معظمنا يعلم أنَّ حدوث طفرات (تغيرات) للحمض النووي تسبب نموّ الخلايا الوَرَمِيَّة بشكل خارج عن السيطرة، ولكنها تولِّد أيضًا تنوعًا يُمَكِّن الكائنات الحية من التكيُّف مع البيئة، كما يساعدها أيضًا على التطور.

وحتى الآن، لم يكن لدى علماء الأحياء سوى طرق بسيطة لتقدير المعدلات المتوسطة لحدوث الطفرات والتأثيرات التي تُحدِثُها، وفي دراسة حديثة استطاع الفيزيائيون الحيويُّون (الذين يستخدمون الفيزياء بطُرُقِها لدراسة الأنظمة الحيوية) أن يسجلوا طفراتٍ فردية تحدث في خلايا البكتريا.

وحسبما ذكر الباحثون في مجلة Science أن هذه التغيرات تحدث بمعدل ثابت تقريبًا بمرور الوقت، 1% منها فقط يعد مميتًا.

علاوة على ذلك، لاحظ الباحثون أن جميع أنواع البكتريا لنفس السلالة لديها نفس معدل حدوث الطفرات، بمعدل طفرة كل 600 ساعة في البكتريا الطبيعية، و200 طفرة كل 600 ساعة في البكتريا المصممة هندسيًا لكي تتحوَّر (تتغير) بمعدل أسرع.

ولكي يروا الطفرات، قاموا ببناء 1000 قناة مجهرية داخل شريحة حاسوبية، ووضعوا خليةً بكتيريةً عند الطرف المغلق للقناة، إلى جانب إمدادهم لها بالكثير من العناصر الغذائية لإبقائها على قيد الحياة، فوجدوا أنها تحمل بروتينًا معدلًا لإصلاح الحمض النووي (DNA) الذي يتسبب في حدوث طفرة تؤثر على توهج لونها الأصفر.

وبعد ثمانِي ساعات وحتى ثلاثة أيام، أخذ العلماء صورةً كل بضع دقائق تُظهر تكون خلايا بكتيرية جديدة، والتي دُفِعَت إلى أسفل القناة، ثم جُرِفَت بعيدًا بواسطة السوائل عبر نهايات القناة .

ومعالجة الصور بشكل تلقائي يساعدهم على معرفة عدد الطفرات، وتقييم جودة عمل الخلايا، فوجود خلايا ميتة يدل على حدوث طفرات مميتة، بينما وجود خلايا بطيئة النمو يدل على حدوث تغيرات ضارة ليس إلا.

ويمكن تطبيق هذه التقنية لتقييم آليات عمل الطفرات في أنواع أخرى من الخلايا، حتى في الخلايا السرطانية البشرية.

ويأمل الباحثون أن يكونوا قادرين على مراقبة معدل الطفرات في وقتها الفعلي (أي في وقت حدوثها) في كائن حي كامل مثل أسماك الزرد (الأسماء المخططة)؛ لمعرفة ما إذا كانت الأنسجة المختلفة لديها معدلات مختلفة من الطفرات أم لا.


  • ترجمة: محمود مرزوق.
  • تدقيق: أحلام مرشد.
  • تحرير: عيسى هزيم.
  • المصدر