا يُحدد دوران الثقب الأسود بواسطة دوران كتلة مادية، وإنما يُحدد بتشابك الزمن والفضاء حول الثقب الأسود. عندما تدور الأجسام مثل الأرض، فإنها تلوي الفضاء حولها بصورة طفيفة جدًا.

تدور الثقوب السوداء دون دوران مادي، وإنما بفعل التشوه المكون في هيكل الزمكان، ما يعني أن هناك حدًا أقصى لهذا الدوران نتيجة للخصائص الجوهرية للزمان والمكان.

في معادلات النسبية العامة لألبرت آينشتاين، يُقاس دوران الثقب الأسود بواسطة كمية تُعرف بـ «a»، إذ تكون قيمة «a» بين الصفر والواحد. إذا كان دوران الثقب الأسود صفريًا، فإن «a=0»، وإذا كان في أقصى درجات دورانه، فقد تكون «a=1».

ما يقودنا إلى دراسة جديدة حول دوران الثقب الأسود فائق الكتلة في مجرتنا، إذ درس الفريق مشاهدات الموجات الراديوية والأشعة السينية للثقب الأسود لتقدير دورانه.

نظرًا إلى تأثير تشوّه الزمكان بالقرب من الثقب الأسود، تتشوه أطياف الضوء الصادرة من المواد القريبة منه. لكن تمكن الفريق من تقدير مقدار الدوران بواسطة مراقبة كثافة الضوء عند موجات طولية مختلفة.

ما اكتشفوه هو أن قيمة «a» للثقب الأسود في مجرتنا تتراوح بين 0.84 و 0.96، ما يعني أنه يدور بسرعة لا تصدق. في الحد الأعلى من معدل الدوران المُقدر، يدور الثقب الأسود قريبًا من المعدل الأقصى، حتى أعلى من معامل الدوران للثقب الأسود في المجرة M87، إذ تُقدر قيمة «a» بين 0.89 و 0.91.

اقرأ أيضًا:

هل يمكن لثقب أسود أن يبتلع الكون بأكمله؟

ولادة ثقب أسود جديد تسبب حدوث انفجارات في الفضاء تعد الأكثر لمعانًا على الإطلاق

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: تسبيح علي

المصدر