قد تشعر بالقلق عندما تواجه مشكلة ما في العمل، أو قبل إجراء اختبار ما، أو عند اتخاذ قرار هام مثلًا وهذا سوي تمامًا، إذ يعتبر القلق بين الحين والآخر جزء طبيعي من الحياة، ولكن اضطرابات القلق تنطوي على أكثر من القلق أو الخوف المؤقت، فالحياة بالنسبة لشخص يعاني من أحد اضطرابات القلق تكون صعبة بشكل كبير، بحيث تتأثر في سياق ذلك مختلف الأنشطة اليومية مثل؛ الأداء في العمل، الأداء والتحصيل الدراسي، والعلاقات الاجتماعية عامةً، ومن المهم معرفة أنّ اضطرابات القلق تتضمن عدة أنواع منها: «اضطراب القلق العام (أو المعمم) – Generalized Anxiety Disorder»، «اضطراب الهلع -Panic Disorder»، «اضطراب الرُّهاب (الفوبيا) – Phobia» و«اضطراب القلق الاجتماعي – Social Anxiety Disorder».

الأعراض:

يعاني الأشخاص المصابون باضطراب القلق العام من قلق مفرط لسبب صغير أو بدون أي سبب وذلك لشهور، كما يواجهون أعراضًا عديدة مرتبطة به، وقد يتضمن ذلك: عدم الارتياح، الإحساس بالخوف، التوتر والنزق مع صعوبة في التركيز والتفكير بالإضافة إلى وجود مشاكل في النوم.

وفي حالة اضطراب الهَلَع «Panic Disorder»، يعاني الشخص من نوبات غير متوقعة من الذُّعر الشديد، و يترافق ذلك مع أعراض سريرية قد تتضمن: خفقان مع ارتفاع معدل ضربات القلب، رجفان أو ارتعاش، الإحساس بقصر أو ضيق في النفس أو الإحساس بالاختناق أو بالموت الوشيك، وفي غالب الأحيان يأتي المصاب بنوبة هلع إلى الإسعاف لأنه يظن أنه يعاني من نوبة قلبية أو ما شابه ذلك.

أمّا في اضطراب الرُّهاب (الفوبيا)، فيحدث لدى من يعاني من ذلك رعب شديد تجاه شيء محدد أو وضع معين، مثل رُّهاب المرتفعات أو الأماكن المغلقة ورهاب الطيران ورهاب الحيوانات وغيرها الكثير، وهذا قد يجعل الشخص يتجنب مواقف عادية.

وبالنسبة لاضطراب القلق الاجتماعي أو ما يسمى »الرُّهاب الاجتماعي – «Social Phobiaفيحدث نوع من الخوف أو القلق الغامر من بعض الأوضاع الاجتماعية، و قد يخشى فيه الشخص من أن يُحكم عليه أو أن يتعرّض للإحراج أو الرفض أو السخرية أو قد يخشى من الإساءة أو إزعاج الآخرين، وذلك ما قد يجعله يتجنَّب المشاركة في العديد من النشاطات والنقاشات، وقد يشعر بالقلق الشديد لأيام وأسابيع قبل قدوم حدث اجتماعي يخصُّه، كما أنه قد يشعر بالغثيان والتوعُّك بوجود الكثير من الأشخاص حوله.

الأسباب وعوامل الخطورة:

لا يعلم الباحثون الأسباب المباشرة لاضطرابات القلق على نحو محدد، ولكن يُعتَقَد بأنّها كغيرها من الاضطرابات العقلية ناجمة عن عدة عوامل مجتمعة منها البيئية والجينية، وقد تشمل عوامل الخطورة ما يلي:

  •  الخجل أو التثبيط السلوكي في الطفولة؛
  •  الجنس الأنثوي؛
  •  أن يكون الشخص مطلقًا أو أرملًا؛
  •  امتلاك مصادر اقتصادية قليلة؛
  •  التعرُّض لأحداث قاسية وعصيبة؛
  •  وجود أحد اضطرابات القلق لدى شخص من الأقارب البيولوجيين؛
  •  التاريخ الأبوي للأمراض العقلية؛
  •  ارتفاع مستويات الكورتيزول المسائية في اللعاب (بالنسبة لاضطراب القلق الاجتماعي بشكل خاص).

أساليب العلاج:

يختلف الأسلوب العلاجي المُتبَّع بحسب نوع الاضطراب، ومن مريض لآخر، وعلى ذلك يقوم الطبيب باختيار واحد أو مزيج من العلاجات التالي:

 العلاج النفسي:

أي غير الدوائي، ولتكون هذه الوسيلة فعّالة يجب أن يُوجَّه العلاج نحو حالة المريض الخاصّة وأن يُفصّل بحسب احتياجاته، و«العلاج السلوكي المعرفي – (CBT) Cognitive Behavioral Therapy» أحد أنواع هذه العلاجات، والذي قد يساعد مرضى اضطرابات القلق من خلال تعليمهم كيفية إدراك وتغيير أنماط التفكير والسلوكيات التي تقوم بإطلاق القلق والهلع، كما يمكن أن يساعد في علاج من يعاني من اضطراب القلق الاجتماعي في تعلُّم وممارسة المهارات الاجتماعية.

 العلاج الدوائي:

لا يشفي الدواء اضطرابات القلق ولكن غالبًا ما يخفف من الأعراض، ولا يمكن وصف الدواء إلا من قبل طبيب نفسي كما لا يجب أخذه إلا باستشارته، وقد تكون الأدوية العلاج الأولي لاضطرابات القلق بحسب النوع، أو قد تستخدم فقط إذا كانت هناك استجابة غير كافية للعلاج النفسي وحده، ومن الشائع أنّ المرضى الذين يعالجون دوائيًا ونفسيًا يعطون نتائج علاجية أفضل من أولئك الذين يعالجون إما دوائيًا أو نفسيًا فقط.

وبشكل عام، فالفئات الأكثر شيوعًا من الأدوية المستخدمة في علاج اضطرابات القلق هي: مضادات الاكتئاب، الأدوية المضادة للقلق، و«حاصرات بيتا – Beta-Blockers»، ويجب الأخذ بعين الاعتبار بأنّ بعض الأدوية تكون فعّالة فقط إذا تم تناولها بانتظام، وقد تفاقم بعض الأدوية الأعراض في البداية، كما قد تتكرر الأعراض إذا حدث توقف عن أخذ الدواء.

 تقنيات مساعدة:

بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق قد يستفيدون من الانضمام إلى مجموعات الدعم أو المساعدة الذاتية لمشاركة مشاكلهم وإنجازاتهم مع الآخرين، وقد تكون غرف الدردشة على شبكة الإنترنت مفيدة أيضًا، ولكن ينبغي استخدام أي نصيحة يتم تلقّيها عبر ذلك بحذر، كما يمكن لأساليب التعامل مع الضغوط والتأمل أن تساعد الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات القلق على تهدئة أنفسهم، ويمكنها أيضًا أن تعزز الاستفادة من العلاج، كما يوجد أدلة على أن التمارين الرياضية (الأيروبيك خصوصا) لها تأثير مهدئ، ولكن نوعية الدراسات ليست قوية بما يكفي لدعم استخدامها كعلاج.

من المهم معرفة أنّ الكافيين، وبعض المخدرات، وحتى بعض الأدوية التي تؤخذ دون وصفة طبية يمكن أن تؤدي إلى تفاقم أعراض اضطرابات القلق، وتجنبها ينبغي النظر فيه، ولهذا يجب استشارة الطبيب المعالج قبل تناول أية أدوية جانبية.

كما يجب أن يتلقى أفراد الأسرة معلومات عن تأثير اضطرابات القلق على المزاج والسلوك والعلاقات، إذ يمكن لأفراد الأسرة المساعدة في الرعاية عن طريق تعزيز الحاجة إلى العلاج والإشراف الطبي، كما قد يساعد أفراد العائلة أيضًا من خلال اعتبارهم مصدر مساعد لمراقبة شدة الأعراض ومقدار الاستجابة للعلاج


  • ترجمة: دانيا الدخيل
  • تدقيق: المهدي الماكي
  • تحرير: ناجية الأحمد
  • المصدر