يوجد في حنجرة الإنسان حبلان صوتيان، والحبل الصوتي هو عضلة مرنة صغيرة تتموضع في قمة الحنجرة في مدخل الرغامى في نهاية العنق.

يبتعد الحبلان الصوتيان عن بعضهما في أثناء التنفس ما يسمح بمرور الهواء في الطرق التنفسية، إن انغلاق الحبلين الصوتيين واندفاع الهواء تجاههما من الرئتين، يؤدي إلى اهتزازهما وصدور الصوت.

تؤدي الحبال الصوتية دورًا مهمًا في الكلام والتنفس والبلع، لذا ينجم عن إصابة أحدهما انعدام حركة وفشل في الانغلاق التام (ثبات حركة الحبل الصوتي المصاب)، ما يؤدي إلى مرور اللعاب والأطعمة والسوائل عبر المجرى الهوائي (الرغامى) ومنه إلى القصبات والرئتين، ما يسبب الوفاة.

تسبب إصابة أحد الحبلين الصوتيين انغلاقًا تامًا وعدم تباعد بينهما، ما يؤدي إلى ضيق تنفس شديد واختناق وهي حالة إسعافية تتطلب التدخل الفوري.

تحدث إصابة الحبلين الصوتيين أو أحدهما، نتيجة اضطراب آليات التحكم في العضلات المحركة للحبال الصوتية، ما يمنع انغلاقهما التام الذي يؤدي إلى مرور الأطعمة والسوائل وحتى اللعاب إلى الطرق الهوائية ومنها إلى الرئتين.

شلل الحبل الصوتي

هو أذًى يصيب العصب المسؤول عن حركة عضلات الحبل الصوتي، ما يسبب خللًا في عمله وانعدام حركته، إذ تحدث هذه الحالة تبعًا لحالات مرضية مختلفة.

إن الإصابة أحادية الجانب في الحبال الصوتية أكثر شيوعًا من إصابة الحبال الصوتية المزدوجة، وتتطلب الإصابة المزدوجة للحبال الصوتية علاجًا فوريًا إذ قد تحدث مشكلات مهددة للحياة في حال عدم إجراء التدخل الملائم.

يختلف العلاج باختلاف العامل المسبب، فقد يكتفي أطباء الحنجرة بالعلاج والتدريب الصوتي في حالات الأذية أحادية الجانب، بينما يضطر آخرون إلى إجراء جراحة أو فغر رغامى إسعافي لتأمين مجرى التنفس والحفاظ على حياة المريض.

نسبة حدوث شلل الحبل الصوتي

يصيب شلل الحبل الصوتي كلا الجنسين وفي مختلف الأعمار مع نسبة أعلى لدى النساء، وتكون الإصابة أحادية الجانب أكثر شيوعًا من الإصابة ثنائية الجانب.

أعراض شلل الحبل الصوتي:

تتراوح الأعراض من خفيفة إلى شديدة، وقد تختفي الأعراض دون علاج أو قد تستمر فترة طويلة، وتتضمن الأعراض:

 تغيرات صوتية:

قد تحدث بحّة في الصوت، أو يصبح الصوت خشنًا، أو اختلاف في طبقات الصوت في أثناء الحديث؛ أي قد يكون الصوت أعلى أو أخفض من المعتاد، وقد نجد عند بعض المرضى زلة تنفسية في أثناء الكلام نتيجة تجمع سوائل بين البلعوم ومدخل الخنجرة، فنجد المريض يصمت قليلًا لأخذ النفس.

 صعوبة البلع (عسرة البلع):

يشعر المريض بصعوبة مرور الطعام في أثناء البلع، ويعاني عجزًا في إخراج المفرزات القصبية لعدم القدرة على السعال، وقد يدخل الطعام أو المواد السائلة أو اللعاب إلى المجرى الهوائي والرئتين، ما يسبب إنتانًا داخل الصدر يُعرف بذات الرئة الاستنشاقية.

 اضطرابات تنفسية:

قد يحدث أزيز (صوت يسمع في أثناء الزفير ناجم عن انسداد الطرق الهوائية أو تضيقها ما يشكل عائقًا أمام خروج الهواء)، أو يُلاحظ خشونة في الأصوات التنفسية.

قد يصعب على المريض التنفس طبيعيًا، ما يسبب زلة تنفسية عند أداء التمارين الرياضية والنشاطات اليومية المعتادة، وفي الحالات المتقدمة يشعر المريض بالزلة التنفسية في أثناء الحديث، بينما يعاني المرضى المصابون بشلل الحبلين الصوتيين ثنائي الجانب صعوبة شديدة في التنفس وحدوث اختناق.

أسباب شلل الحبل الصوتي

تبقى نحو نصف حالات الإصابة مجهولة السبب، وينجم أحيانًا عن التهاب الحنجرة الحاد نتيجة التعرض لبرد شديد؛ الذي يؤذي الأعصاب ويسبب خللًا في وظيفة العضلات الصوتية.

من أهم الأمراض التي تسبب شلل الحبل الصوتي:

  •  أمراض المناعة الذاتية مثل الوهن العضلي الوبيل.
  •  الأورام مثل سرطان الرئة وسرطان الغدة الدرقية.
  •  أمراض النسيج الضام مثل متلازمة مارفان.
  •  الإنتانات مثل داء لايم.
  •  رضوض العنق والحنجرة والرأس.
  •  الأمراض العصبية مثل التصلب اللويحي المتعدد، وداء باركنسون أو ما يعقب السكتة الدماغية السابقة.
  •  المواد السامة مثل الرصاص والزئبق.
  •  الإجراءات الجراحية مثل جراحة القلب واستئصال الغدة الدرقية، إضافة إلى التنبيب الرغامي (إدخال أنبوب من الرغامى يصل إلى الرئتين) وذلك عند استخدام التهوية الآلية.
  •  الأورام الحميدة أو الخبيثة التي تسبب انضغاط الأعصاب المحركة للحبلين الصوتيين.

كيف يُشخّص شلل الحبل الصوتي؟

يخضع المريض لاستجواب يشمل ذلك أسئلة عن الأعراض والقصة المرضية، مع إمكانية إجراء بعض الفحوص الدموية التي تفيد في تأكيد التشخيص.

تُطلب بعض الفحوصات الشعاعية مثل الرنين المغناطيسي أو الطبقي المحوري، إذ تعطي هذه الصور معلومات تشريحية دقيقة عن العنق والحنجرة والغدة الدرقية والصدر.

قد تطلب صورة شعاعية تظهر المري.

قد يخضع بعض المرضى إلى تنظير الحنجرة وهو إجراء يستخدم فيه الطبيب أنبوبًا رفيعًا طويلًا ينتهي بكاميرا، إذ يدخل الأنبوب من الأنف ليصل إلى الحنجرة ويعطي صورًا تُعرض على شاشة مراقبة توضح محتويات الحنجرة.

يجرى أيضًا تخطيط كهربائية عضلات الحنجرة، إذ يقدم هذا الفحص معلومات عن سلامة الأعصاب المحركة لعضلات الحنجرة من خلال تسجيل مخطط كهربائية هذه العضلات.

يُجرى أيضًا تخطيط كهربية عضلات الحنجرة، إذ يقدم هذا الفحص معلومات عن سلامة الأعصاب المحركة لعضلات الحنجرة عبر تسجيل مخطط كهربائية هذه العضلات.

علاج شلل الحبل الصوتي

يقتصر العلاج في الحالات الخفيفة على التدريب الصوتي، الذي يحسن وظيفة الحبلين الصوتيين، إذ يؤدي المريض تمارين محددة لتقوية عضلات الحبال الصوتية، وتحسين التنفس في أثناء الكلام.

بينما تحتاج الحالات الشديدة المترافقة مع عسرة بلع إلى تدخل جراحي لتصحيح أذية الحبل الصوتي، وتثبيته في مكانه وإغلاق الفراغ بينهما.

تجرى هذه الإجراءات بطرائق متعددة أهمها:

  •  حقن الفيلر ضمن الحبل الصوتي: تُحقن مواد ضمن الحبل الصوتي بهدف زيادة حجمه وتعبئة الفراغ الحاصل نتيجة الشلل.
  •  إجراء غرسات ضمن الحنجرة مصنوعة من مواد قابلة للزرع، وتكون غالبًا مصنوعة من السيلكون.

تفيد هذه الطريقة في تثبيت الحبل الصوتي في مكانه الصحيح وتحقيق إغلاق تام للحبلين، تُجرى هذه الجراحة بشقّ الوجه الأمامي للعنق، وتكون هذه الجراحة مفضلة لدى البالغين والأطفال الأكبر سنًا.

  •  الجراحة العصبية: يُجرى فيها إعادة وصل أعصاب العضلات المجاورة إلى عضلات الحبل الصوتي، مع الحفاظ على سلامة العضلات المجاورة، إذ شهدت هذه الطريقة نجاحًا لدى الأطفال.
  •  الفغر الرغامي: تستخدم هذه الطريقة في شلل الحبلين الصوتين ثنائي الجانب، إذ يُجرى شقّ على الوجه الأمامي للعنق ويدخل فيه أنبوب يصل إلى الحنجرة.

تفيد هذه الطريقة في فتح المجرى الهوائي والحفاظ على حياة المريض، وقد يجري الطبيب تقنية أحدث تُعرف بالفغر الخالي من الأنابيب؛ هو إجراء يُجرى فيه الفغر الاعتيادي مع الحفاظ على فتحة طويلة الأمد أو دائمة في مجرى الهواء العنقي، تكون خالية من الأنابيب وتحمي من حدوث المضاعفات.

قد يضطر الجراح إلى استئصال جزء من الحبل الصوتي باستخدام الليزر لتوسيع المجرى الهوائي.

الوقاية من شلل الحبل الصوتي

يُعد شلل الحبل الصوتي غير شائع عند الأشخاص الأصحاء، إذ يرتبط حدوثه غالبًا بوجود عوامل خطورة، لذا يُنصح دومًا بالالتزام الدقيق بإجراء الفحوص الدورية، ما يساعد على التشخيص المبكر وإجراء التدبير المناسب.

الأعراض التي تستوجب مراجعة الطبيب

يجب مراجعة الطبيب عند الشعور بأي صعوبة في التنفس أو عسرة بلع أو أي عرض يشير إلى خلل في وظيفة الحبل الصوتي، التي قد تكون مهددة للحياة (شلل ثنائي الجانب).

ويجب استشارة الطبيب عند ملاحظة أي تغيرات في الصوت أو الكلام، أو دخول الطعام أو السوائل أو حتى صعوبة بلع اللعاب؛ لأن ذلك قد يسبب ذات رئة استنشاقية.

إنذار شلل الحبل الصوتي

قد يتحسن المريض بالعلاج الصوتي المناسب مع الالتزام بالراحة، أما المرضى الذين خضعوا للجراحة فيجب مراقبتهم لفترة ما بعد الجراحة، إذ قد يحتاج المريض تدخلات إضافية مثل تثبيت الغرسة في حال تحركها.

يحقق غالبية المرضى تحسنًا ملحوظًا، ويستعيد المريض قدرته على الكلام والبلع، وترتبط النتائج بعوامل متعددة، منها: نوع الإصابة (أحادية الجانب أو ثنائية)، وتوقيت التشخيص والبدء بالعلاج.

اقرأ أيضًا:

التهاب الحنجرة: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

التشوه الشرياني الوريدي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

ترجمة: بثينة خدام

تدقيق: محمد طاهرعادل

مراجعة: عبد المنعم الحسين

المصدر