للقيام بأي تجربة فيزيائية، يستلزم الأمر مكانًا لإجراء التجربة، وزمانًا لإجرائها، ومادة تُجري عليها التجربة نفسها. إذًا فهناك ثلاثة عناصر تشترك في كل التجارب الفيزيائية، الزمان والمكان والجسر الذي يصل بينهما، وهو المادة. والمادة هنا يتم التعبير عنها بواسطة مفهوم الكتلة، ولكن كيفية الزج بهذا المفهوم ليست بتلك السهولة، فالأمر يحتاج الى تجنب الآثار السلبية، ومن هنا أتت فكرة إدخال مفهوم القوة بدلًا من الكتلة.

القوة هي شئ محسوس، مثلما نتحسس الزمان والمكان، فأنت بمجرد لمسك لأي جسم تقوم بدفعه او جذبه، تتحسس هذا الشئ بواسطة جسدك، فيحدث بينكما تواصل مباشر، أضف إلى هذا أن القوة تمتلك الخاصية الاتجاهية، فأنت تستطيع أن توجه أي جسم لأي مكان تريده، لأنك أنت الذي تحدد الأتجاه. بعد هذا الوصف السريع للقوة، نستطيع ان ننتقل الآن إلى قوانين نيوتن في الحركة، والتي من خلالها سنصل الى كتلة الأجسام.

القانون الأول لنيوتن، وهو قانون العطالة، ينص على أن “كل جسم ساكن، او متحرك في خط مستقيم، يظل محتفظًا بحالته من السكون أو الحركة، ما لم تؤثر عليه قوى خارجية غير متوازنة “. إضافة كلمة غير متوازنه هنا، جاءت للدلالة على ـن الجسم في كل أحواله، تؤثر عليه مجموعة من القوى المتوازنة تبقيه على حالاته، ولكن إن تغيرت احدي هذه القوى لصورة غير متزنة، فإن الصورة او الهيئة التي يوجد عليها الجسم، سوف تتغير تبعًا لذلك، وتتغير حركته، فمثلا، التأثير الذييطرأ علىجسم متحرك ما قد يكون تسريع حركته.

توصل اسحق نيوتن الى هذا القانون، بعد متابعته للتجارب التي أجراها ( غاليليو )، والذي أتى بسطح املس منحني وكرات بأوزان مختلفة، وقام بدحرجة الكرات على هذا السطح، فلاحظ أن كل الكرات تتزايد سرعتها بمقدار متساو، مهما اختلفت أوزانهم.

وقد استفاد نيوتن بشكل لا يُصدق من هذا القانون، فتوصل إلى كيفية حركة الأجرام السماوية. فالأرض مثلًا لها سرعة ثابتة في دورانها حول الشمس وحول محورها، وذلك لأنه لا توجد أي قوى خارجية تؤثر على حركتها بشكل مباشر، من هنا توصلنا لفكرة دوران الأقمار الصناعية ذات الارتفاع الثابت عن سطح الأرض.

ننتقل الآن إلى قانون نيوتن الثاني، والذي يعتبر امتدادًا للقانون الأول، فالقانون الأول يصف حركة الجسم ما لم تؤثر عليه أي قوى، بينما القانون الثاني يوضح لنا التغير الذي سوف يطرأ على جسم متحرك عندما تؤثر عليه قوة ما، فيكون نص القانون كالآتي “العجلة التي تحدثها قوة ما (قوة محصلة) في جسم تتناسب طردياً مع مقدار هذه القوة وتكون في اتجاهها، كما تتناسب عكسياً مع كتلة الجسم القصورية”.

هذا يعني أننا لو افترضنا تواجد جسم متحرك، وأثرت عليه قوة ما في اتجاه حركته، فإن عجلته سوف تتزايد، وبالتالي يزداد يتسارع هذا الجسم، بينما لو كانت القوى في اتجاه معاكس لحركة هذا الجسم، ستتناقص عجلته ويقل تسارعه. والأمر برمته يتوقف على شيئين، هما كتلة الجسم، ومقدار القوة المؤثرة عليه. أما عند ثبات القوة المؤثرة على الجسم، فسيقتصر الأمر على العلاقة بين الكتلة والعجلة، وهي علاقه عكسية.

على سبيل المثال، تخيل معي موتور ذا قوة محددة، وهذا الموتور قمنا بتركيبه مرة بسيارة نقل كبيرة، ومرة بسيارة صغيرة، سنجد أن سرعة السيارة الصغيرة اكبر من السيارة الكبيرة، رغم ان الموتور واحد، وذلك لأن الكتلة تدخلت في الأمر، فكتلة السيارة الكبيرة أثرت على تسارع السيارة وعجلتها، فقللت من السرعة، مقارنة بكتلة السيارة الصغيرة.

 

القانون الثالث والأخير، هو قانون الفعل ورد الفعل، الذي ينص على أن ” عندما يؤثر جسمان بعضهما في بعض فإن القوة التي يؤثر بها الجسم الأول على الجسم الثاني تساوي في المقداروتضاد في الاتجاه القوة التي يؤثر بها الجسم الثاني على الجسم الأول” . ولفهم هذا القانون أكثر وأكثر، ضع في الاعتبار أن القوتين صادرتين من الأجسام، وليستا مؤثرتين عليهما من الخارج. ولعل أبرز مثال يوضح هذا القانون، هو العلاقة بين الشمس والأرض، فكل منهما يجذب الأخر، ولذلك لا تقع الأرض في الشمس، ولا يحدث العكس بين الشمس وباقي الكواكب، فالقوتان يضاد كل منهما الأخر، فيتم الغاء تأثيرهما، وتظل الأرض تدور حول الشمس بشكل ثابت ومدار محدد. ولكن في عام 1905 خرج علينا اينشتاين بأطروحته، النسبية الخاصة، والتي فسرت حركة الكواكب حول الشمس على أنها نتيجة انحناء في الزمكان، بسبب كتلة الأجرام السماوية.

في الحلقة القادمه سنتحدث عن سيطرة الكهرومغناطيسية على الفيزياء.

 


 

المصدر