يتفق الجميع على أن القرحات الفموية مصدر للإزعاج، لكن ما العوامل التي تزيد من تعرض الشخص للإصابة بقرحة البرد؟

قرحة البرد شائعة جدًا، وتظهر لدى حاملي فيروس الحلأ البسيط. نحو ثلاثة مليارات شخص حول العالم يحملون فيروس الحلأ، على هذا فإن نسبة كبيرة منهم معرضون لتجربة الحس الواخز الذي يسبق ظهور القرحة. مع أننا نعلم الفيروس المسبب، فهل يوجد احتمال لوجود سبب وراثي؟

بدايةً، ما قرحة البرد؟

القرحة هي نفطات مملوءة بسائل تظهر على الوجه، غالبًا حول الشفتين. يشعر المريض بحس واخز مؤلم، ثم لا تلبث الحويصلات أن تتجمع لتتكون بثرة، تنفجر تاركة مكانها بثرة متقشرة، تختفي خلال عشرة أيام.

قرحة البرد غير خطيرة عادةً لكنها معدية جدًا، لذا يُفضل الامتناع عن:

  •  التقبيل، خصوصًا تقبيل الأطفال الرضع، لوجود احتمالية كبيرة لنقل الفيروس وإصابتهم بمرض مهدد للحياة بسبب عدم اكتمال جهازهم المناعي.
  •  الجنس الفموي.
  •  ملامسة المنطقة إلى حين الشفاء، وفي حال الملامسة يجب الغسل الجيد والتطهير.

الفيروس سريع الانتشار رغم المحاولات الاحترازية لمنع العدوى.

ما أسباب قرحة البرد؟

فيروس الحلأ البسيط هو العامل المسبب الرئيسي للإصابة بالقرحة. يبقى هذا الفيروس هاجعًا -أي في طور غير مُمرِض- داخل الخلايا العصبية، وينشط حال التعرض لعامل مسبب.

تتنوع العوامل المسببة لتنشيط الفيروس، العوامل الأكثر شيوعًا هي:

  •  الأمراض والإصابات والجراحات.
  •  ضعف الجهاز المناعي، أو تثبيطه بالمعالجة الدوائية، مثل العلاج الكيماوي للسرطان.
  •  التعرض لأشعة الشمس.
  • التعب والإرهاق.
  •  الطمث.

من الغريب أن قرحة البرد لا تظهر لدى جميع حاملي فيروس الحلأ، ما يطرح التساؤل عن دور الجينات في ظهور القرحة.

هل قرحة البرد جينية المنشأ؟

للعامل الجيني دور في ظهور قرحة البرد، لكنها ليست مثل الأمراض الوراثية التي تنتقل فيها المورثات من جيل إلى آخر عبر الأبوين، مثل التليف الكيسي والهيموفيليا.

أشارت الأبحاث إلى أن الأشخاص المصابين بقرحات البرد الناكسة لديهم استعداد وراثي يؤثر في تعامل جهازهم المناعي مع فيروس الحلأ.

جاء في ورقة بحثية منشورة عام 2008: «تشير البيانات إلى أن الجين الخاص ببروتين يُسمى أبوليبوبروتين، مرتبط بزيادة خطر التعرض لقرح البرد، من الجدير بالذكر أن البروتين ذاته له صلة بمرض ألزهايمر».

عام 2013، حدد الباحثون العديد من المورثات التي تجعل الجهاز المناعي أكثر قدرة على مقاومة فيروس الحلأ. كانت إحدى المورثات طافرة في المرضى الذين يعانون قرحات البرد.

عام 2014، وصفت دراسة أخرى مورثة سُميت مورثة الحساسية لقرحات البرد. قد تؤثر الاختلافات الطفيفة في تسلسل هذا الجين في مدى تعرض الشخص للإصابة بقرحة البرد الناكسة، عند إصابته بفيروس الحلأ البسيط.

في دراسة أخرى، درس الباحثون منشأ الإصابة بفيروس الحلأ البسيط، ووضعوا فرضية أن الفيروس يرجع نشاطه إلى عهد بدء البشر بالتقبيل.

قالت الباحثة كريستيانا شيب: «منذ نحو خمسة آلاف عام، تفوقت إحدى سلالات فيروس الحلأ على نحو مفاجئ على سائر السلالات، ربما بسبب الزيادة في عمليات الانتقال المرتبطة بالتقبيل».

تعود أول قبلة مدونة في تاريخ البشرية إلى 4500 عام مضى، لكن لا نستطيع الجزم بأن أسلافنا لم يعرفوا القبلات قبل ذلك.

في مقال حول تاريخ التقبيل نُشر عام 2023، كتب الباحثون: «أظهرت الأبحاث على قردة الشمبانزي والبونوبو، بوصفها الكائنات الأقرب شبهًا بالبشر، أن النوعين يمارسان فعل التقبيل».

تفترض دراسة أخرى أن عدم مقاومة اللوزتين للفيروس هو سبب ما نعانيه اليوم من قرحات برد.

حقيقة أننا جميعًا معرضون للإصابة بقرحات البرد هي أمر مزعج وغير مريح، خصوصًا من يتعرضون لنكس الحالة كل فترة، وعليهم تحمل الألم و الانزعاج دائمًا. يفترض العلماء من خلال ملاحظاتهم الدور المحتمل للجينات في الاستعداد لنكس الحالة.

اقرأ أيضًا:

العقبول الفموي: الأسباب والأعراض والتشخيص والعلاج

هل يمكن أن يتسبب التقبيل بعدوى الأمراض المنقولة بالجنس؟

ترجمة: حنان أحمد

تدقيق: أكرم محيي الدين

مراجعة: هادية أحمد زكي

المصدر