ذلك الطور الكمي الغريب، المتوقع مع ذلك منذ أكثر من نصف قرن مضى، قد يقود إلى تقدم في الحوسبة الكمية والمستشعرات وتكنولوجيا الإتصالات.
رصد باحثون ظاهرة كمية محيرة، لكنها متوقعة منذ أكثر من 50 عامًا. ربما تملك هذه العملية، التي تشكل حالة جديدة من حالات المادة، تداعيات للحوسبة الكمية المستقبلية.
يُسمى هذا الطور: التحول الطوري خارق الإشعاع (SRPT)، وهو نتيجة لمجموعتين مستقلتين من الجسيمات الكمية التي تبدأ بالتذبذب بطريقة معينة حيث تكون المجموعتان متناسقتين، وفقًا لمؤلفي الدراسة.
في هذه الحالة، كانت مجموعتا الجسيمات هما أيونات الحديد وأيونات الإيريبيوم داخل بلورة، استطاع الباحثون تحفيز الظاهرة بتطبيق مجال مغناطيسي -أقوى من مجال الأرض المغناطيسي بأكثر من 100,000 ضعف- على بلورة مصنوعة من الإيريبيوم والحديد والأكسجين بعد تبريدها إلى 271.75° مئوية، هي درجة حرارة قريبة من الصفر المطلق.
تحت هذه الظروف، تمكن الفريق من رصد بصمة واضحة لتحول طور خارق الإشعاع (SRPT) داخل البلورة، فقد طابقت ملاحظاتهم تنبؤات ما سيبدو عليه تحول الطور فائق الإشعاع، وفقًا للنموذج الذي صاغه روبرت ه. دايك عام 1954.
كان نموذج دايك كان أول نموذج يصف ظاهرة الإشعاع الخارق -إذ تشع الذرات المُثارة ضوءًا أسرع من الذرات العادية- ووضع الأساس لفهم تحول الطور فائق الإشعاع، إذ تنبثق حالة مميزة من المادة عن تفاعلات قوية بين الضوء والمادة، وشرحه بتفصيل أكثر كلاوس هيب وإليوت ه. ليب عام 1973.
«طُرح تحول الطور فائق الإشعاع بوصفه انبثاقًا عن التفاعلات بين تذبذبات الفراغ الكمية -مجالات الضوء الكمية الموجودة طبيعيًا حتى في فضاء فارغ تمامًا- وتذبذبات المادة. مع ذلك، أدركنا هذا التحول بمزاوجة نظامين مغناطيسيين مميزين، ذبذبات الحركة المغزلية لأيونات الحديد وأيونات الإيريبيوم داخل البلورة».
تصف الحركة المغزلية العزم الزاوي لجسيم أولي أو ذرة، فيُتحكم في سلوك المجالات المغناطيسية، المهم في تحديد الخواص الإحصائية لمجموعات من الجسيمات، التي تؤثر بدورها في هيكل المادة وطبيعة القوى الأساسية، عندما تُخلق الإثارة بواسطة تذبذبات حرارية، تُسبب المجالات المغناطيسية البديلة أو مصادر أخرى اضطرابًا مماثلًا لموجة عبر نمط من الحركات المغزلية في مادة، ما يسمى الماغنون.
سابقًا، اشتهر تحول الطور فائق الإشعاع بأنه «نظرية عقيمة» لأنها خرقت حدودًا أساسية لأنظمة ضوئية، لكن خلْق نسخة ماغنونية من الظاهرة مكّن الفريق من تجاوز هذا الحد، في تجربتهم لعبت ماغنونات أيونات الحديد الدور الذي تشغله عادةً تذبذبات الفراغ والحركة المغزلية لأيونات الإيريبيوم.
تمكن الباحثون من رصد اختفاء إشارة طاقة أحد أنماط الحركة المغزلية وزحزحة في الأخرى، أدلةً واضحة لتحول الطور فائق.
«أنشأنا مزاوجة فائقة القوة بين نظامي الحركة المغزلية ورصدنا بنجاح تحول الطور فائق الإشعاع متغلبين على المحددات التجريبية السابقة».
قد تملك الخواص الفريدة لتحول الطور فائق الإشعاع تطبيقات مهمة لعدد كبير من التكنولوجيات الكمية، بفضل ظاهرة تسمى الانضغاط الكمي، إذ تُقلل التذبذبات في خاصية واحدة قابلة للقياس للنظام الكمي تحت الحد الكمي القياسي. مع ذلك تزداد التذبذبات في خواص أخرى.
«بالقرب من النقطة الكمية الحرجة الخاصة بهذا التحول يدفع النظام الحالات الكمية المنضغطة للاستقرار طبيعيًا -حيث تقل الضوضاء الكمية بدرجة ملحوظة- محسنًا بدرجة كبيرة دقة القياس. قد تطلق هذه النظرة ثورةً في تكنولوجيا الحساسات الكمية والحوسبة، مطوِّرةً بدرجة ملحوظة دقتها وحساسيتها وأدائها».
توجد مميزات أبعد تتجاوز دقة القياس الكمي والحوسبة بفضل دفع تحول الطور فائق الإشعاع أيضًا الحالات الكمية المنضغطة إلى الاستقرار، إذ إن تحول الطور فائق الإشعاع ينبثق عن السلوك الجمعي لكثير من الجسيمات الكمية، فهي تستطيع أن تمد شكلًا من أشكال الحماية الذاتية من أخطاء الكيوبت المفرد والارتباط، الذي يمثل بدوره عقبة رئيسية في الحوسبة الكمية الحالية، قد يقود السلوك المتزامن إلى كيوبتات أصلب وأكثر استقرارًا مع أوقات ارتباط أطول، أيضًا من المحتمل أن تؤدي التفاعلات القوية والمترابطة بين تحول الطور فائق الإشعاع إلى بوابات أسرع، أي البناء الذي يحجب الخوارزميات الكمية.
اقرأ أيضًا:
تجربة جديدة قد تفتح الأفق أمام حل أحد أهم التحديات في مجال الحوسبة الكمية
الحوسبة الكمية قادمة بسرعة وهذا ما يجب أن تعرفه عنها
ترجمة: وليد محمد عبد المنعم
تدقيق: أكرم محيي الدين