يُعد عوز G6PD اضطرابًا وراثيًا يحدث عندما لا يملك الجسم كمية كافية من إنزيم نازعة هيدروجين غلوكوز-6-فوسفات G6PD الذي يساعد الكريات الحمراء في أثناء عملها، ويحميها من المواد الضارة، لذا قد يسبب عوزه فقر دم انحلالي خطير يتطلب نقل دم.

ما عوز G6PD؟

يعد العوز اضطرابًا وراثيًا يؤثر في مستويات إنزيم G6PD عند المصابين، ويحدث بسبب طفرة أو تغيرات في الجين المشفر للإنزيم، فيصبح الإنزيم غير قادر على حماية كريات الدم الحمر.

توجد أطعمة وأدوية محددة محرضة لحدوث العوز.

لا تحدث أعراض عند معظم المصابين بعوز G6PD، لكن في بعض الحالات قد يسبب العوز حالات طبية خطيرة مثل فقر الدم الانحلالي ويرقان شديد، وأحيانًا تتطور أعراض فقر الدم بسرعة كبيرة مسببةً نوبة انحلال عرضية تتطلب رعاية صحية عاجلة.

من يتأثر بعوز إنزيم G6PD؟

يؤثر عوز G6PD في 400-500 مليون شخص حول العالم، ويشيع عند الذين يعيشون في sub-Saharan أفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط وجنوب شرق آسيا.

يقدر مزودو الرعاية الصحية عدد المصابين بالعوز من العرق الأسود في الولايات المتحدة 10% من الرجال، وعمومًا، فإن 4-7% من السكان في الولايات المتحدة لديهم هذا الاضطراب الوراثي، و30% من المولودين حديثًا الذين يعانون يرقانًا حادًا لديهم عوز G6PD.

إن نسبة الإناث المصابات بالعوز أقل من الذكور.

ما الذي يسبب عوز G6PD؟

يحدث العوز عندما تحدث تغيرات أو طفرات في جين G6PD. يسمي الأطباء إنزيم G6PD المدبر المنزلي لأنه يحافظ على صحة الكريات الحمر ويحميها من المواد السامة التي توجد في الدم، لذا فالتواجد غير الكافي للإنزيم قد يسبب حالات مهددة للحياة وذلك للأسباب التالية:

  •  تعيد الكريات الحمر بشكل طبيعي ملء مخازنها من إنزيم G6PD، لكن وبسبب عوز الإنزيم لا تُملأ تلك المخازن، فتصبح الكرية الحمراء غير محمية من عوامل الإجهاد التأكسدي.
  •  يحدث الإجهاد التأكسدي عندما لا يستطيع نظام الدفاع ضد المؤكسدات السيطرة على الجذور الحرة (تعرف أحيانًا بأنواع الأكسجين التفاعلي).

تعد مضادات الأكسدة مواد طبيعية توجد في الأطعمة التي نتناولها مثل الفيتامينات والأملاح المعدنية، أما الجذور الحرة تتشكل من العمليات الطبيعية التي تجري داخل الجسم مثل التنفس والعوامل البيئية مثل دخان السجائر.

  •  تعدل مضادات الأكسدة الجذور الحرة وتصلح الضرر الذي تسببه، لكن عندما لا تستطيع المضادات الاستمرار بعملها تتراكم الجذور الحرة، ما يفضي إلى زيادة الضغط على الكريات الحمر والأجزاء الأخرى من الجسم.
  •  تزيد العوامل الخارجية الأخرى مثل الإنتانات وبعض أنواع الطعام والأدوية الشدة، وتعرف تلك العوامل بالمحفزات لأنها تزيد أذية الكرية الحمراء.
  •  تتكسر الكريات الحمر وتموت قبل أن يجددها الجسم، فيحدث فقر دم انحلالي.

ما العوامل التي تحفز الانحلال والحالات الأخرى المرتبطة بعوز G6PD؟

يعد تناول الفول أشيع المحفزات لحدوث عوز G6PD وفقًا للأبحاث، وتتضمن الأخرى ما يلي:

  •  الإنتانات مثل التهاب الكبد A وB والحمى التيفية وذات الرئة.
  •  أدوية معينة لعلاج الملاريا مثل بريماكوين.
  •  بعض المضادات الحيوية مثل نتروفيورنتين ودابسون وأدوية السلفا.
  •  الأسبرين.
  •  أطعمة معينة مثل فول الصويا والفستق والبازلاء والأطعمة التي تحوي أصبغة صناعية.
  •  الشدة العاطفية.

يؤثر عوز G6PD في الأشخاص بشكل مختلف، فلا يعاني كل شخص عنده حالة وراثية نفس رد الفعل.

تجب استشارة الطبيب بعد تشخيص عوز G6PD لإجراء اختبار جيني لتحديد الطفرة الجينية النوعية لعوز G6PD إذ يقدم نصائح لتجنب أعراض العوز الشديد.

لماذا احتمالية إصابة الذكور بعوز G6PD أكثر من الإناث؟

يعد العوز من الأمراض الموروثة المتنحية المرتبطة بالصبغي X ما يعني أن:

  •  الذكور أكثر احتمالية للإصابة بالعوز لأنهم يملكون صبغي X واحد، ما يزيد احتمال مرور الجين الطافر إلى الذكر.
  •  النساء أقل احتمالًا للإصابة لامتلاكهن صبغيي X، ما يزيد احتمال مرور الجين الطبيعي بدلًا من الطافر.
  •  معظم الإناث يستطعن حمل الجين الطافر بدون أن يكن مصابات بالعوز، لكن بعضهن الآخر قد يصبن إذا امتلكن نسخة أو اثنتين من جين G6PD الطافر.

لدى الإناث اللاتي يملكن جين طافر واحد نشاط منخفض للـ G6PD ، ومخاطر أقل لتطور الأعراض.

ما أعراض عوز G6PD؟

يحدث عند بعض المصابين هجمات انحلال دم تسبب الأعراض أو الحالات التالية:

  •  فقر الدم: يعاني بعض المرضى فقر دم شديد يعرف بفقر الدم الانحلالي الحاد.
  •  اليرقان: عندما يتحول لون الجلد للأصفر.
  •  تغير لون البول إلى الغامق.
  •  التعب.
  •  شحوب أكثر من المعتاد.
  •  تسرع ضربات القلب.
  •  قصر نفس.
  •  ضخامة الطحال.

ما أعراض نوبة الانحلال الدموي؟

تشابه أعراضها أعراض فقر الدم لكنها تتطور بسرعة، وتتضمن:

  •  ارتفاعًا مفاجئًا في درجة حرارة الجسم.
  •  تغير لون الجلد إلى الأصفر أو ازدياد الشحوب أكثر من المعتاد.
  •  يصبح لون البول غامقًا بين الأصفر والبرتقالي.
  •  تنفس سريع وثقيل.
  •  نبض ضعيف وسريع.
  •  شعور بالإرهاق وبحالة غير جيدة.

أعراض عوز G6PD الشائعة عند حديثي الولادة

نادرًا ما تحدث عند الرضع أعراض ملحوظة وخطيرة لحالة عوز G6PD، إذ يعد اليرقان الشديد أشيع تلك الأعراض، ويظهر في أول 24 ساعة بعد الولادة، أو يكون مستوى البيليروبين أكبر من 95%.

قد تحدث أذية دماغية عند الحالات غير المعالجة والأطفال الذين يعانون يرقانًا شديدًا.

تشخيص عوز G6PD

يبدأ الطبيب التشخيص بأخذ التاريخ المرضي كاملًا من المريض، إذ يسأل عن تغيير الأدوية مؤخرًا أو الإصابة بإنتان، وعن ظهور علامات عوز G6PD عند أي فرد آخر من عائلته.

ما الاختبارات التي يلجأ إليها الطبيب لتشخيص عوز G6PD؟

يركز الطبيب على خلايا الدم، ويقوم ببعض الاختبارات لاستبعاد الحالات الأخرى. إن إجراء اختبار نازعة هيدروجين اللاكتات (LDH) للبحث عن علامات لمفوما سرطان الدم لا يعني الإصابة باللمفوما.

تتضمن الاختبارات الأخرى المستخدمة ما يلي:

  •  تعداد دم كامل (CBC) :يساعد الطبيب على تحديد الأمراض وتشخيصها.
  •  مستويات البيليروبين: يعد اختبارًا دمويًا.
  •  تعداد الخلايا الشبكية: يقيس هذا الاختبار الدموي خلايا الدم الفتية للتأكد من أن نقي العظم ينتج خلايا دم حمر كافية.
  •  أمينوترانسفيراز المصل: يقيس هذا الاختبار إنزيم أمينوترانسفيراز الذي ينتجه الكبد.
  •  لطاخة الدم المحيطية: يقيم بواسطتها تغيرات عدد كريات الدم وشكلها وحجمها.

كيف تُعالج حالات عوز G6PD؟

يستخدم الأطباء علاجات مختلفة تبعًا لحالة المريض، فعلى سبيل المثال عند حدوث يرقان بسيط عند مصاب عوز G6PD، يعالج الطبيب أعراض اليرقان ويخبر المريض عن الأطعمة والمحفزات التي يجب تجنبها.

تحدث عند بعض المرضى وحديثي الولادة أعراض شديدة مثل الانحلال الدموي تتطلب نقل دم.

يُعالج اليرقان أحيانًا بالعلاج الضوئي الطبيعي أو الصناعي.

قد يلجأ الطبيب في الحالات الخطيرة إلى تغيير الدم، وفيه يُستبدل الدم المتأذي للطفل بدم متبرع صحي.

الوقاية من عوز G6PD

لا يمكن منع حدوث العوز لأنه اضطراب وراثي، لذلك ينبغي معرفة التاريخ الطبي لعائلة المريض، فإذا كان لدى أحد أفرادها عوز G6PD ينصح الطبيب بإجراء مسح وراثي.

هل عوز G6PD حالة مهددة للحياة؟

قد يكون العوز مهددًا للحياة، لكن غالبية المصابين لا تحدث عندهم أعراض.

هل يُشفى من الإصابة بعوز G6PD؟

لا يمكن الشفاء من الإصابة لأنها اضطراب وراثي، لكن يمكن تجنب المحفزات وتجنب سلسلة الأحداث التي تسبب أعراض العوز.

تجب استشارة الطبيب لمعرفة الأدوية والأطعمة التي يجب تجنبها، وفيما يلي بعض النصائح:

  •  لا يجوز الإكثار من تناول الكحول، لأن الكميات المفرطة منه تزيد الإجهاد التأكسدي، ما يسبب انحلالًا دمويًا.
  • يجب على المدخنين التوقف عنه، فالتدخين يضعف جهاز المناعة ويشجع وجود الجذور الحرة.
  •  تُعد الرياضة عادة صحية لكن لا يجب الإفراط فيها، لأنها قد تُؤدي إلى زيادة الجذور الحرة في الجسم.
  •  ينبغي أخذ قسط كافٍ من الراحة، فالنوم يعزز جهاز المناعة لمواجهة الإنتانات التي تحفز حدوث عوز G6PD.
  •  قد تحفز الشدة النفسية حدوث أعراض عوز G6PD، لذا تجب استشارة الطبيب للسيطرة على القلق والتوتر.

متى تجب مراجعة الطبيب؟

تجب مراجعة الطبيب في أي وقت تتطور فيه أعراض عوز G6PD، وطلب الرعاية الصحية العاجلة عند التطور السريع للأعراض.

خاتمة

قد يكون المرضى الذين شُخص عندهم عوز G6PD على علم بأن معظم الأشخاص المصابين بالعوز لا يعانون أي أعراض، لكن قد يكون بعض الناس الذي لديهم رضع مصابون بالعوز قلقين حول ما سيؤول إليه المرض مستقبلًا.

لا يمكن علاج عوز G6PD، لكن يمكن تدبير أعراضه، وينبغي على المريض أن يعتني بنفسه هو الآخر، ويتجنب الأطعمة والأدوية وينمي عادات صحية، مثل الاعتدال في شرب الكحول وأخذ قسط كافٍ من الراحة وممارسة التمارين الرياضية، والامتناع عن التدخين.

بالإمكان الاعتناء بالرضيع بواسطة مراقبة أعراض اليرقان الذي يعد علامة على عوز G6PD.

تجب استشارة الطبيب حول كيفية التعامل مع تأثير العوز على الحياة اليومية.

اقرأ أيضًا:

فقر الدم ( الأنيميا ) الأسباب و الأعراض و العلاج

كيف تتفادى فقر الدم (الأنيميا) وترفع من عدد كريات دمك الحمراء؟

ترجمة: هادي سلمان قاجو

تدقيق: جعفر الجزيري

المصدر