نحن البشر نملك فضولًا جمًّا لمعرفة الفرن النوويّ الذي يدعم الحياة على الأرض. لقد نظرنا إلى الشمس بطرقٍ مختلفةٍ عديدةٍ، ومرتكزةٍ على الأرض، وعلى الفضاء. مع ذلك واجهنا أوقاتًا صعبةً حتى نحصل على لمحةٍ لأقطاب الشمس.

حاليًّا توجد مُهمّة شمسيّة أعطتنا ذلك تمامًا، على هيئة صورة مُركبَّة من بياناتٍ جُمعَتْ من قِبل القمر الصناعي PROBA-2(PRoject for OnBoard Autonomy 2) التابع لوكالة الفضاء الأوروبيّة، والذي يدور حول الأرض.

كوكبنا الأمّ –ومعظم الأشياء في النظام الشمسيّ– يدور حول الشمس في مستوى أكثر أو أقلّ تسطّحًا، على مقربةٍ من خط الاستواء النجمي.

هذا يُدعى مستوى مسار الشمس، وهو ناتجٌ عن قرصِ الغبار والغاز المسطح الذي هَامَ حول شمسنا الوليدة، ومنه تكوّنَتْ الكواكب.

 

نحن أيضًا نطلق المركبات الفضائيّة إلى مستوى المسار الشمسيّ لسببٍ عملي؛ فدوران الأرض حول محورها يُضفي على الصاروخ قليلًا من الدفع للأعلى، وهذا يعني أنّه يتطلّب جهدًا أقلّ لإطلاقه إلى الفضاء.

فكلّما كان الإطلاق أقرب من خط الاستواء الأرضي، ازدادتْ قوّة الدفع. وسيكون من الصّعبِ كثيرًا إطلاق صاروخ من المناطق القطبيّة للأرض.

لذا فالصواريخ التي أُطلقَت من الأرض تسافر ضمن مستوى المسار الشمسيّ بالفعل؛ وبالتالي فهي ليسَت في موقعٍ مناسبٍ لاختلاس نظرةٍ إلى أقطاب الشمس. من الممكن الخروج من هذا المستوى، لكنَّه أمرٌ صعبٌ ومبددٌ للوقت.

 

في الواقع لقد نظر أحد المسابير إلى أقطاب الشمس؛ تعاونَت وكالة الفضاء الأميريكيّة NASA، ووكالة الفضاء الأوروبيّة ESA، ومجلس العلوم الوطني الكندي على نظام أوليسيس Ulysses، الذي حلَّق فوقَ قمّة أقطاب الشمس على مسافةٍ تبلغُ حوالي 322 مليون كيلومتر(200 مليون ميل)؛ وهذا أكثر من ضعف متوسّط المسافة بين الأرض والشمس.

لقد كان أوليسيس عنصر عملٍ بطوليّ. توجّب عليهم إرسال المسبار إلى المشترى. ثمّ، وعندما يصل إلى هناك، كان عليهم إبطاؤه حتّى سرعةٍ معدومةٍ تقريبًا، ثمّ استغلال جاذبيّة المشتري لدفع أوليسيس لأعلى، وخارج المستوى الشمسيّ.

بعد ذلك قامَ أوليسيس بثلاثِ دوراتٍ هائلةٍ حولَ الشمس على مدى 15 عامًا، من عام 1994 حتى 2009. وتعلّمنا الكثير من أوليسيس، رغم أنّه لم تُوجد أيُّ كاميرا بين عِتاده.

كلُّ ما سبق هو السبب في أنّنا لم نتمكّن أبدًا من رؤية أيّ من أقطاب الشمس بأعيننا مباشرةً.

أمّا الآن، فنحن أيضًا لا ننظر إلى صورةٍ فوتوغرافيّةٍ، بالمعنى الدقيق للكلمة، ولكنْ من المُرجّح أنْ تكونَ شبيهةً جدًا بالصور.

أوضحَتْ وكالة الفضاء الأوروبيّة ESA: »بينما لا يمكن رؤية القطبين بشكلٍ مباشر، عندما تراقب المركبة الفضائيّة الغلاف الجوي الشمسيّ فإنّها تجمعُ البيانات حولَ كلِّ شيءٍ واقعٍ ضمنَ مدى بصرها، وكذلك تشاهد الغلاف الجوي الممتدّ حول قرص الشمس»

 

«يمكن للعلماء الاستفادة من هذا الاستنتاج مظهر المناطق القطبيّة»

وبينما تدور الشمس، يأخذ مسبارPROBA-2  قراءاتٍ لهذه العناصر بالأطوال الموجيّة فوق البنفسجيّة المتطرّفة، ثمَّ يجمعها شريحةً صغيرةً تلو الأُخرى لإعادة بناء صورة الأقطاب الشمسيّة.

يمكنك رؤية الخطوط بين الشرائح الفرديّة، وينشأ الخط عبر المنتصف بسبب التغييرات الصغيرة التي تطرأ على الغلاف الجوي الشمسيّ خلال الإطار الزمنيّ الذي جُمعَتْ البيانات فيه.

 

يقوم علماء وكالة الفضاء الأوروبيّة ESA ببناء هذه الصور منذ شهر حزيران من العام الحاليّ، وتحميلها في قاعدة بيانات حتّى يستطيعوا مراقبة كيفيّة تغيّر أقطاب الشمس بمرور الزمن.

وهذا حتّى يتمكنوا من الإضافة إلى المعلومات التي جمعها أوليسيس، كما يحاولون تعلّم المزيد عن ديناميكيّات الظواهر الشمسيّة في المناطق القطبيّة، مثل: الثقوب الإكليليّة coronal holes، موجات ألفڤين Alfvén waves، وموجات روسبي Rossby waves.

مسبار باركر الشمسيّ التابع لناسا، والذي أطلقَ في وقتٍ سابقٍ من العام الحالي، قد اقتربَ مسبقًا من الشمس أكثر من أيّ مركبةٍ فضائيّةٍ أُخرى من قبل. لكنّه لن يترك مستوى المسار الشمسيّ.

بالنسبة للصور الفعليّة، قد نضطرُّ إلى انتظار مسبار Solar Orbiter التابع لوكالة الفضاء الأوروبيّةESA ، والمُقرَّر إطلاقه في عام 2020. لن يدور حول القطبين، لكنّه سيجري تكبيرًا بالعدسة(زوم) حول الأقطاب عند خطوط عرض عالية بما يكفي ليتمكّن من تصوير تلك المناطق الغامضة والمراوغة.


  • المترجم: رولان جعفر
  • تدقيق: حسام التهامي
  • المحرر: ماتيو كيرلس
  • المصدر