تُعد الثقوب السوداء أحد أقوى الأجسام في الكون، ولربما بإمكان البشر ابتكار طرق جديدة لتسخير هذه القوة مصدرًا للطاقة. هذا ما تدعيه دراسة نظرية جديدة.

إن قوى الجذب للثقوب السوداء قوية بما يكفي لدرجة أنه ليس بإمكان أي شيء الإفلات منها. فهل سنقدر على تسخير هذه القوة الهائلة للثقوب السوداء وتحويلها إلى مصدر للطاقة؟

في دراسة حديثة، اقترح العلماء وسيلتين جديدتين بهدف استغلال الثقوب السوداء يومًا ما وخلق مصدر جديد للطاقة منهم.

قال زان فنغ ماي، المؤلف الرئيسي والباحث ما بعد الدكتوراه في معهد كافلي للفلك والفيزياء الفلكية في جامعة بكين، لمجلة Live science: «نحن نعلم أنه يمكننا استخراج الطاقة من الثقوب السوداء، ونعلم أيضًا أنه يمكننا حقن الطاقة فيها، ما يبدو تقريبًا مثل بطارية».

في السيناريو الافتراضي الأول، سيقوم العلماء بشحن الثقب الأسود بواسطة حقنه بجسيمات ضخمة مشحونة كهربائيًا. وسيستمر هذا الشحن في الانجذاب حتى يقوم الثقب الأسود نفسه بتكوين مجال كهربائي يبدأ في دفع أي شحنات زائدة يحاولون حقنها، كما أوضح العلماء في الدراسة.

نشرت الدراسة بتاريخ 29 نوفمبر في مجلة Physical Review D.

وعند تحول هذا التنافر الكهرومغناطيسي ليُصبح أقوى جذبًا من سحب الجاذبية في الثقوب السوداء، يعتبر العلماء هذا ما يسمى الشحن التام.

وانطلاقًا من النظرية النسبية لألبرت أينشتاين التي تفيد بالتعامل مع الكتلة بوصفها طاقةً، فإن الطاقة المحتواة في الثقوب السوداء ستتدفق في صورة مزيج من الشحنات الكهربائية المحقونة فيه بما في ذلك كتلة هذه الشحنات الكهربائية نفسها.

يضيف ماي: «بطارية الثقوب السوداء تقوم على تحويل الطاقة من كتلة الجسيمات إلى طاقة مشحونة».

حسب الباحثون كفاءة عملية إعادة الشحن لهذه الأجسام؛ التي بلغت نحو 25%، ما يشير إلى إمكانية الثقوب السوداء على نقل وتحويل ما يقارب ربع المادة المدخلة إلى طاقة متاحة بهيئة مجال كهربائي. وهذا ربما يجعل كفاءة هذه البطاريات ومخازن الطاقة أعلى بما يقارب 250 مرة من طاقة القنبلة النووية، تبعًا لحسابات الفريق العلمي.

ولاستخراج هذه الطاقة، سيعتمد الفريق على عملية تعرف بـ superradiance، التي تبنى على نظرية تمدد الزمكان وسحبه حول دوران الثقب الأسود نظرًا لمجال جذبها الكثيف.

أضاف الباحثون أيضًا أن موجات الجاذبية أو الكهرومغناطيسية المارة بمنطقة الدوران هذه ستتمدد هي أيضًا، لكن بافتراضها لم تعبر بعد أفق الحدث في الثقب، حيث لا شيء بإمكانه تخطيها ولا حتى الضوء نفسه، فإن بعض الأمواج هناك قد تنحرف بطاقةٍ أعلى مما حملتها بالبداية.

هذه العملية قد تحول طاقة دوران الثقب الأسود (المتمثلة بكتلته) إلى أمواج مُنحرفة كما أفاد الباحثون.

أما عن الوسيلة الأخرى لاستغلال طاقة الثقوب السوداء قد تشمل استخراج الطاقة بصورة مُسماة “أزواج شوينغر” أو بمعنى آخر الجسيمات المزدوجة المتشكلة صدفةً عبر المجال الكهربائي.

يشرح ماي: «إن بدأنا التجربة مستخدمين ثُقبًا أسود مشحونًا بالكامل، فلربما يصبح الحقل الكهربائي المجاور لأفق الحدث أكثر قوةً لدرجة أنه سيبدأ ذاتيًا بخلق الإلكترونات والبوزيترونات، التي تماثل الإلكترون لكن مع حمل شحنة معاكسة. فإن كان الثقب الأسود مشحون بطاقة موجبة، فإن البوزيترونات ستبدأ بالانفجار والتولُّد من الثقب الأسود نفسه نظرًا لقوى التنافر الحاصلة، وبذلك سنتمكن نظريًا من جمع تلك الجسيمات الهاربة».

وأضاف ماي: «نحن لا ندري إن كان امتلاكنا لمخزنٍ للطاقة كهذا يومًا ما أمرًا ممكنًا، لكن التطبيق النظري لهذا استُلهِمَ من محاولات العلماء السابقة لاستخراج الطاقة نظريًا من الثقوب السوداء».

أضاف العالم الفيزيائي بجامعة غاليسكو دانيل فاسيو الذي لم يكن مشاركا في هذه الدراسة لمجلة Live science: «إن رؤيتنا للثقوب السوداء تتمحور على أنها أماكن يجب الجمع فيها بين ميكانيكا الكم والجاذبية بطريقة ما. وعبر النظر إليها من المنظور الذي نراها فيها مصدرًا لاستخراج الطاقة، فإن هذا سيمكننا من فهم المزيد عما يحدث فيها».

اقرأ أيضًا:

هل يمكن استخراج الطاقة من الثقوب السوداء؟

دراسة تقترح الاستفادة من الثقوب السوداء في توليد الطاقة النووية

ترجمة: زين بدور

تدقيق: بسام موسى

المصدر