قال باحثون دوليون في تقرير جديد منشور إن المقاومة الوراثية ضد عدوى كوفيد-19 المستجد سارس-كوف-2 تشكل مصدرًا غير مستغل سابقًا في الصراع ضد الفيروس.

عُرفت المقاومة الوراثية الطبيعية تجاه عداوى أخرى؛ مثل عدوى فيروس HIV والنوروفيروس، وتساعد معرفة هذه الخاصية على فهم فيروس سارس-كوف-2 وتطوير علاجات ولقاحات ناجعة له.

نُشرت بتاريخ 18 أكتوبر وجهة نظر معرفية حول العوامل التي تؤثر على قابلية الفرد للتعرض إلى عدوى شديدة، وكذلك العوامل الأخرى التي تعطي مقاومة فطرية.

قدم الفريق أهدافًا عدة للبحث المستقبلي، وزود بتفاصيل استراتيجية شاملة حول كيفية إجراء هذا البحث. وبعد 22 شهرًا من بداية جائحة كوفيد-19 أصبح واضحًا أن العدوى متنوعة جدًا بين المرضى، متراوحة بين غياب الأعراض إلى إصابات مهددة للحياة مع درجات متفاوتة بينهما، بعضهم عانى إصابة معتدلة، وبعضهم احتاج إلى استشفاء، وبعضهم استمرت معاناته لأشهر بعد العدوى. إضافةً إلى ذلك تصل معدلات الإصابة بالعدوى بين الناس سريعي التأثر ضمن مجموعة معينة 70% في بعض الأسر، ويوجد تقارير عدة حول الأفراد المقاومين للعدوى على الرغم من إصابة باقي أفراد عائلتهم.

اقترح مؤلفو الدراسة الجديدة إمكانية تفسير المتغيرات السريرية لكوفيد-19 ونتائجه الخبيثة بالعوامل الوراثية.

قال مؤلف الدراسة الدكتور أندراس ن سبان لموقع IFLScience: «نحاول من خلال دراستنا حل لغز مثير للإعجاب يتعلق بالذين لم يصابوا بفيروس سارس كوف-2 على الرغم من التعرض المتكرر والمكثف للفيروس، ونعتقد أن هذه الحالات وراثية، وبعلم الوراثة البشرية سنتمكن من حل هذا اللغز».

يعد التأهب الطبيعي للفيروس أول الأسباب الوراثية التي أخذها الباحثون في الحسبان، فمثلًا ارتبط النقص في جزيئات الإنترفيرون النمط الأول (IFNs)، التي تعد بروتينات مهمة في الاستجابة المناعية ضد الإصابة الفيروسية بـ 20% من حالات كوفيد-19 الحرجة، لذا لم يكن مفاجئًا ارتباط حالات الإصابة الشديدة بالأخطاء الوراثية في جينات تلك البروتينات، فقد لاحظ الباحثون أخطاءً في ثمانية مواقع لاثنين من جينات الإنترفيرون النمط الأول عند 23 حالة حرجة بكوفيد-19.

وجدت دراسات لاحقة أن أكثر من 10% من الإصابات الحرجة بكوفيد-19 لديهم أضداد مناعية ذاتية ضد النمط الأول للإنترفيرون، واقترحت أن النقص في البروتينات يزيد من فرصة تعرض المرء للعدوى.

توجد مقاومة فطرية تجاه ثلاثة عوامل ممرضة فقط معروفة حاليًا، وهي المتصورات النشيطة وفيروس HIV1 والنوروفيروس، لكن تعاني جميع آليات المقاومة تلك نقصًا في المستقبلات تستغله العوامل الممرضة للدخول إلى خلايا المضيف.

تؤدي مجموعة الزمر الدموية ABO دورًا مباشرًا في العدوى بفيروس سارس كوف-2، إذ تعمل مستقبلات للفيروس على سطح الخلايا، ويقترح المؤلفون أن أصحاب الزمرة الدموية O أكثر مقاومة بعض الشيء تجاه الممرضات.

درس المؤلفون أيضًا جينات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 (ACE2) التي تؤدي دورًا مهمًا في مقاومة فيروس كوفيد-19. يستخدم الفيروس هذه المستقبلات للدخول إلى الخلايا، فعبر حدوث طفرة نادرة في تلك الجينات سيقل التعبير عن مستقبلات (ACE2)، ما يحمي من الإصابة بالعدوى، بينما الأشكال المختلفة من المستقبل ترتبط فيها أشواك الفيروس بإلفات مختلفة.

يقول الباحثون إن بروتينًا آخر يعرف بـ TMEM41B يعد مهمًا لدخول فيروسات فلافي -عائلة من الفيروسات تتضمن حمى الضنك والحمى الصفراء وفيروس زيكا- إلى داخل الخلايا يساعد على فهم الإصابة بفيروس سارس-كوف-2، وتأثيره لم يؤكد بعد، لكنه يُعرف بأنه أحد متطلبات العدوى بالفيروس.

في الدراسات على فيروسات الفلافي وجد أليل شائع في شرق وجنوب آسيا ارتبط بإنقاص قدرة فيروسات الفلافي على العدوى.

اقترح المؤلفون أربع استراتيجيات من أجل اختبار أهداف المقاومة المحتملة. بدايةً يجب التركيز على الأفراد غير المصابين بالعدوى في العائلة نفسها؛ مثل الذين يعانون أعراض الإصابة بكوفيد-19، ثم الانتقال بعد ذلك إلى الأفراد الذين تعرضوا للفيروس دون استخدام وسائل الوقاية، ثم أولئك أصحاب الاختبار السلبي PCR، الذين أُجريت لهم اختبارات مصلية بعد التعرض، وأخيرًا تجب دراسة استجابة الخلايا التائية (نوع من الخلايا المناعية)، ومقارنتها مع الاستجابة عند المرضى المصابين بالعدوى.

يعمل الفريق حاليًا على تجنيد متطوعين لإجراء دراسة مقاومة مخصصة، وسجل حتى الآن 400 شخص.

يأمل الفريق أن تساهم نتائج الدراسة في تطوير علاجات جديدة لفيروس كوفيد-19، وفي حديثه لموقع IFLScience عن ذلك قال سبان: «ستمهد دراستنا الطريق لتطوير أدوية جديدة توقف عدوى سارس كوف2».

وأضاف: «مكّنت المتغيرات الفيروسية الفيروس من الهروب جزئيًا من جهاز المناعة، وتشير تلك المتغيرات إلى احتمال بقاء الفيروس مشكلةً صحيةً عالميةً لسنوات، وبسبب نقص الأدوية النوعية والفعالة لعلاج العدوى بالفيروس، توجد حاجة ملحة للعثور على آليات المقاومة الوراثية ضد عدوى كوفيد-19».

اقرأ أيضًا:

لقاح جديد ضد كوفيد-19 يؤخذ بالأنف يدخل مرحلة الاختبارات

ما مدة المناعة المكتسبة بعد الشفاء من فيروس كورونا ؟

ترجمة: هادي سلمان قاجو

تدقيق: إيناس خير الدين

المصدر