في أواخر شهر أيار، تعرضت طائرةٌ قادمةٌ من جزر الكناري لهبوطٍ اضطراريٍّ في البرتغال لطرد مسافرٍ من على متنها، وذلك بسبب رائحته الكريهة التي أقلقت المسافرين، إلا أن الحقيقة خلف مرضه قد أوصلته لنهايته المأساوية.

تُوفي الرجل جراء إصابته بمرضٍ سببته بكتيريا تتغذى على لحم الإنسان، وتعمل على تحلله من الداخل.

الرائحة المنبعثة من عازف الغيتار الروسي المشهور (أندريه سوشلين – Andrey Suchilin) ذي الثمانية والخمسين عامًا كانت

مؤذيةً جدًا للحد الذي جعل المسافرين الآخرين الذين كانوا على متن رحلة ترانسافيا من غران كناريا إلى هولندا يشعرون بالتوعّك.

طلب مُضيفو الطائرة من الرجل أن يحبس نفسه داخل الحمام -نقلًا عن CBS- لكن دون جدوى.
أخبر زميل المُسافر «Piet van Haut» الصحافة: «كان الأمر كما لو أنه لم يغتسل لعدة أسابيع، وعلى إثر ذلك أُصيب بعض من الرُكاب بالغثيان والتقيؤ».

كان هناك حلٌ وحيدٌ لإنهاء المشكلة، ألا وهو التوقف الطارىء في محطة فارو- البرتغال، وقد أُقصي سوشلين فعلًا من الرحلة.

أوضح سوشلين وزوجته بمقالٍ على موقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك)، أنهم سعوا للحصول على الرعاية الطبية قبل مغادرة إسبانيا، وقد أخبر الأطباء سوشلين أنه أُصيبَ بعدوى الشاطىء العادية.

وقد نُقل سوشلين إلى مشفى في البرتغال، بَيدَ أن حالته الصحية تدهورت جدًا وقد شُخّصت فيما بعد بأنها «نخر الأنسجة».

اتفق الأطباء على وضع سوشلين في غيبوبة مُحدَثة طبيًا حاول الأطباء أثناءها منع حدوث أي فشلٍ عضويّ.

لكن لسوء الحظ، باءت جهودهم بالفشل وتُوفي سوشلين في 25 يونيو/ حزيران.

ما زالت هناك تساؤلاتٌ حول كيفية إصابة سوشلين بنخر الأنسجة؛ والذي يُعدُّ موتًا مبكرًا لخلايا الجسم وانحلالها مع بقاء المريض على قيد الحياة.

من المحتمل أن هناك أسبابًا خارجيةً لها دورٌ في تطور هذا المرض، منها العدوى ونقص الأكسجين والجروح وعدم العناية بالجرح خاصةً بالقرب من الماء.

عند الشاطىء، الإصابة بالشعب المرجانية تسمح للبكتيريا البحرية بالدخول إلى الجسم، وتُعتبر البيئة اللاهوائية مناسبةً لنمو البكتيريا، إذ إنها تغلق مجرى الدم الواصل إلى أنسجة الجسم والذي يؤدي إغلاقه إلى التحلل أو التعفن، هذه المرحلة تُصدر رائحةً قويةً جدًا نتيجة تفكك الأنسجة وتحللها.

الأنسجة الميتة لا يمكن تعويضها، لكن الأمر الجيد بشأن ذلك إن اكتُشف مبكرًا، هو أنَّه من الممكن أن يُمنع انتشار البكتيريا.

كتب عالم الأوبئة (ألين تشنغ – Allen Cheng): «لسوء الحظ، التشخيص المبكر لمرض التهاب اللفافة الناخر (نخر الأنسجة) يمكن أن يُغفل عنه بسهولة»؛ وذلك بسبب أعراضه التي تتشابه مع عدوى سطحية خفيفة كالحمى، والانتفاخ، والألم عند الضغط على الموقع المتضرر.

في حالة سوشلين، كان الأمر قد تجاوز مراحل العلاج وتفاقم بسرعة، إذ إن البكتيريا انتقلت إلى كليتيه ورئتيه وقلبه.

أشار تقريرٌ في سنة 2006 إلى أن التهاب اللفافة الناخر نادرٌ جدًا، ذلك أن المعدل العالمي هو حالة واحدة لكل 100,000 شخصٍ سنويًا، على الرغم من اختلافه تبعًا للمنطقة، وإنَّ نسبة الإصابة تكون أكبر في بعض المناطق؛ حيث يعاني السكان من ضعف المناعة، والسمنة، ومرض السُكريّ، إضافة إلى متعاطي المخدرات عن طريق الحقن الذي يكونون أكثر عرضةً للإصابة من عامة السكان.

إذا تعرضت للإصابة، وشعرت بالقلق بشأن التهاب اللفافة الناخر، فإن أفضل شيءٍ يمكنك فعله هو إبقاء الجرح نظيفًا، ومراقبة الأعراض نظرًا لعدم ظهور الرائحة على الفور.

كتب تشنغ: «العلامة المميزة لالتهاب اللفافة الناخر هو الألم الحاد أكثر مما يُتوقع لما يبدو كعدوى طفيفة».
«مع تقدم العدوى يصبح الجلد مشدودًا ويتغير لونه (مثل الكدمة)، وقد ينتاب المرضى توعكٌ حادٌّ مع انخفاض ضغط الدم والاضطراب».

من المحزن أنه مع السعي إلى الحصول على علاجٍ عاجلٍ، فلا يمكن أن يكون ضمانًا للتعافي.


  • ترجمة: رفاه عبد الرزاق
  • تدقيق: تسنيم المنجّد
  • تحرير: صهيب الأغبري
  • المصدر