معظم من يعملون في قطاع الزراعة على دراية بأن ديدان الأرض تحافظ على صحة التربة وخصوبتها؛ إذ قيّم العلماء أخيرًا أهمية نشاط تلك الديدان تحت التربة في زيادة إنتاج الغذاء الذي يعتمد عليه العالم، فضلًا عن كيفية حمايتها.

وفقًا لبحث أجراه العلماء وجدوا أن ديدان الأرض قد تسهم في إنتاج أكثر من 6% من محاصيل الحبوب العالمية كل عام بسبب دورها المهم في النظام البيئي للتربة.

تساعد الديدان على تحلل مواد النباتات الميتة واستخراج العناصر الغذائية التي تحتاجها النباتات في عملية نموها. إضافة إلى ذلك، تساعد الأنفاق التي تكوّنها تلك الديدان نتيجة حركتها تحت الأرض النباتات على إنماء جذورها وفوائد أخرى.

تشير الأدلة إلى أن الديدان تساعد النباتات على حماية نفسها من مسببات أمراض التربة الشائعة بتنشيط دفاعاتها. لكن بحسب العلماء، فإن تلك الديدان معرضة للخطر بسبب تقنيات الزراعة الحديثة والمواد الكيميائية الثقيلة الكثيفة.

وفقًا لبحث أجراه العلماء نُشر في صحيفة Nature Communication، حللوا فيه خرائط مجموعات ديدان الأرض، وخصائص التربة، وإنتاجية المحاصيل، والدراسات السابقة لإنتاجية النباتات لتقدير تأثير تلك الكائنات في الإنتاج العالمي للمحاصيل الرئيسية.

حدد العلماء تلك الإسهامات لتلك الديدان بنسب مئوية للمحاصيل التي كان لديدان الأرض دور في إنتاجها؛ إذ وجدوا أنها تسهم في نحو 6.5% من الإنتاج العالمي السنوي للحبوب التي تشمل المواد الغذائية الأساسية مثل القمح والشعير والأرز والذرة.

قال ستيفن فونتي الأستاذ المساعد في جامعة ولاية كولورادو في الولايات المتحدة الذي شارك في هذه الدراسة: «إن مساهمة تلك الديدان قد تكون أكبر مما توصلنا إليه».

أضاف فونتي لوكالة فرانس برس: «بسبب نقص الدراسات العلمية والتمويل في النصف الجنوبي من العالم، قد يُستهان بمساهمات أعداد الديدان في بعض المناطق خاصة في المناطق الاستوائية».

ساهمت ديدان الأرض أيضًا في 2.3% من الإنتاج العالمي من البقوليات التي تشمل البازلاء والعدس والحمص وفول الصويا والبرسيم.

في دراسة تقديرية وُجد أن الإجمالي السنوي قد ارتفع إلى أكثر من 140 مليون طن.

إن الحفاظ على حيوية تلك الديدان يُعد أمرًا بالغ الأهمية، فوفقًا للباحثين وجدوا أن نتائجهم تُعد واحدة من أولى المحاولات لتحديد كمية مساهمات الكائنات المفيدة التي تعيش في التربة وتأثيرها الإيجابي في الإنتاج الزراعي العالمي.

أكد الباحثون على وجود تحيز شديد في عملية أخذ العينات عند تقدير أعداد ديدان الأرض لأن معظم نقاط البيانات كانت متاحة في أوروبا وأمريكا الشمالية.

على الرغم من ذلك، وجد الباحثون أن مساهمات ديدان الأرض مرتفعة جدًا خاصة في الجزء الجنوبي من العالم؛ إذ تسهم تلك الديدان بنحو 10% من إجمالي إنتاج الحبوب في جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، ونحو 8% في أمريكا اللاتينية والكاريبي؛ إذ يُعزى ذلك إلى التربة التي تحتوي على نسبة أعلى من الأحماض والطين، إضافة إلى كونها أقل تعرضًا للأسمدة، ما يزيد من الدور الذي تؤديه ديدان الأرض في نمو النبات.

يعود الفضل في أن أكثر من 7% من نسبة إنتاج الحبوب في أوربا وجنوب شرق آسيا إلى نشاطات تلك الديدان؛ إذ يُعزى ارتفاع نسبة تلك الديدان في تلك المناطق بسبب التربة الحمضية فيها.

يُرجح أن انخفاض أعداد ديدان الأرض، فضلًا عن الاستخدام الواسع للمبيدات الكيميائية غير العضوية وخصائص التربة الأخرى قد قلل من تأثير تلك الديدان في كثير من المناطق.

أشار العلماء إلى أن الخطط البيئية والزراعية يجب أن تكون داعمة لمستعمرات الديدان والتنوع الحيوي في التربة التي تسهم في استمرار القطاع الزراعي.

بحسب فونتي فإن الإجراءات يجب أن تشمل الحد من الحراثة، وتقليل استخدام المبيدات السامة القاتلة لتلك الديدان، وزيادة استخدام مصادر الغذاء لتلك الديدان مثل الأسمدة الطبيعية والأسمدة العضوية.

وأضاف فونتي: «إن التربة تحتوي على نحو نصف التنوع البيولوجي من إجمالي التنوع على الكوكب، لذا فإن تلك الجهود مهمة للغاية في الحفاظ على التنوع البيولوجي على الأرض».

اقرأ أيضًا:

ما هي الزراعة المستدامة ؟

ما هي الزراعة العضوية ؟ وما فرقها عن الزراعة غير العضوية ؟

ترجمة: ياسين أحمد

تدقيق: ريمي سليمان

المصدر