مُنحت جائزة نوبل للفيزياء يوم الثلاثاء لثلاثة علماء لأبحاثهم في الأتوثانية، وهي فترة زمنية قصيرة لدرجة لا يمكن تصورها. قال الخبراء لوكالة فرانس برس أن عملهم باستخدام الليزر يمنح العلماء أداةً لمراقبة الإلكترونات وربما معالجتها، ما قد يؤدي إلى تحقيق إنجازات في مجالات مثل الإلكترونيات والكيمياء.

ما سرعة الأتوثانية؟

تُمثِّل الأتوثانية جزءًا من مليار مليار جزء من الثانية، ولإعطاء فكرة بسيطة عن الأمر، يوجد عدد من الأتوثانية في الثانية الواحدة يعادل عدد الثواني في تاريخ الكون البالغ 13.8 مليار سنة.

قال هانز جاكوب فورنر -الباحث في الجامعة السويسرية ETH في زيوريخ، لوكالة فرانس برس إن الأتوثانية هي أقصر نطاق زمني يمكننا قياسه مباشرةً.

لماذا نحتاج إلى مثل هذه السرعة؟

إن القدرة على العمل ضمن هذا المقياس الزمني أمر مهم لأنها السرعات التي تعمل بها الإلكترونات. مثلًا، يستغرق الإلكترون 150 أتوثانية للدوران حول نواة ذرة الهيدروجين، ويعني هذا أن دراسة الأتوثانية أتاحت للعلماء الوصول إلى عملية أساسية كانت بعيدة المنال في السابق.

قال فورنر أن حركة الإلكترونات تتوسط جميع الأجهزة الإلكترونية، والحد الأقصى للسرعة الحالي هو النانو ثانية، وأضاف أنه إذا استُخدِمَت الأتوثانية في المعالجات الدقيقة، سنتمكن من معالجة المعلومات أسرع بمليار مرة.

كيف يمكننا قياسها؟

كانت الفيزيائية الفرنسية-السويدية آن لوييه من الفائزين الثلاثة بجائزة نوبل، وأول من اكتشف وسيلةً لاستكشاف عالم الأتوثانية. تتضمن هذه الوسيلة استخدام ليزرات ذات قوة عالية لإنتاج نبضات ضوء لفترات قصيرة جدًا.

قال فرانك ليبين -الباحث في معهد الضوء والمادة الفرنسي الذي عمل مع لولييه لوكالة فرانس برس، إن الأمر يشبه «سينما أُنشِئَت للإلكترونات».

قال جون تيش، أستاذ فيزياء الليزر في كلية لندن الإمبراطورية: «يشبه الأمر جهاز نبض ضوئي سريع بصورة لا تصدق، يمكننا بعد ذلك تسليط الضوء على المواد للحصول على معلومات حول استجابتها في هذا النطاق الزمني».

أقصر زمن يمكننا الوصول إليه:

كان الفائزون الثلاثة يحملون في وقت ما الرقم القياسي لأقصر نبضة ضوء. تمكن فريق العالم الفرنسي بيير أغوستيني في عام 2001 من إطلاق نبضة ضوء استمرت مدة 250 أتوثانية، وتفوق فريق لوييه هذا بنبضة ضوء استمرت مدة 170 أتوثانية في عام 2003.

وصل الفيزيائي المجري النمساوي فيرنتس كراوس في عام 2008، إلى نصف هذا الرقم تقريبًا بنبضة ضوء استمرت مدة 80 أتوثانية.

الفريق الذي يحمل حاليًّا الرقم القياسي في موسوعة جينيس لأقصر نبضة ضوء هو فريق فورنر، بفترة زمنية تبلغ 43 أتوثانية.

وفقًا إلى تقديرات فورنر، قد تقل الفترة الزمنية إلى عدة أتوثانية باستخدام التكنولوجيا الحالية، ولكنه سيكون تحديًا كبيرًا.

ماذا يخبِّئ المستقبل؟

يقول الخبراء إن التقنيات التي تستخدم الأتوثانية لم تنتشر بصورة كبيرٍة بعد، لكن لها مستقبلًا مشرقًا، ولم يتمكن العلماء حتى الآن من استخدام الأتوثانية إلا لمراقبة الإلكترونات.

قال فورنر: «لكن ما لم نتمكن منه بعد أو بدأ للتو يصبح ممكنًا، هو التحكم في الإلكترونات والتلاعب بحركتها»، قد يؤدي هذا إلى إنتاج أجهزة إلكترونية أسرع بكثير، وحتى إلى ثورة في علم الكيمياء.

وتابع قائلًا: «لن نقتصرعلى ما تفعله الجزيئات بصورة طبيعية، بل يمكننا بدلًا من ذلك تصميمها وفق الحاجة».

أضاف أن ما يُعرف بـ «الأتو كيمياء» قد يؤدي إلى صنع خلايا شمسية أكثر كفاءةً أو حتى استخدام طاقة الضوء لإنتاج وقود نظيف.

نُشِرَ هذا المقال في وكالة فرانس برس.

اقرأ أيضًا:

جائزة نوبل في الفيزياء من نصيب باحثين عملوا على التشابك الكمي بين الفوتونات

في لحظة حرجة من تاريخ العالم، مهندسو المناخ يفوزون بجائزة نوبل في الفيزياء

ترجمة: محمد فواز السيد

تدقيق: ميرڤت الضاهر

المصدر