وفقًا لدراسة جديدة، فإن مجموعةً من الصخور التي تدور حول الأرض، تتكوّن من المواد نفسها التي تكوّن منها القمر، ما يعني أنها على الأرجح كانت سابقًا جزءًا منه قبل انفصالها، ولكن لا يزال تاريخ حدوث هذا الانفصال وسببه مجهولًا من قبل الباحثين. تُسمى الصخرة 469219 kamo’oalewa، وقد جذبت اهتمام الباحثين إلى دراسة تفاصيلها بدقة.

يُعد هذا الكويكب من نوع كويكبات أبولو (Apollo asteroids)، وهي كويكبات تتشارك دوران الأرض مع الشمس. ولكن اللافت في 469219 kamo’oalewa أنها من فئة الكويكبات الشبيهة بالقمر (quasi satellite)، إذ تتمكن الأخيرة من الحفاظ على دورانها حول الأرض في مدارات مختلفة.

يصل طول قطر kamo’oalewa إلى ما يقارب 26 مترًا، ومن الممكن رؤيته من سطح الأرض خلال أسابيع قليلة في شهر أبريل. ويذكر أن هذا الكويكب يُعد حديث الاكتشاف، إذ تم رصده في عام 2016.

وبهدف التعرف على خصائص أعمق لهذا الكويكب، قام الباحثون بتوجيه أحد أقوى وأفضل التلسكوبات المتوفرة، وهو التلسكوب الثنائي الكبير في مرصد غراهام. وفي عام 2017، حقق الباحثون تقدمًا على مستوى البيانات الموجودة، إذ قاموا بالتحليل الطيفي للكويكب؛ لمعرفة العناصر التي يتكون منها.

أظهرت البيانات أن الكويكب kamo’oalewa يمتلك طيفًا ضوئيًا لا يتشابه مع أي كويكب آخر من فئة أبولو، ومقارنةً بالطيف الضوئي للصخور التي أُحضرت خلال مهمة أبولو للقمر، ظهر تشابه تام بين الطيف الضوئي لهذه وللكويكب، ما أدى إلى تساؤل الباحثين عن هذه النتائج.

وتحدث الفلكي الباحث بين شاركي من جامعة أريزونا: «لقد قارنت البيانات بالطيف الفطلي لكل كويكب قريب بالأرض، ولم تكن هنالك أية نتيجة».

فعند توفر بيانات خارجة عن المألوف، من الطبيعي البحث عن محاولة للحصول على مزيد من البيانات، ولكن في حالة kamo’oalewa، كان إيجاد المزيد من البيانات تحديًا صعبًا، ويعود هذا لأسباب عدة، أهمها ندرة مرور الكويكب في زاوية الرصد، إضافةً إلى تأثير كورونا على ساعات عمل التلسكوبات حول العالم.

ولكن في أبريل 2021، تمكن الباحثون من إعادة توجيه التلسكوب نحو الكويكب والحصول على مزيد من البيانات لتأكيد اكتشافهم.

وبالفعل، ظهر الطيف الضوئي للكويكب kamo’oalewa متشابهًا مع ذلك الخاص بالقمر، ما طرح الكثير من التساؤلات.

هنالك العديد من النظريات التي تحاول تفسير هذه البيانات، وإحداها تقترح أن kamo’oalewa قد وصل إلى هذا المدار تحت تأثير مجموعة أخرى من الكويكبات، ولكن هذه النظرية غير مرجحة، إذ يتشابه الكويكب مع الأرض نسبةً للفترة الزمنية وزاوية الميلان الخاصة به أيضًا.

ويقول الباحث رينو مالهوترا من جامعة أريزونا إن انفصال كويكب عن مجموعة الكويكبات الخاصة به ليصبح كويكبًا شبيهًا بالقمر حول الأرض هو أمرٌ غير مرجح.

ويضيف مالهوترا: «لن يبقى الكويكب في هذا المدار لفترة طويلة، إذ من المتوقع أن يتغير بعد 300 سنة تقريبًا، ويذكر أن حساباتنا أكدت وصوله منذ ما يقارب 500 عام إلى هذا المدار».

ومن جهة أخرى، فإن نظرية أخرى تقترح أن أصل kamo’oalewa هو من مجموعة من الكويكبات الموجودة في منطقة مستقرة جاذبيًا حول الأرض تُعرف باسم نقطة لاغرانج (lagrangian point). ولتأكيد هذه النظرية، علينا إيجاد دليل على وجود هذه الكويكبات.

ولكن أفضل نظرية تتوافق من البيانات حتى الآن هي أن هذا الكويكب نتج من القمر؛ في أثناء تصادم بين نيزك والقمر مثلًا، أو أنه كويكب اقترب من الأرض والقمر، ما أدى إلى انفصاله عن مداره الخاص ودخوله في هذا المدار.

ختامًا، تبقى النظرية الأفضل تلك التي فسرت الطيف الضوئي الخاص بالكويكب عبر ارتباطه بالقمر، وقد يحتاج الباحثون إلى مزيد من الوقت لتأكيد هذه النظرية ودعمها ببيانات متنوعة.

اقرأ أيضًا:

كويكب عملاق ناج من بقايا كوكب مندثر يصدأ ببطء في الفضاء

يعد الكويكب المكتشف حديثًا ثاني أقرب جسم طبيعي للشمس

ترجمة: محمد علي مسلماني

تدقيق: إيناس خير الدين

مراجعة: حسين جرود

المصدر