في عام 2007 أصبح شراء الماريجوانا القانونيّة مُتاحًا لدى بعض الأمريكييّن كما لو أنّهم يطلبون البيتزا.

وأصبح عدد متاجر الماريجوانا يفوق متاجر ستاربكس في ولايات مثل كولورادو وأوريغون، أمّا في كالفورنيا وماساتشوستس فإنّ خدمات توصيل الماريجوانا الطبيّة توصل هذا الدواء إلى أبواب الناس.

ومع زيادة إمكانيّة الوصول إلى الماريجوانا- من النّاحية القانونيّة – أكثر من أي وقت مضى، ركّز عدد أكبر من الباحثين على آثارها الصّحيّة، ومع ذلك هذا لا يعني أنّنا ندرك تمامًا ماهيّة هذه النبتة أو آثارها.

أصدرت الأكاديميّات الوطنيّة للعلوم والهندسة والطّب تقريرًا ضخمًا في شهر كانون الثاني من العام الماضي يعطي أحد أكثر النّظرات شموليّة – وبالتّأكيد أكثرها حداثة – عمّا نعرفه بالضّبط عن علم القنّب.

وقد نظرت اللّجنة المسؤولة عن التّقرير؛ والّتي تمثّل أفضل الجامعات في جميع أنحاء البلاد، في أكثر من 10000 دراسة لتحليلها وتوصّلت إلى نحو 100 استنتاج، وتتلخّص العديد من هذه النتائج بالتّالي.

 على المدى القصير، يمكن أن تتسبّب الماريجوانا بخفقان قلبك بسرعة

في غضون دقائق قليلة من استنشاق الماريجوانا، يمكن أن يرتفع معدّل نبضات قلبك ما بين 20 إلى 50 ضربة في الدّقيقة، وهذا يمكن أن يستمرّ من 20 دقيقة إلى ثلاث ساعات، وفقًا للمعهد الوطنيّ لتعاطي المخدرات.

لم يجد التّقرير الصّادر عن الأكاديميّات الوطنيّة أدلّة كافية لدعم أو دحض فكرة أنّ القنب قد يزيد من خطر الإصابة بنوبة قلبيّة، ومع ذلك وجد التقرير نفسه بعض الأدلّة المحدودة على أنّ التّدخين قد يكون محرّضًا لحدوث نوبة قلبيّة.

 يمكن ربط تأثيرات الماريجوانا على القلب بالتّأثير على ضغط الدّم، لكنّ هذه الصّلة تحتاج إلى مزيد من البحث

في آب/أغسطس، أظهرت دراسة نُشرت في المجلّة الأوروبيّة لأمراض القلب الوقائيّة أنّ مدخّني الماريجوانا يواجهون خطر الوفاة أعلى بمقدار ثلاثة أضعاف من الأشخاص الذين لم يدخّنوا أبدًا وذلك بسبب ارتفاع ضغط الدّم.

لكن الدّراسة جاءت بتحذير هامّ حيث صنّفت أنّ «مستخدم الماريجوانا» هو أي شخص سبق وأن جرّب هذا العقار.

ولكن تشير الأبحاث إلى أنّ هذا الافتراض ضعيف، فوفقًا لمسح أُجري مؤخّرًا، فإنّ حوالي 52% من الأمريكيّين قد حاولوا تعاطي القنّب في وقت ما، لكن 14% فقط استخدموا العقار مرّة واحدة على الأقلّ شهريًّا.

حتّى أنّ دراساتٍ أخرى توصّلت إلى استنتاج معاكس، وفقًا لمايو كلينيك، فإنّ استخدام القنّب قد يؤدّي إلى انخفاض ضغط الدّم لا ارتفاعه.

وعلى الرّغم من أنّه غالبًا توجد صلة بين تدخين الماريجوانا وارتفاع ضغط الدّم، إلّا أنّه حتّى الآن لا توجد أبحاث كافية لقول أنّ أحدها يؤدّي إلى الآخر.

 يؤثّر استخدام الماريجوانا على الرّئتين ولكن لا يبدو بأنّه يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرّئة

إنّ الأشخاص الّذين يدخّنون الماريجوانا بشكل منتظم هم أكثر عرضة للإصابة بالتهاب القصبات المزمن وذلك وفقًا للتّقرير الصّادر عن الأكاديميّات الوطنيّة، كما توجد أدلّة على أنّ وقف التّدخين يخفّف من هذه الأعراض.

لعلّه من المدهش أنّ مؤلّفي التّقرير وجدوا دليلًا مقنعًا على أنّ القنّب لم يكن مرتبطًا بزيادة خطر الإصابة بسرطان الرّئة أو سرطان الرّأس والرّقبة المرتبط بتدخين السّجائر.

 قد تساعد الماريجوانا في تخفيف بعض أنواع الألم

تحتوي الماريجوانا على مادة الكانابيديول، وهي ليست المادة الكيميائيّة المسؤولة عن بلوغ النّشوة، إنّما يُعتقد بأنّها مسؤولة عن العديد من التّأثيرات العلاجيّة للماريجوانا كتخفيف الألم أو احتمال علاج بعض أنواع الصّرع في مرحلة الطّفولة.

كما وجد تقرير الأكاديميات الوطنية دليلًا قاطعًا وحتميًا على أن القنّب يمكن أن يكون علاجًا فعّالًا للألم المزمن، والّذي من المحتمل أن يكون له علاقة بكل من مادتي الكانابيدول (CBD) والتيتراهيدروكانابيدول (THC)، المُركّبين نفسيّي التأثير في الماريجوانا.

ووفقًا للتّقرير، فإنّ الألم هو «السّبب الأكثر شيوعًا» لطلب الناس للماريجوانا الطبيّة حتّى الآن.

 قد لا تكون الماريجوانا مدخلًا لأنواع الإدمان الأخرى، كما يحاول المعارضون لتدخينها أن يُظهروها

في أيلول/ سبتمبر، أشارت دراسة نُشرت في مجلة رابطة مديري الطّب الأمريكييّن إلى أنّ الماريجوانا قد تمنع الناس بالفعل من التّرقي إلى المخدّرات الأثقل، وشملت هذه الدّراسة التي استمرّت خمس سنوات، 125 مشاركًا ممّن تحمّلوا الألم المزمن.

فقد وجد الباحثون أنّ ثلث المشاركين الّذين استخدموا الماريجوانا لعلاج آلامهم المزمنة توقّفوا عن تناول الأدوية الموصوفة، وأشاروا إلى أنّ الوصول القانوني للحشيش قد يقلّل من استخدام أدوية الوصفات الطبيّة الخطيرة في مجموعات معيّنة من المرضى.

وإنّ تعاطي جرعات زائدة من المخدّرات هي السّبب الرّئيسي للوفاة بين الأميركييّن تحت سنّ الخمسين.

 قد تزيد الماريجوانا من تدفّق الدّم إلى المخّ وتحمي الدّماغ من السّكتة

في آب/ أغسطس، أشارت دراسة نُشرت في مجلة (Neuropsychopharmacology) إلى أنّ خطر الإصابة بالسّكتة الدّماغية لدى مدخّني الحشيش منخفض جدًّا.

فقد وجد باحثون من جامعة تكساس في دالاس أنّ مستخدمي القنّب المزمنين لديهم تدفّق دمّ أعلى إلى الدّماغ وأنّهم ينتزعون الأوكسجين من الدّم المتدفّق إلى الدّماغ بكميّة أكبر من غير المستخدمين، وإنّ هذه التّغيرات تقلّل بشكل فعّال من خطر السّكتة الدّماغية والجلطات الدّمويّة.

وفي جميع الأحوال لا يمكن الاعتماد على هذه الدّراسة لأنّها لم تضمّ أكثر من مئتيّ مشارك.

 من المحتمل أنّ تكون الماريجوانا مفيدة في السّيطرة على نوبات الصّرع.

قد يكون الدّواء الذي يُطلق عليه اسم (Epidiolex) والحاوي على مادة الكانابيديول (CBD) في طريقه لأن يصبح الدّواء الأوّل من نوعه والحاصل على موافقة من إدارة الغذاء والدّواء لعلاج الصّرع في مرحلة الطّفولة.

تقوم الشّركة المصنّعة (GW pharma) بفحص احتمال استخدام مادة الكانابيديول (CBD) عند الأشخاص المصابين بمتلازمة درافيت (Dravet syndrome) والتي تُعدّ شكلًا نادرًا من أشكال الصّرع الّذي يظهر في مرحلة الطّفولة ويستمرّ مدى الحياة.

وفي آذار أطلقت الشّركة بيانات المرحلة الثّالثة التّجريبيّة الّتي أظهرت أنّ عقار (Epidiolex) كان له بعض النّتائج الإيجابيّة.

ويبقى الأمل في نهاية المطاف أن يتمكّن كل شخص يتناول الدواء إما من تقليل عدد النّوبات لديه أو أن يمنعها بالكامل.

 قد تؤثّر الماريجوانا في طريقة تشكيل ذكرياتك

يمكن للماريجوانا أن تعبث بذاكرتك من خلال تغيير طريقة تعامل الدماغ مع المعلومات، لكن مازال العلماء غير متأكّدين بالضّبط من كيفيّة حدوث ذلك، فتُشير العديد من الدّراسات إلى أنّ الماريجوانا تتداخل مع الذّاكرة قصيرة الأمد، ويميل الباحثون إلى رؤية هذه التّأثيرات لدى المستخدمين عديمي الخبرة أو غير المعتادين بشكل أكبر من المستخدمين المدمنين، وليس من الغريب أن تكون هذه التّأثيرات أكثر وضوحًا بالمعنى الحادّ -مباشرة بعد الاستخدام- عندما يكون النّاس منتشين.

ووفقًا للتّقرير الجديد الصّادر عن الأكاديميّات الوطنيّة، هناك أدلّة محدودة تبيّن وجود صلة بين تعاطي القِنَّب وضعف التّحصيل الدّراسي، وهو أمر ثبت بأنّه ينطبق بشكل خاصّ على الأشخاص الذين يدخّنون بانتظام خلال فترة المراهقة.

وفي معظم الحالات فإنّ القول بأنّ القِنَّب مرتبط بمخاطر متزايدة، لا يعني أنّ استخدام الماريجوانا تسبّب بذلك الخطر.

 يمكن للحشيش أن يزيد من خطر الاكتئاب لدى بعض الناس.

لم يستطع العلماء تحديد فيما إذا كانت الماريجوانا تسبب الاكتئاب، أم أنّ الأشخاص المكتئبين هم ببساطة أكثر عرضة للتّدخين.

لكن أشارت دراسة أُجريت في هولندا عام 2011 إلى أنّ تدخين الماريجوانا قد يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب لدى الشّباب الّذين لديهم بالأصل جين سيروتونين خاصّ يمكن أن يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب.

عزّز التّقرير الجديد الصّادر عن الأكاديميّات الوطنيّة هذه النّتائج، فقد وُجدت أدلّة مقنعة على أنّ استخدام القنّب مرتبط بزيادة صغيرة في خطر الاكتئاب.

 قد تزيد الماريجوانا أيضًا من خطر الإصابة بانفصام الشخصية

وجد التّقرير الجديد الصّادر عن الأكاديميّات الوطنيّة أيضًا أدلّة قويّة على وجود خطر متزايد بين مدخّني الماريجوانا لتطوير الفصام، وأظهرت الدّراسات أنّه مصدر قلق خاّصة عند الأشخاص المؤهبين للإصابة بالفصام في المقام الأول.

 قد تكون الماريجوانا دواءً سحريًّا في غرفة النّوم

في تشرين الأول، أظهرت دراسة نُشرت في مجلة الطّب الجنسي أنّ الأشخاص الذين يدخّنون الماريجوانا بانتظام يمارسون الجنس بمعدّل أكثر بمقدار 20٪ من الممتنعين عن التّدخين.

أسند باحثون من جامعة ستانفورد تحليلاتهم على استبيان أجري لأكثر من 50000 أمريكي تتراوح أعمارهم بين 25 إلى 45 عامًا.

والأهمّ من ذلك، فإنّ القول بأن القنّب يرتبط بـ “زيادة تواتر الجماع” لا يعني أنّ استخدام الماريجوانا تسبّب في مزيد من النّشاط الجنسيّ، إذ أنّ النّتائج تشير إلى ارتباط مؤقّت.

 هناك أدلّة على أنّ استخدام الماريجوانا أثناء الحمل قد يكون له آثار سلبيّة

وفقًا للتّقرير الصّادر عن الأكاديميّات الوطنيّة، فإنّ هناك أدلّة قويّة تُثبت وجود صلة بين التّعرض للقنّب قبل الولادة -عندما تدخّن المرأة الحامل الماريجوانا- وانخفاض وزن الوليد.

وأشارت بعض الأدلّة على أنّ استخدام الماريجوانا أثناء الحمل يمكن أن يسبّب اختلاطات، ويزيد من خطر احتماليّة دخول الطفل لوحدة العناية المركزة لبعض من الوقت.

 لا يزال هناك العديد من الأسئلة حول كيفيّة تأثير الماريجوانا على الجسم والدّماغ، ويقول العلماء بأنّ هناك حاجة إلى مزيدٍ من الأبحاث

استنادًا إلى الأدلّة المتاحة والنّقاشات مع الباحثين، تبيّن وجود أسباب وجيهة للتّفكير في استخدام الماريجوانا في مجالات طبيّة قيّمة، ولكن في الوقت نفسه نعلم أنّه لن يكون خاليًا من المخاطر كما هو الحال مع أيّ مادّة أخرى.

بالفعل هنالك حاجة إلى مزيد من البحوث لمعرفة أفضل طريقة للتّعامل مع الحالات التي يكون فيها استخدام القنب مفيدًا، وكيفيّة تقليل المخاطر المرتبطة باستخداماتها الطبيّة والترفيهيّة.


  • ترجمة: يارا منصور.
  • تدقيق: سهى يازجي.
  • تحرير: زيد أبو الرب.

المصدر