أظهرت الأبحاث المتعلقة باستخدام الخلايا الجذعية لمعالجة داء كرون، أنه علاج يخفف الالتهاب، ويساعد على شفاء الأمعاء، ويحسن الحالة العامة للمرضى، لكن إيجاد علاج نهائي لداء كرون ما يزال أمرًا بعيد المنال.

يعد داء كرون مرضًا التهابيًا مزمنًا يسبب تهيجًا وتورّمًا في بطانة السبيل الهضمي، وتشمل خيارات المعالجة التقليدية بعض الأدوية مثل:

  • الستيروئيدات القشرية.
  • العوامل المعدّلة للمناعة.
  • العلاجات الحيوية.

لكن هذه الأدوية ليست فعالة في جميع الحالات، أو قد تكون فعالةً في بداية العلاج ثم تفقد فعاليتها مع مرور الوقت.

يعد العلاج باستخدام الخلايا الجذعية خيارًا علاجيًا محتملًا وواعدًا للمصابين بداء كرون، إذ يخفف الالتهاب ويصلح النسيج المتضرر ويجدده.

نظريًا، قد يفيد التقدم في بحوث العلاج بالخلايا الجذعية لداء كرون ما يجعله قابلًا للشفاء في المستقبل.

يُنظر إلى الشفاء من داء كرون باستخدام العلاجات الحالية المتوفرة أمرًا بعيد المنال لكن تلك العلاجات قد تساعد في تراجع المرض، إذ تتحسن الأعراض أو تختفي كليًا لأشهرٍ أو لسنوات.

ما يزال علاج داء كرون باستخدام الخلايا الجذعية، حاليًا، علاجًا تجريبيًا، ويجري العلماء تجاربًا سريرية لمعرفة الفئة التي ستحصل على الفائدة العظمى من العلاج.

ما الخلايا الجذعية؟

لمعظم الخلايا في الجسم غاية محددة، لكن الخلايا الجذعية ليس لها دور محدد بعد، إذ تتحول إلى خلايا متخصصة حسب حاجة الجسم، ما يجعلها مفيدةً في علاج الأمراض التي تسبب تلف الأنسجة.

إن أنسجة الجسم البالغ وأنسجة الأجِنّة من المصادر الأساسية للخلايا الجذعية.

يتحرّى الباحثون إمكانية معالجة داء كرون باستخدام الخلايا الجذعية لأنسجة الجسم البالغ. هذه الخلايا الجذعية موجودة أصلًا في الجسم، وتنقسم بانتظام لإنتاج أنسجة جديدة تحافظ على صحة الجسم وسلامة أجهزته.

يجري الباحثون تقييمًا لنوعين على الأقل من الخلايا الجذعية البالغة لعلاج داء كرون، وهما: (الخلايا الجذعية المتوسطية MSCs) و (الخلايا الجذعية المكونة للدم HSCs ). توجد الخلايا الجذعية المتوسطية في النسيج الضام أو السدى المحيط بالأعضاء والأنسجة الأخرى، وتوجد الخلايا الجذعية المكونة للدم في الدم ونقيّ العظام.

كيف تساعد الخلايا الجذعية المصابين بداء كرون؟

يسبب داء كرون التهابًا مزمنًا وتخريبًا في أجزاء السبيل الهضمي كافة وتشمل الأعراض:

  • ألم بطني
  • إسهال
  • إقياء
  • حمى
  • فقدان الوزن غير المبرر.

إضافة إلى هذه الأعراض، قد يواجه المصابون بداء كرون مضاعفات مؤلمة مثل النواسير، والتضيقات، والخراجات.

تستطيع الخلايا الجذعية إصلاح الأنسجة المتخربة في الجسم، إذ تساعد على إصلاح الأنسجة المتضررة من السبيل المعوي عند حقنها في منطقة قريبة منها، إضافة إلى تخفيف الالتهاب ما يساعد الأمعاء في التعافي.

وجدت دراسة مرجعية حديثة شملت 18 تجربةً سريرية أن العلاج باستخدام الخلايا الجذعية خفف من الالتهاب المعوي، وعزز شفاء أنسجة السبيل الهضمي، وحسّن نوعية حياة المصابين بداء كرون، إذ حافظ المشاركون في هذه التجارب على استقرار استمر 24 شهرًا بعد العلاج باستخدام الخلايا الجذعية.

أظهرت بعض الدراسات السريرية أن حُقَن الخلايا الجذعية فعالة في معالجة التضيقات والنواسير الناتجة عن داء كرون.

إن (دارفادستروسيل) هو الحقنة الوحيدة التي حظيت بموافقة إدارة الغذاء والدواء (FDA) لعلاج داء كرون المترافق بنواسير شرجية لا تستجيب للعلاجات الأخرى.

ما آلية عمل علاج داء كرون باستخدام الخلايا الجذعية؟

لا توجد إرشادات موحدة، حاليًا، متعلقة بالطريقة، أو الجرعة، أو نوع الخلايا الجذعية ذات الفعالية الأكبر في علاج داء كرون.

تستند طريقة العلاج عمومًا على الخطوات الآتية:

  1. يستخلص العاملون الصحيون المختصون الخلايا الجذعية من نقي العظم أو النسيج الشحمي لجسم الشخص نفسه أو من متبرع سليم.
  2. يزرع العلماء الخلايا الجذعية في المختبر.
  3. يحقن العامل الصحي المختص الخلايا الجذعية في جسم المصاب وريديًا، أو في المنطقة المتضررة من السبيل الهضمي مباشرةً.
  4. يدرس الباحثون أيضًا إمكانية إيصال الخلايا الجذعية إلى المنطقة المستهدفة بواسطة سدادة قابلة للامتصاص حيويًا، وتُزرع جراحيًا في منطقة قريبة من الناسور الشرجي.

ما هي مخاطر استخدام الخلايا الجذعية في علاج داء كرون؟

إن حُقَن الخلايا الجذعية آمنة عمومًا، لكنها قد تحمل بعض الآثار الجانبية التي يحملها أي إجراء طبي مشابه.

شملت أشيع الآثار الجانبية للعلاج باستخدام الخلايا الجذعية بحسب الدراسات السريرية مايلي:

  • الحمى.
  • العدوى الفيروسية.
  • الصداع.
  • انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء

وكانت معظم التأثيرات الجانبية خفيفة الشدة.

ما الفرق بين الخلايا الجذعية والعلاجات الأخرى لداء كرون؟

لم يجرِ الباحثون بعد دراساتٍ تقارن العلاج باستخدام الخلايا الجذعية مباشرةً بالعلاجات الأخرى لداء كرون، وما زلنا بحاجة للمزيد من الأبحاث لمعرفة الفئة التي ستجني الفائدة العظمى من هذا العلاج مقارنة بالعلاجات الأخرى. النتائج واعدة، لكن ثمة فروق فردية، إذ يشهد البعض تحسنًا ملحوظًا في أعراضهم بعد العلاج باستخدام الخلايا الجذعية، ويشهد آخرون تحسنًا طفيفًا.

يعتبر العلاج باستخدام الخلايا الجذعية طريقةً آمنةً وواعدة لعلاج داء كرون ومضاعفاته، لكننا نحتاج مزيدًا من الأبحاث، إضافة إلى دراسات عالية الجودة وأضخم من سابقاتها لتوفير هذا العلاج للجميع.

يحتاج الباحثون لمعرفة النوع الأفضل من الخلايا الجذعية، والجرعة الملائمة، والطريقة ذات الفعالية الكبرى لتقديم الخلايا الجذعية للجسم.

قد يود مصاب لا يستجيب مرضه لعلاجات داء كرون أن يشارك في التجارب السريرية للعلاج بالخلايا الجذعية، بعد استشارة طبيبه ومناقشته للتأكد من أنها خيار مناسب له.

اقرأ أيضًا:

الخلايا الجذعية: مصادرها وأنواعها واستخداماتها

لأول مرة تطوير جنين بدماغ وقلب نابض من الخلايا الجذعية

ترجمة: حاتم نظام

تدقيق: نور حمود

المصدر