أثار وعاء من الزيت والماء مفصولين بطبقة رقيقة من الجسيمات الممغنطة فضول فريق من مهندسي الكيمياء، وذلك عندما أخذ السائل شكلًا غير متوقع يشبه جرة يونانية عند تحريكه.
قال الطالب الجامعي أنتوني رايخ من جامعة ماساتشوستس في أمهرست: «فكرت في نفسي ما هذا الشيء؟»، وذلك بعد أن مزج المواد ذات الخصائص المثيرة للاهتمام فقط لمعرفة ما سيحدث، كما يحب أن يفعل جميع طلاب الكيمياء.
وأضاف: «تمشيت صعودًا وهبوطًا في ممرات قسم علوم البوليمرات وهندستها، أطرق أبواب أساتذتي، وأسألهم إن كانوا يعرفون ما يحدث».
كشف تحليل المواد أن التفاعلات بين الكريات المغناطيسية الدقيقة تعمل جنبًا إلى جنب مع التوتر السطحي بين السوائل غير القابلة للمزج، ما يسحب الخليط في اتجاهات كان يجب أن تمنعها الديناميكا الحرارية إذا لم يكن هناك تأثير المغناطيسية.
مع الاكتشاف ليس له تطبيقات واضحة حتى الآن، فقد يوفر الشكل غير العادي للخليط واستجابته لمجال مغناطيسي خارجي للباحثين والمهندسين في المستقبل طريقة جديدة لتعديل الخصائص الهيكلية لمستحلباتهم.
الزيت والماء ليسا صديقين حميمين، إذ يمكن مزجهما وهزهما بأي طريقة، لكن عاجلًا أم آجلًا سينفصلان ويعيدان تشكيل طبقات متميزة كما تقتضي قوانين تدفق الطاقة الديناميكية الحرارية مقابل تجاذب الروابط الجزيئية وتنافرها.
ويعلم أي طاهٍ ماهر بوجود طرق للحفاظ على امتزاج السوائل القابلة للذوبان في الدهون والسوائل القابلة للذوبان في الماء فترة أطول. يمكن للمستحلبات -مثل الليسيثين الموجود في صفار البيض- أن تكون بمثابة دبلوماسي كيميائي لربط المواد في خليط ناعم ومتماسك تمامًا مثل صلصة السلطة المفضلة لديك.
تتبع مستحلبات بيكرينغ طريقة تثبيت الخلطات بإدخال طبقة رقيقة بين الطورين، ما يؤدي إلى تفتيت أحد السائلين على الأقل إلى فقاعات صغيرة تستطيع أن تنتشر بشكل أكثر اتساقًا عبر الآخر.
اتبعت صلصة السلطة المخبرية التي ابتكرها رايخ قواعد مستحلب بيكرينغ، إذ تحتوي على ماء الصنبور ومذيب عضوي قليل القطبية، إضافة إلى قليل من جزيئات النيكل الممغنطة، بأحجام تتراوح بين 5 و15 ميكرومترًا و20 نانومترًا تقريبًا.
ارتفعت جزيئات النيكل إلى السطح بعد انتشارها في الماء، لتتصل كطبقة خارجية ثنائية الأبعاد أسفل سطح المذيب العضوي مباشرةً، تمامًا كما ينبغي أن يفعل مستحلب بيكرينغ بين سائل مائي وزيت. يُفترض أن يؤدي رجّ الخليط إلى تعليق المواد الثلاثة بتجانس المايونيز.
لكن لم يحدث ذلك، فقد انجذبت الجزيئات المغناطيسية إلى شبكة متفرعة تحت تأثير شدٍّ فرضته الديناميكا الحرارية للسوائل، جاذبةً الخليط بأكمله إلى شكلٍ غير متوازن يشبه الساعة الرملية في حالة توازن.
نُمذِجَت القوى المعنية بفحصٍ مجهريٍّ ومحاكاةٍ حاسوبيةٍ، وتَوَفَّرت صورةٌ واضحةٌ للمزيج المُعقَّد من التفاعلات المغناطيسية المُشاركة في تكوين هذا الشكل غير المألوف الذي حال دون حدوث الاستحلاب. وباستخدام مغناطيس تمكّن الباحثون من تشويه الحدود وتعديل شكل الجرة.
قال عالم البوليمرات ديفيد هواغلاند: «عند النظر من كثبٍ إلى الجسيمات النانوية المُمغنطة الفردية من النيكل التي تُشكِّل الحدود بين الماء والزيت، نستطيع الحصول على معلوماتٍ مُفصَّلةٍ جدًا حول كيفية تجمُّع الأشكال المختلفة».
وأضاف أخيرًا: «في هذه الحالة، الجسيمات ممغنطةً بقوةٍ كافيةٍ، إذ يتداخل تجمُّعها مع عملية الاستحلاب التي تصفها قوانين الديناميكا الحرارية».
اقرأ أيضًا:
دورة كارنو أو محرك كارنو في الفيزياء وفي الديناميكا الحرارية
الأنتروبيا والديناميكا الحرارية أو التحريك الحراري أو الثيرموديناميك
ترجمة: إلياس الونيسي
تدقيق: تمام طعمة
مراجعة: محمد حسان عجك