كرر الفيزيائيون حالة قطة شرودنجر الشهيرة في درجات حرارة استثنائية أعلى من التجارب السابقة. ويُعد هذا الإنجاز خطوة صغيرة ولكن مهمة لأجهزة الكمبيوتر الكمومية التي تعمل في درجات حرارة عادية، وقد تكون خطوةً كبيرةً لتطوير أجهزة الكمبيوتر الكمومية العملية.
توجد حالات قطة شرودنجر في حالتين كموميتين مميزتين في وقت واحد، وهي مأخوذة من تجربة إرفين شرودنجر الفكرية الشهيرة لقطة حية وميتة في الوقت نفسه.
ولتحقيق هذه الحالات، يتعين عادةً تبريد الأجسام الكمومية إلى حالاتها الأساسية، التي توجد عند بضعة أجزاء فوق الصفر المطلق (459.67 – درجة فهرنهايت أو 273.15 – درجة مئوية).
وأظهر الآن فريق من العلماء إمكانية تحقيق حالة من التراكب الكمومي في درجات حرارة أعلى بكثير من ذي قبل. نشر الباحثون نتائجهم في 4 أبريل-نيسان في مجلة: ساينز أدفانسز
وقال جيرهارد كيرشماير، المؤلف المشارك في الدراسة والفيزيائي بجامعة إنسبروك في النمسا، في بيان: «افترض شرودنجر أيضًا وجود قطة حية – أي ساخنة – في تجربته الفكرية (قطة شرودنجر)، وإذا أردنا أن نعرف ما إذا كان توليد هذه التأثيرات الكمومية ممكنًا سنبدأ من الحالة الأرضية – أي الباردة».
في تجربة شرودنجر الفكرية، تُصوَّر القواعد الغريبة للعالم الكمي بتخيل قطة موضوعة داخل صندوق معتم مع قارورة سامة يُتَحكم في آلية إطلاقها بالانحلال الإشعاعي – وهي عملية كمية عشوائية تمامًا.
وقال شرودنجر أنه إلى أن يُفتح الصندوق وتُراقب القطة، فإن قواعد ميكانيكا الكم تعني أن القطة يجب أن توجد في تراكب من الحالات، ميتة وحية في الوقت نفسه.
ونظرًا لأن معظم التأثيرات الكمومية تفقد تماسكها وتختفي عادةً عند المقاييس الأكبر، فقد كان المقصود من تشبيه شرودنجر هو توضيح الاختلافات الأساسية بين عالمنا وعالم الأشياء الصغيرة جدًا.
عادةً، لا تُحقق حالات كمومية من هذا النوع إلا في درجات حرارة منخفضة للغاية. وهذا يعني أنه يجب الحفاظ على البتات الكمومية الموجودة في الحواسيب الكمومية داخل مبردات شديدة البرودة كي لا تفقد تماسكها وتفقد معلوماتها.
لا يوجد حد صارم بين عالم الكم وعالمنا، وقد حقق الفيزيائيون نجاحًا سابقًا في جعل أجسام أكبر تُظهر سلوكًا كميًا غريبًا.
باعتبار ذلك، وضع الفيزيائيون وراء البحث الجديد كيوبتًا داخل رنان ميكروي، وبعد بعض التعديلات الدقيقة، دفعوا البت الكمومي إلى حالة تراكب عند درجة حرارة 271.35- درجة مئوية.
ما تزال درجة الحرارة هذه باردة جدًا، لكنها أعلى بمقدار 60 مرة من درجة الحرارة المحيطة في التجويف.
قال توماس أجرينيوس، الباحث المشارك في الدراسة وطالب الدكتوراه في معهد العلوم الفوتونية في برشلونة، في البيان: « فوجئ العديد من زملائنا عندما أخبرناهم لأول مرة عن نتائجنا، لأننا عادةً ما نفكر في درجة الحرارة على أنها شيء يدمر التأثيرات الكمومية، وتؤكد قياساتنا أن التداخل الكمي قد يستمر حتى في درجات الحرارة العالية».
في حين أنها من المرجح صغيرة للغاية بحيث لا يكون لها تأثير عملي فوري، فإن نتائج العلماء قد تحرر الحوسبة الكمومية يومًا ما من ضرورة تخزين أجهزة الكمبيوتر في بيئات شديدة البرودة – خاصة إذا تمكن الباحثون من الاستمرار في رفع درجات الحرارة التي يمكن عندها تحقيق التراكب الكمومي.
قال كيرشماير: «يكشف عملنا أنه قد نراقب الظواهر الكمومية ونستخدمها في بيئات أقل مثالية وأكثر دفئًا، وإذا تمكنا من إنشاء التفاعلات اللازمة في نظام ما، فإن درجة الحرارة لا تهم مطلقًا».
اقرأ أيضًا:
ترجمة: ماسه فؤاد كريم
تدقيق: زين حيدر
مراجعة: باسل حميدي